القدس.. معالم إسلامية طالتها يد التهويد

 

محمد شرف الروحاني

التطوّر الأخير فيما يحدث بخصوص القدس في الوقت الراهن يعيد لنا الذاكرة إلى المحاولات العديدة التي يحاول الاحتلال الصهيوني تنفيذها لبسط سيطرته على المدينة وطمس معالمها الإسلامية والمسيحية أو تهويدها وتحويلها إلى معالم يهودية على الرغم من كل الأدلة التاريخية والمعمارية لهوية تلك الأماكن والمعالم.
فمنذ الأيام الأولى لاحتلال القدس عام 1967م، عملت الحكومات الإسرائيلية المتلاحقة جاهدة على تهويد المدينة المقدسة وتغيير طابعها العربي والإسلامي وجزء من معالمها المسيحية التاريخية، وقد طال مسلسل التهويد كافة أحياء المدينة العربية وسكانها، ونفذ المسلسل بأدوات الاستيطان ومصادرة الأراضي و”عبرنة أسماء “الشوارع والحارات والأماكن ومحاولة الاحتلال فرض سيادته على المسجد الأقصى وتخصيص أوقات لاقتحامات اليهود، وما يرافق ذلك من عزل لمقومات ومكونات الدفاع عن المسجد تمهيداً لمحاولات تقسيمه زمانيا هي المطلب الأساسي الذي تهدف إليه كل محاولات التهويد شيئاً فشيئاً في المدينة.
مقام النبي داوود
يتكون المقام الذي يقع على ربوة مرتفعة في منطقة باب الخليل خارج أسوار المدينة القديمة من ثلاثة أجزاء، أولها مسجد النبي داوود والذي حولته سلطات الاحتلال لكنيس يقيم اليهود داخله صلواتهم رغم مئذنته ومحرابه والكتابات الإسلامية المنحوتة على لوحات رخامية بداخله وعلى واجهته أما الجزء الثاني من المقام فيتكون من كنيسة الخضر التابعة للأرمن.
حائط البراق
حائط البراق، أو الحائط الغربي، هو جزء من السور الغربي للمسجد الأقصى يقع بين باب المغاربة والمدرسة التكنزية، طوله 47م وارتفاعه 18م، وسمي بحائط البراق لما يُعتقد أنه المكان الذي ربط فيه النبي محمد دابة البراق قبل عروجه للسماء في ذلك الزمن كان حائط البراق مجاورا تماماً لحارة المغاربة، ولا يفصله عنها إلا زقاق ضيق وغير نافذ، وقد سُمّيت حارة المغاربة وبابها بهذا الاسم لأن سكانها كانوا من أهل المغرب وتعد حارة المغاربة من أشهر الحارات الموجودة في البلدة القديمة بالقدس وقد أجرم الصهاينة بحق هذه الحارة حين دمروا الحارة بكاملها وسووها بالأرض، بعيد احتلال القدس عام 1967م، وقد بلغ مجموع الأبنية الأثرية فيها نحو 135 أثرا، تعود معظمها لعصور الأيوبيين والمملوكيين والعثمانيين، ومن جملة هذه الآثار: المدرسة الأفضلية، ومزار الشيخ عبد، وزاوية المغاربة حيث تحولت الحارة إلى ساحة لصلاة اليهود، قرب حائط البراق الذي يطلق عليه الإسرائيليون اسم “حائط المبكى” ولم يتخذ اليهود حائط البراق مكانا للعبادة إلا بعد صدور وعد بلفور البريطاني عام 1917م، ولم يكن هذا الحائط جزءاً من “الهيكل اليهودي” المزعوم وقد حاول اليهود الاستيلاء على حائط البراق بتملك الأماكن المجاورة له خلال القرن التاسع عشر لكنهم فشلوا، وفي عهد الانتداب البريطاني زادت زيارات اليهود للحائط حتى شعر المسلمون بخطرهم، ووقعت ثورة البراق بتاريخ الـ23 من أغسطس 1929م فاستشهد فيها العشرات من المسلمين وقتل عدد كبير من اليهود.
بالرغم من أن اليهود أقروا عام 1929م أمام اللجنة التابعة لمنظمة عصبة الأمم بأنهم لا يدعون حق ملكية حائط البراق، فإن إسرائيل لما احتلت المدينة القديمة في القدس عام 1967م بدأت بنفسها تزوير هوية المكان، وبدأت ذلك بهدم جنودها حي المغاربة الملاصق للجدار الغربي للمسجد الأقصى المبارك بما فيه من آثار ومدارس ومساجد وزوايا، ثم نسفوا المنازل التي كانت تحيط بالجدار فشردوا أهلها بدعوى أن منطقة الحائط ملك لليهود منذ ثلاثة آلاف عام.
أقام الإسرائيليون لاحقا ساحة كبيرة مبلطة أمام حائط البراق ليتجمعوا فيها للصلاة أمامه، كما استولوا على مفاتيح باب المغاربة التي لا تزال معهم ولذلك يعتبر باب المغاربة هو المدخل المعتاد لكل الاقتحامات التي ينفذها اليهود في المسجد الأقصى.
القصور سرقة وتدمير مستمر
تقع القصور جنوب وغرب المسجد الأقصى في المنطقة ما بين سور الأقصى وسور مدينة القدس قبيل باب المغاربة، وتمثل منذ مئات السنين بحجارتها القديمة وأبنيتها العريقة، إرثاً إسلامياً ورمزاً من رموز التاريخ والحضارة الإسلامية في فلسطين.
وقد حولت سلطات الاحتلال القصور إلى متاحف ومزارات ومظاهر تلمودية، يزورها السياح، ويتم سرد الرواية التوراتية الإسرائيلية لهم، كما قامت عام 1999م ببناء مدر تاريخي قبالة الباب الثلاثي، مدعية أنه المدرج الرئيس الجنوبي للدخول إلى “الهيكل المزعوم” كمقدمة لتحويل المصلى المرواني إلى كنيس يهودي، ولكن هذه المخططات أحبطت بسبب ترميم المصلى.
وفي عام 2010م افتتح الاحتلال مركز “ديفيدسون” في باقي الحجارة العملاقة بالمنطقة، ويستعد الآن لتوسيع هذا المركز الذي يضم موجودات أثرية كشفت خلال عمليات الحفريات حيث يزعم الاحتلال بأنها موجودات عبرية تلمودية، وعلى مدار السنوات الأخيرة نفذت سلطات الاحتلال أعمال حفريات في المنطقة، أدت إلى تدمير تراث إسلامي وعربي ثمين، وأقدمت على سرقة ونقل العديد من القطع الأثرية الإسلامية.

قد يعجبك ايضا