الرئيس الشهيد اختار طريق الذود عن حياض الوطن فنال كرامة الشهادة
عبدالجبار الحاج
في واحدة من جرائم المخابرات الأمريكية وأدواتها في المنطقة كما مورست في كل مناطق العالم . تلك الجرائم التي تستهدف الرؤساء والقادة وشتان لديها في ظروف الحرب والسلم والانقلابات الدموية وفي جريمة ضربت عرض الحائط بأعراف وقوانين دولية تجرم استهداف مواكب الرؤساء أكان في ظرف حرب او سلم .
شكلت جريمة استهداف واغتيال الشهيد الصماد يوم الـ 19 من شهر ابريل في مدينة الحديدة عبر عملية إجرامية نفذها الطيران العدواني الأمريكي ، تلك الجريمة وضعت الشهيد في مصاف الرؤساء والقادة الشهداء في اليمن وفي العالم المناهضين للهيمنة العالمية ونالها مع مرتبة من مراتب الشرف ، نالها الشهيد اذ كانت الشهادة وميدان الاستشهاد وهو يتقدم الصفوف في مختلف الجبهات قناعة واختيار ما منها مفر .
في بحر يموج بالقضايا الوطنية والشعبية الكبرى وفي خضم هائل من المتناقضات من قضايا الثورة منذ 2011 وتموجاتها الممتدة حتى 21 سبتمبر 2014م إلى موضوعات التسويات ومن مفاهيم الشراكة السياسية إلى مفهوم المشاركة الشعبية ومن قضايا الظلم إلى قضايا العدالة الاجتماعية . ومن قضايا العدوان والاحتلال والارتهان إلى مهمات تحرير الأرض والتحرر من التبعية السياسية .
وسط هذا البحر من المتناقضات حاول الرئيس الصماد صادقا وفي هذا المنحى كان الصماد هدفا للنقد وفي جزء من هذا النقد استحالة الجمع بين هكذا متناقضات .
بيد ان الشهيد ثابر وجاهد محاولا الجمع والتوفيق .
تعرفت على الشهيد الرئيس في لقاء جمعنا واياه على مادبة غداء في احد المنازل وكنت يومها في لقاء عمل سياسي مع الصديق والزميل حميد رزق ولم تكن طبيعة اللقاء السريع كافية لمناقشة بعض القضايا وظننت ان المنزل الذي جمعنا يومها ملكا دون ان اسأل .. حتى عرفت بعد استشهاده بان الرجل لا يملك بيتا او شقة هي من الحقوق الاجتماعية التي انا شخصيا اتبناها كحق لكل إنسان على الدولة فكيف بالرئيس ..هذا الأمر ترك للشهيد في نفسي صورة جليلة عظيمة لم تكن قد تكونت بعد .. ثم انني اجللت الرجل اثناء حياته انني لم أتعرض لاذى منه او بسبب مقالاتي التي توجه نقدا حادا منذ تشكل المجلس السياسي وهي انتقادات تعبر عن موقفي من المجلس السياسي ككل وعن قناعتي المسبقة بماهية التحالف السياسي بين الأنصار والمؤتمر وهي التي كنت أراها كصيغة بعيدة عن التحقق بسبب من ارتباطات سرية وعلنية بين المؤتمر او رئيسه حينها بدول العدوان وعدم صدقيته في مناهضة العدوان
فمن هو الشهيد الرئيس في موجز تجربته وخبرته وصفاته وسجاياه :
– من القيادات الاصيلة التحق بحركة أنصار الله منذ بدايتها ونظرا لشخصيته الفذة متعددة الاهتمامات امسك بعدد من الملفات المتنوعة والهامة.
– واذ تركز نشاطه في البداية على الجانب التثقيفي والاجتماعي وبعد الحربين الثالثة والرابعة في سلسلة حروب صعدة تحول إلى العمل الميداني ..
-وفي الحرب الخامسة تولى جبهة بني معاذ, وبعد السادسة كان المشرف العام لمحور صعدة الذي تضم صعده المدينة وسحار وبني معاذ والطلح والحمزات وتولى دور المشرف الثقافي العام للمسيرة القرآنية.
-اسندت إليه مهمة استقبال الوفود القادمة إلى صعدة من مختلف المحافظات بعد السادسة وكان له دور جوهري في الحشد والتعبئة اذ يمتلك مهارات خطابية مؤثرة وقدرة على الإقناع والتأثير على الجماهير
وفى الملف السياسي رغم ان أنصار الله في تلك الفترة لم يكونوا قد دخلوا المشهد السياسي اليمني رسميا فان الرئيس الشهيد صالح على الصماد لم يكن بعيدا عن هذا المجال اذ انه بعد السادسة كان من أهم المشاركين في ملف المفاوضات بين أنصار الله والسلطة حين استقبال الوساطة التي جاءت إلى صعدة برئاسة صادق الأحمر كما حمل أكثر من رسالة من السيد عبد الملك الحوثي إلى الرئيس حينها على صالح وفى اللقاء مع صالح تحدث معه بقوة وشجاعة ومنطق لفت نظر صالح مما دفعه إلى دعوة مجلس الدفاع الوطني للقاء مع الصماد وفى بداية اللقاء تحدث معهم مطولا عن مخاطر تخدم التوجه الأمريكي على امن واستقرار ووحدة اليمن .
امتاز الرئيس الشهيد بالخصائص والمهارات القيادية اللازمة للقيادة الفاعلة والقيادة الناجحة القادرة على توظيف واستثمار الموارد البشرية والمادية وتوجيهها نحو تحقيق أهدافها من نشاط وفاعلية وايجابية و قدرة على التأثير و مهارات خطابية فائقة في التواصل مع الجمهور وإقناعهم وتحريكهم والهامهم كما يمتاز في شخصيته وأدائه اليومي ببساطته وبحضور العلاقات الإنسانية مع مرؤوسيه بتوطيد وتجسير علاقته بهم بطريقة لا تقوم على القاء التوجيهات والارغام والتسلط وفى كل المهام التي تولاها كان يحظى باحترام وثقة مرؤوسيه ويستطيع دفعهم بحماس ورغبة للعمل
كما كان من الشخصيات التوافقية القادرة على اكتساب احترام وثقة الأطراف الأخرى
.هناك قيادات تحظى باحترام وثقة الحركة او الحزب او التنظيم الذي ينتمون إليه ،لكن وقيادات نادرة التي تستطيع اكتساب احترام وثقة الأطراف الأخرى .
هكذا اوجزت هنا ما اوجزه وتحدث عنه رفاقه القريبين منه طوال مرحلة مخاضهم العصيب . فبحسب تعبير رفيقيه الأستاذ عبدالملك العجري وضيف الله الشامي عضوا المجلس السياسي لحركة أنصار الله .
جمع بشكل خلاق في شخصيته بين الالتزام الايدلوجي والواقعية السياسية او الموازنة بين استحقاقاتها دون ان يضطر للإطاحة بإحداهما في سبيل الأخرى ..
منذ توليه في منتصف أغسطس وفي منتصف العام الثاني للعدوان السعودي الإماراتي الرباعي عام 2016 منصب رئاسة المجلس السياسي الأعلى الذي مثل محاولة لإيجاد إطار تحالفي يجمع بين أنصار الله والمؤتمر الشعبي العام ..
غير ان توجهات ومفاعيل الثورة اليمنية الشعبية التي اندلعت في فبراير عام 2011 التي كان الأنصار جزء منها وتحولت بفعل تمكن أحزاب المشترك من احتوائها وتفريغها من مضمونها الشعبي السلمي وطابعها الاجتماعي الاقتصادي الشامل وتمكن حزب الاصلاح الاخواتي وحلفائه العسكريين والجماعات المتطرفة مثال نموذجي علي محسن والزانداني فقد تمكنوا من استدراج الثورة من خيارها الشعبي السلمي إلى فخ الملشنة والعسكرة وبالتالي إيجاد واقع يبرر مجددا إعادة اليمن إلى كنف الرجعية العربية في منطقة شبه الجزيرة ومن ثم تسليم مصير الشعب والوطن والقرار مجددا إلى السعودية من خلال
ما اسمي بالمبادرة الخليجية ..
ثم اذا اضفنا إلى ذلك تراكمات نتاجات تاريخ الصراع والحروب الستة الدامية بحق عموم أبناء صعدة وهي إلى يوم إعلان المجلس السياسي لم تكن قد القت باثقالها واوجاعها او تخففت منها .
وفي ظل سنوات العدوان لم يكن رأس النظام الذي حاول الصماد ان يجعل منه شريكا او حليفا وهو الراس الذي حكم اليمن باسم المؤتمر الشعبي لعقود أربعة متحالفا لمحطات طويلة منها مع الاخوان لم يكن تحت يافطة رفض العدوان قد تخلى في حقيقة الأمر وجوهر السلوك الخفي عن ارتباطاته وولائاته لتلك الانظمة التي تقود الحرب الظالمة وقد ظلت العلاقة بين راس ورئيس المؤتمر وان بإشكال سرية تكشف أجزاء من خفاياها لاحقا .
كل هذا كان يشكل موروثا على الرغم من كل جهد وصدق في أدارة العلاقة بين الشريكين من قبل الرئيس الشهيد ورغم المثابرة في محاولة ان يمايز بين كونه قيادي في أنصار الله وبين صفته كرجل دولة ورئيس اعلى سلطة في البلد.
الا انه مهما كانت قدرات الرئيس الصماد ففي هذا الاتجاه والتوجه والتاريخ السياسي لراس المؤتمر فانها لم تكم لتقوى على تقطيع حبله الري . فقد ظل شعار الموقف المناهض للعدوان مجرد غطاء إعلامي لاستدرار عواطف الشعب واقتناص الفرصة لخدمة الأسياد من آل سعود وال نهيان واربابهم الأمريكان والانجليز والفرنسيين وهو ما برهنته إحداث صنعاء عقب خطاب صالح يوم 2 ديسمبر وحتى يوم الرابع من ديسمبر التي انتهت بوأد الفتنة سريعا وسقوط رأسها المدبر .