هيبة القضاء تنتصر للعدالة
مطهر يحيى شرف الدين
صدر الحكم بحق قاتل أخته في مجلس قضاء محكمة غرب العاصمة ، وإزاء ذلك فالقضاء وحكم الله والعدالة لا بد أن تأخذ مجراها ، والمجتمع من حول القضية متفاءل بإصدار حكم القصاص بحق الجاني لما حصل من قتل متعمد أمام مرأى الحاضرين في جلسة المحاكمات ، أمام منصة الحكم تم إزهاق روح وسفك دم في مشهد رهيب ملؤه الاستهانة والاستخفاف بقدسية القضاء وهيبته أرعب الحاضرين وكأننا أمام مشهد سينمائي يعكس مدى تجبر الجلاد وإجرامه واستضعاف الضحية كفريسة تم الانقضاض عليها وتصفيتها.
طبعا الجريمة مشهودة وما وراء الخنجر الصغير الأداة التي قتلت المجني عليها أحاديث وأخبار وشائعات تصل إلى مسامع الناس لا يعرف الكثير مدى صحتها من عدمها ومدى اقتناع الناس بالمبررات الواهية وغير المنطقية التي أجازت للقاتل ارتكاب الجريمة ، والحاصل في هذه لواقعة أن هناك جريمة قتل نظيفة وبامتياز بدأت تفاصيلها بالتخطيط والاتفاق والإعداد وتجهيز آلة القتل والنجاح في إخفائها عن أعين حراسة المحكمة والانتظار للضحية ومراقبتها حتى تحين الفرصة لتنفيذ المهمة بفعل غادر وسلوك قبيح ، وذلك ما يكشف ثبوت الإرادة الحرة وإدراك الجاني بما ارتكبه من فعل إجرامي متعمد مع سبق الإصرار والترصد وكذلك حالة الهدوء التي كان عليها الجاني بشهادة من كانوا حاضرين في الواقعة وهذا ما يرتب المسؤولية الجنائية بحق الجاني .
ولذلك ومن خلال مراحل العملية الإجرامية والسلوك والأفعال التي قام بها الجاني فلا يوجد أي عارض من عوارض انتفاء المسؤولية الجنائية ، ولا يوجد أي مبرر ولا منطق يتيح القتل بدافع الانتصار للشرف وبالذات عندما نكون أمام حالة كهذه ارتأت أن تحتمي بالعدالة وتستقوي بحكم الله ، وهل كانت الضحية في مكان مشبوه أو فعل فاضح حتى يتم العبث بسمعتها والنيل من كرامتها وإزهاق روحها ، وهل سيصبح القاتل شريفا والضحية بلا شرف ! وهل أصبحنا نترجم مخلفات الجهل والنزعة الإجرامية إلى عادات وتقاليد وغِيرة ، ولذلك فما لجوؤها للمحكمة إلا لتحقيق هدف سام وهو رغبتها في الزواج باتخاذ الاجراءات القانونية والطبيعية التي تكفل لها حق الزواج, فهناك نصوص قانونية تجيز للقاضي أن يأذن بتزويج من طلبت الزواج إذا ثبت له أن وليها ممتنع عن التزويج بلا مسوغ شرعي ، ولذلك فلا يحق للأب الامتناع عن تزويج ابنته إذا تقدم لها من كان ذا دين وخلق وكفاءة وإذا امتنع عن تزويجها فيحق لها حينئذ أن ترفع أمرها لقاضٍ شرعي ليأمر وليها بتزويجها أو ينقل عنه ولاية النكاح إلى غيره من أوليائها أو يباشر هو نفسه تزويجها ، وعلى كل حال فالجاني تمت إدانته في ما نسب إليه في قرار الاتهام والجريمة مشهودة ووقعت في مكان مقدس ومهيب لا يليق بالحاضرين إلا أن يكونوا ملتزمين بعدم الحديث الجانبي ومنصتين لما يتم في جلسات المحاكمات كونهم أمام العدالة التي تحكم بحكم الله فما بالنا بإراقة دم وجريمة قتل في محراب القضاء هزت الإنسانية ووصل صدى الحدث إلى كل بيت وإلى كل أسرة يمنية و مهما كان هناك من صدور إعفاء من قبل ولي الدم فسيبقى الحق العام الذي يعتبر حق المجتمع كله وليس حق المجني عليه فهو الحق الذي تقتضيه الدولة لان الجاني بارتكابه تلك الجريمة قد أخل بأمن المجتمع واستقراره ، علاوة على ذلك ارتكاب الجريمة في عقر دار المحكمة وفي حضرة القضاء ، وأخيراً فللقضاء القول الفصل وإصدار الحكم المناسب بحق الجاني ، قال تعالى
” ومن يقتل مؤمنا متعمداً فجزاؤه جهنم خالداً فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعد له عذابا عظيما “