الثورة |
قالت مجلة “فورين بوليسي” الأمريكية، إن قضية فلسطين لم تعد القضية الأهم التي تشغل العرب، وإن الكثير من العرب باتوا يهرولون نحو “إسرائيل”، في إطار العداء المتنامي والكبير لإيران.
وتساءل الكاتبان، شاي فيلدمان وتمارا كوفمان، في مقالة نشرتها المجلة الأمريكية: هل “صارت إسرائيل حبيبة العرب”؟
وبعد جولة قاما بها للكويت والسعودية واستمرت 11 يوماً، قال الكاتبان: إن أكثر ما يثير الدهشة اليوم في العالم العربي هو أن إسرائيل لم تعد قضية خلافية؛ فلم نسمع بالنزاع الإسرائيلي الفلسطيني، إلا مرة واحدة”، خلال الجولة.
ويرى الكاتبان أن هذا الأمر “يمثل تحولاً دراماتيكياً لم يحصل منذ عقود؛ حيث كان العداء لإسرائيل بمثابة القاسم المشترك للحكومات العربية المتصدعة”.
ويمكن فهم التغيير الحقيقي من جانب العرب تجاه إسرائيل، كما يقول فيلدمان وكوفمان، في إجابة أحد المثقفين العرب ممن كان يحضر مؤتمر جامعة براندايز العام الماضي، عندما سئل: “متى ستقبل الدولة العربية بإسرائيل؟”، وكان رده مختصراً دقيقاً حين قال: “عندما يدركون أنهم سيكونون أفضل حالاً بوجود إسرائيل”.
ويلفت المقال إلى أن المسؤولين في إسرائيل “يدركون جيداً أن أفضل الحالات التي تسمح لهم بعلاقات جيدة مع العرب، هي تلك التي يأتي فيها الأمن بالمقام الأول”.
ويضيف المقال “التهديد المشترك من طرف إيران أو من طرف الجماعات الإرهابية، هو التفسير لهذا التقارب، الذي نراه اليوم بين إسرائيل وبعض الدول العربية”.
ولدى الدول العربية، كما يرى الكاتبان، العديد من الأسباب التي تجعلهم يعتقدون أن حالهم سيكون أفضل بوجود “إسرائيل”؛ فقد شهد العقد الحالي تطورين مهمين؛ أولهما أن “إسرائيل” باتت مصدرة للطاقة، ولم تعد تستورد الغاز من مصر.
وبلغ حجم عقود الشركات الإسرائيلية المصرية خلال السنوات الأخيرة أكثر من 15 مليار دولار، مما يعكس تغييراً كبيراً في علاقة العدوين السابقين.
أما الحدث الآخر المهم الذي شهده العقد الحالي، فهو أن الكثير من دول مجلس التعاون الخليجي باتت تستعين بالتكنولوجيا الأمنية الإسرائيلية في إطار حربها ضد الإرهاب، فضلاً عن حاجة تلك الدول إلى تنويع اقتصادها بعيداً عن الاعتماد على النفط والغاز.
بالتوازي مع هذا التقارب والتعاون بين دول عربية و”إسرائيل”، انخفض الاهتمام الرسمي العربي بالقضية الفلسطينية، رغم أن خطابها الرسمي ما زال ملتزماً بها، وهو ما يمثل شعوراً بالإرهاق لدى تلك الحكومات حيال القضية، بحسب المجلة الأمريكية.
وتضيف المجلة: “جزء من هذا الشعور يعود إلى أنه وبعد سبعة عقود من الدعم العربي للفلسطينيين، لم يتحقق سوى القليل جداً من المكاسب، بالإضافة إلى نفاد صبر الحكومات العربية من القيادة الفلسطينية غير الفعالة والمنقسمة”.
لقد استخدمت القضية الفلسطينية من مختلف الحكومات في المنطقة العربية وإيران، كورقة لتوسيع النفوذ والهيمنة الإقليمية، وتحولت الفصائل الفلسطينية إلى أدوات في هذا الإطار.
وعلى سبيل المثال، فإن رئيس السلطة الفلسطينية، محمود عباس، لا تهتم به الحكومات العربية إلا بمقدار ضيّق، فهي منشغلة باهتماماتها ومصالحها الضيقة.
وبحسب فورين بوليسي، فإن كل هذه الأسباب والعوامل، أدت إلى هذا التغيير الدراماتيكي في موقف العديد من الحكومات العربية، التي تحولت من العداء شبه المنتظم إلى إعادة النظر بشأن وجود “إسرائيل” في المنطقة.
وتتابع المجلة: “بعض الإسرائيليين يعتقدون أن هذا التحول يمنح البلاد حرية أكثر في نزاعها مع الفلسطينيين، ومن ذلك اتخاذ خطوات أحادية لحل القضايا لصالح إسرائيل”.
وعلى الرغم من هذا التحول في نظرة الأنظمة العربية والحكومات في المنطقة لإسرائيل، وتركيز تلك الأنظمة على مشاكلها الداخلية، “ما زالت الجماهير العربية تولي فلسطين وقضيتها اهتماماً كبيراً، وهو ما يمكن أن تلمسه في الإعلام العربي، الذي يركز على قضية فلسطين بشكل مستمر”، كما قالت.
وخير مثال على اهتمام الشعوب العربية بقضية فلسطين، الكويت، التي عاش فيها العديد من الفلسطينيين خلال العقود السابقة، وما زالت تستضيف لجنة المقاطعة المكلفة من الجامعة العربية بمراقبة تنفيذ المقاطعة الاقتصادية العربية لإسرائيل.
وعلى الرغم من أن الكثير من الفلسطينيين طردوا عقب الغزو العراقي للكويت بسبب موقف منظمة التحرير الفلسطينية من الغزو، عادت العلاقة بين الكويت والمنظمة في 2004م، وما زال البرلمان الكويتي يلهب مشاعر الشعب تجاه قضية فلسطين، بحسب كاتبي المقال.