عبدالوهاب شمهان
كلما شاهدت معلما تاريخيا أو معلما جديدا في العالم أتساءل ما الفرق بيننا وبين الأمم لماذا تنتكس كل الأعمال والمشاريع السياحية ولماذا لم تظهر وتنتشر في كل ربوع اليمن كما يجب ؟
والإجابة لديكم ليست بغائبة ومن واقعنا وتاريخنا المعاصر منذ أن بدأ الفساد والفاسدون يلفون حبالهم على أعناق التنمية والأمن والعدل وكل مناحي الحياة اليمنية وما نحن فيه ليس إلا نتيجة طبيعية لخاتمة الصمت لسنوات طوال عاث فيها الفاسدون وتسلطوا على كل مرافق الدولة ومفاصلها واتخذوا بضع محافظات مراكز لتكوين رأس مالهم واستثماراتهم وها نحن اليوم وفي ظل الحرب الظالمة على بلدنا بمباركة دولية وعون امريكي لازلنا نخشى الظلم والظلام والقابعين تحت مظلات الفساد والفاسدين الذين يحتمون بحصانتهم التي تمنحها الوظيفة العامة سواء كانوا في أجهزة العدل والنيابة أو أجهزة الأمن أو الأجهزة الأخرى والصمت المستمر يقيد كل فرد منا والخشية تغلب وتكبل كل صوت والأمانة تقتضي من أولياء الأمر أن يعيدوا النظر ويركزوا في أسباب تطويل القضايا وعدم البت فيها وتأجيج النزاع بين الخصوم وإطالة أمدها دون التفات ممن عليهم المتابعة والسؤال لماذا أصبح المواطن صيدا ثمينا مهما كان لديه من الأحكام الباتة القاطعة في ما يثبت حقوقه ويظل عرضة للامتهان والتهديد والابتزاز الذي لا ينقطع وهذا أحد وأهم المؤثرات على التنمية وعلى الاستثمار وأهم الوسائل لنهب الحقوق وتخويف كافة الاستثمارات ومنها استثمارات السياحة. إن الحاجة إلى تفتيش قضائي وأمني نزيه لا يميل إلا للحق ولايحيد عن الحق أصبحت من ضروريات المرحلة وحتى فرض الرقابة على المشرفين والمسؤولين الأمنيين في أنحاء البلاد والكشف عن المظالم والإجراءات العشوائية والقرارات الارتجالية والتوجيهات الشفهية المصاحبة نصرة لفلان أو فلتان حتى يكون الناس سواسية في ميزان العدل وإجراءاته فلم يعد أمام المظلوم منفذ ليرفع شكواه أو ليقدم مظلمته لأن تصرفه يعود عليه بالأسوأ وبذلك يظل خاضعا للابتزاز والقهر والظلم ولا يمكن أن يصلح حال ما لم يكن هناك رقابة دقيقة ومحاسبة نافذة وكفاءات مؤمنة بأنها تؤدي واجبا إيمانيا في ضبط قنوات وخطوات وإجراءات العدل حتى تمنع أصحاب النفوس الضعيفة والفاسدة من إضعاف شأن الدولة في مرافقها وتحويلها إلى دكاكين ارتزاق .
السياحة والتجارة والصناعة وترابط الجبهة الداخلية وجبهات المواجهة لن تكون إلا بإصلاح الداخل فالمخرب كما يقال في المثل غلب ألف عمار بل أنه يحرص على إبقاء صورة الدولة والحاكم في عمق الفساد لينزع من قلوب الناس الأمل في الإصلاح فالتغيير للأشخاص غير كاف ما لم يكن أولئك الأشخاص على قدر كاف من الأمانة في حمل الرسالة المسؤول عن إيصالها كل فرد منهم وتعميمها بين الموطنين من خلال متابعته والاستماع إلي المظالم وتحري الدقة وجعل القضاء هو الحكم الفصل وعلى أن يحدد زمن البت في القضايا كتخفيف للحاكم الذي لم يعد أمامه إلا الإحالة من جلسة لأخرى لتأخذ القضايا في النيابات للأسف والمحاكم شهورا وسنوات إنها مفتاح المتاجرة والمساومة والضغط والابتزاز وإفقار الناس وقطعهم عن أعمالهم وأداء واجبهم في هذا الظرف الحاسم انتظارا لقرار …فكيف يمكن أن نثبت أن الدولة قائمة على الصراط ما لم يكن الاهتمام بصلاح أجهزة العدل والقضاء والنيابة والأمن …والبعض من الرجال يفهم أن القوة وفرض الرأي هي وسيلة يحقق بها ما يريد عن طريق الضغط بحق أو باطل وهذا الأمر يقتضي الاهتمام بصنع نعم أقول بصنع القدرات النزيهة والمتمكنة من أداء واجبها عن دراية وعلم …
فالإنسان هو مدخل لكل مناحي الحياة إن أردته فاسدا جعلته على غيه وإن أردته صالحا لتجني منه الصلاح أرشدته وأعنته ومنعته في كل قطاعات العمل ومن تربى على الفساد يصبح كتفاحة فاسدة إن وضعت في سلة من التفاح فسد كل ما في تلك السلة . ومن القطاعات التي أخصها بالذكر السياحة كقطاع هام ولكونه يعتمد كليا على نشاط الإنسان وعلى صلاح كل القطاعات بما فيها السلوك العام واحترام الآخر . ولا يعني هذا أن بلدنا قد فرغ من الرجال الأفاضل والعلماء الأجلاء وأهل الخير والصلاح بل ضعف صوتهم وغابت أقلامهم وقل شأنهم واعتمد في حل قضايا الناس على من لا علم له مكتملا والمجال واسع لأخذهم وتحصينهم وتعليمهم ومن ثم تمكينهم أما خبط عشواء فإن الضرر يصب سخطا وتذمرا ولو كان في الباطن خاصة والبعض لا يكون همه إلا الشهرة والمكسب .