بلقيس الحنش –
● تعد جملة (حقوق الإنسان) متداولة في كل وسائلنا الإعلامية المختلفة إضافة إلى كل نشاطنا الحقوقي والسياسي لكن الحقيقة تكاد تكون في خط الصفر فواقع حقوق الإنسان في العالم العربي يشكو كثيرا من الانتهاكات وأغلبها يكمن في الانتهاكات للنشاط السياسي والحقوقي وهذا يؤشر إلى حداثة الديمقراطية كفكر وثقافة ووعي وممارسة وحداثة العمل وفق الحرية المتاحة في العالم أجمع ولوتفحصنا لتقرير منظمة كرامة للعام الماضي لامكننا أن ندرك أننا مازلنا نعاني الكثير في مجال حفظ كرامة وحرية الإنسان في عالمنا العربي ففي تقرير كرامة التي انشئت بسويسرة في2004م والتي تهتم بمساندة ضحايا التعذيب والاعتقال التعسفي والمهددين بالإعدام خارج نطاق القضاء والاختفاء القسري في العالم العربي تقريرها السنوي لعام2012م شملت توصيات عدد من الدول العربية والتي سلط التقرير حالات الانتهاكات التي وقعت فيها وحال حقوق الإنسان فإن أغلب التوصيات التي صدرت منها قد جمع الوطن العربي بتوصيات تتعلق بإتاحة مزيد من الحريات العامة والحقوقية وإتاحة التحقيقات المستقلة والنزيهة وتقصي الحقائق إزاء وقائع الانتهاكات التي تصدر من تلك الدول فيما تميزت سلبا بعض دول العربية بعدم التوقيع على بعض القوانين الخاصة بحقوق الإنسان والاتفاقيات الدولية الخاصة بحقوق الإنسان.
وكون اليمن جزاءٍ من الوطن العربي والذي شملهم التقرير فقد أشارت كرامة إلى ان اليمن سجلت خلال العام 2011م عدداٍ من الانتهاكات الجسيمة كما وصفتها والتي وقعت خلال الثورة الشعبية إضافة إلى الهجمات عبر طائرات الدرونز الأمريكية (طائرة بدون طيار ) التي خلفت العديد من الضحايا وسط المدنيين والاعتقالات التعسفية بحجة مكافحة الإرهاب الى جانب توصيات تتعلق بوقف الاعتقالات التعسفية والتعذيب وسوء المعاملة ومتابعة المسئولين عن الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان ومعاقبتهم وخاصة مسئولي قوات الأمن المتورطين في قمع الاحتجاجات في 2011م وأخيراٍ احترام بنود المسار الانتقالي وفتح باب الحوار بناء مع كل مكونات المجتمع المدني للوصول الى دستور جديد لكن التقرير تخوف من إعدام المدنيين خارج نطاق القضاء بواسطة الطائرات الأمريكية والاعتقالات التعسفية واللجوء إلى التعذيب وسوء المعاملة ومازلنا في اليمن فقد صدر تقرير محلي مؤخرا تحدث عن حالات الانتهاكات التي رصدتها كل من الشبكة اليمنية لحقوق الإنسان ومنظمة صحفيات بلا قيود في المسودة الأولية لتقرير حالة الانتهاكات لحقوق الإنسان لعامي 2011-2012م والتي أشار بوضوح حالات الانتهاكات من خلال الاحصائيات التي وردت في المسودة فقد أوضحت الاحصائيات البيانية المتعلقة بدور السلطات تجاه الفعاليات السلمية نجد أن السلطة في اغلب الاحتجاجات السلمية كانت هي من تنتهك حق التجمع السلمي أو لم تقم بدور يذكر إزاء ما كانت تتعرض له تلك الاحتجاجات من عنف أو متغاضية عن بعضها ولم تحقق في البعض الآخر وكان لها دور ايجابي في بعض الحالات القليلة
فمن 2099 احتجاجاٍ سلمياٍ تورطت السلطة في 1753 حالة انتهاك فيما لم يكن لها دور في 306 حالات وكانت متغاضية في 10 حالات وسجل لها دور إيجابي في )69( حالة فقط..
وعند تفحص البيانات الاحصائية نجد أن السلطة ارتكبت 826 حالة انتهاك بحق المظاهرات وانتهكت 300 اعتصام و298 مسيرة 215 إضرابا و77 مهرجاناٍ 28 تجمعا احتجاجيا.
كما لم يكن لها دور في 163 مظاهرة و13 مسيرة و8 مهرجانات و17 إضرابا و3 تجمعات و39 اعتصاما.
وحسب الاحصائيات فإن من بين 2028 حالة انتهاك طالت حق التجمع السلمي تورطت فيها قوات الأمن العام بـ 581 حالة انتهاك تلتها قوات الأمن المركزي بـ 451 حالة انتهاك ثم البحث الجنائي 263 حالة والحرس الجمهوري بـ 259 حالة فجهات حكومية مدنية وقضائية بـ 101 حالة انتهاك ثم الفرقة الأولى مدرع بـ 95 حالة ومراكز قوى ومتنفذين بـ 94 حالة ثم الشرطة العسكرية بـ 79 حالة فتدخلات خارجية بـ 24 حالة فالأمن القومي بـ 17 حالة وكذا الاستخبارات العسكرية بـ 17 حالة وأجهزة مكافحة الإرهاب بحالتين.
وتحتل الانتهاكات التي طالت التجمع السلمي المرتبة الثانية في حجم الانتهاكات بعد الاعتقال والتعسف والحبس. حسب الاحصائيات البيانية.
وحسب التقرير فإن عام الثورة 2011 م شهد سقوط ( ) 1152 شهيداٍ وحوالي ) 27 (ألف جريح و)86(معاقاٍ ومن الجرحى)5808( أصيبوا باختناق في الغازات و )9657( جرحى وصلوا إلى المستشفى الميداني و)10661( وصلوا إلى مستشفى جامعة العلوم والتكنولوجيا.
وفيما يخص الحراك السلمي الجنوبي قالت المسودة إن الحق في التجمع السلمي هو مثل أعلى الانتهاكات بــ 633 حالة من بين أنواع الانتهاك منها 224 في محافظة عدن 101 في محافظة الضالع 108 في شبوه 81 في حضرموت وتتوزع بقية الحالات بعد ذلك على محافظة لحج وأبين وهو وضع تؤكد معطياته البيانية على أن النظام والسلطة السياسية تضيق بحرية الحق ومصادرته بصورة تتعارض مع الدستور ومبادئ ومواثيق حقوق الإنسان.
كما أكد التقرر على نمو حالة الحراك والاحتجاج السياسي الجماهيري في الجنوب واتخاذه من فضاءات الشارع والساحات والميادين المفتوحة على الناس وعلى المجتمع كمنهج ووسيلة للتعبير والتعريف بمطالبه السياسة والديمقراطية والحال بأن هذا النوع من الانتهاك والمصادرة للحق تمتد وتتسع دائرته السياسية المقيدة للحريات شاملاٍ الاعتداء على حق الأمن الشخصي وعلى حق الحياة وعلى حق الصحة والسلامة الجسدية وبالتالي مصادرة الحق في حرية الرأي والتعبير.
واخيرا فإن الدول التي وقعت على المعاهدات الدولية لابد لها أن تترجم هذه المواثيق في النصوص والقوانين المحلية ولابد لها أن تعي أن من واجبها حماية مواطنيها من الانتهاكات كما لا ننسى أن الدول التي لم توقع على المعاهدات والاتفاقيات الدولية لابد لها أن تحمي مواطنيها وان تلتزم بحقوق الإنسان لأن عدم توقيعها لا يعني انتهاكها لحق الإنسان داخل حدودها الجغرافي بمعنى أن مساءلة الحماية لا تتعلق بعملية التوقيع من عدمه على المعاهدات الدولية وكما لا ننسى أن تجاهل أي حكومة لحالات الانتهاكات التي قد تقع من مجموعات غير حكومية لا يعفي الحكومة من ضرورة التحقيق في الأمر وتوفير الحماية للمواطن
والسؤال الذي لابد أن نطرحه متى يمكن للمواطن العربي أن يعيش بحرية وكرامة دون تعسف او انتهاك لحقوقه ¿