هل نجح مشروع إسقاط سوريا
هشام الهبيشان
من الغوطة إلى دير الزور إلى ادلب ومنها إلى مختلف بقاع الجغرافيا السورية .. ها هي تتساقط بؤر الإرهاب تحت ضربات الجيش العربي السوري، وتتساقط معها أحلام وأوهام عاشها بعض المغفلين الذين توهّموا سهولة إسقاط سورية، ومن يتابع بدقة مجريات الميدان العسكري السوري سيلاحظ أنّ حجم الضغوط العسكرية في الداخل السوري بدأ بالتلاشي مع انهيار بنية التنظيمات الإرهابية، وخصوصاً بعد إشعال الجيش وقوى المقاومة الشعبية معارك كبرى وعلى عدة جبهات، فمنذ مطلع العام الماضي 2017م لاحظ جميع المتابعين لمجريات الحرب التي عصفت وما زالت تعصف بسورية تغيّراً مضطرداً في قواعد اللعبة السياسية والعسكرية، والذي يصبّ في مصلحة الدولة السورية التي كسبت نقاطاً عدّة، بينما خسرت قوى التآمر الكثير من نقاطها، بل تعرّت بشكل كامل أمام الجميع.
وبقراءة موضوعية للأحداث على الأرض السورية، اليوم ،هناك مؤشرات تحسُّن ملحوظ في ما يخصّ الأمن المجتمعي والأمن الاقتصادي، رغم حجم المأساة التي لحقت بالسوريين نتيجة الحرب على وطنهم، وهنا ورغم كل الاحاديث والمخططات التي يعلنها اعداء سورية بما يخص وحدة سورية والتلويح من جديد بالخيار العسكري ، فهنا يمكن القول أن سورية قد تجاوزت الأصعب من عمر الحرب المفروضة عليها، ومهما حاولت دول التآمر إعادة الأمور إلى سياقها المرسوم وفق الخطة المرسومة لإسقاط سورية، فإنّها لن تستطيع الوصول إلى أهدافها، لأنّ حقائق تلك الحرب تكشفت للجميع.
ومع استمرار انتصارات الجيش العربي السوري وتماسكه وتلاحم جزء كبير من الشعب العربي السوري مع هذا الجيش العقائدي، انهارت بشكل تدريجي أهداف منظومة الحرب على سورية ، أمام إرادة الجيش وتلاحمه مع معظم كيانات الداخل السوري من شعب وقيادة سياسية رغم محاولات شيطنته إعلامياً من قبل وسائل الإعلام المتآمرة، وقد شكلت معركة تحرير حلب ومن بعدها دير الزور وصولاً لمعارك تحرير ارياف حماه وادلب وصولاً لمعارك تحرير الغوطة التي خاضها ويخوضها الجيش العربي السوري بدعم من حلفائه وما سيتبعها من معارك، البداية لإسقاط هذه المشاريع التقسيمية للدولة السورية وللمنطقة العربية ككلّ، فاليوم من المتوقع أن يفتح الباب أمام معارك التحرير الكبرى ليس فقط في الغوطة ،فالمعركة في إدلب وريف حماه تنتظر قريباً جولات جديدة … ومازالت هناك جولات كبرى في جنوب سورية وشرقها وشمال شرقها “والمواجهة مع الأمريكي والصهيوني والتركي ستكون حاضرة حينها وبشكل مباشر حتماً .. وهذه ستكون المواجهة النهائية والحاسمة والمؤجلة “والتي منها وبها وبنتائجها المنتظرة ستكون سورية قد حسمت واعلنت انتصارها الشامل على هذه الحرب القذرة التي استهدفت سورية كل سورية .
وهنا يتحتم علينا ، عند الحديث عن تفاصيل ما تعرضت له سورية من حرب قذرة ، العودة إلى بداية مسارات الحرب على سورية الدولة ، فسورية تعرّضت لحرب قذرة، والتقارير ومراكز الدراسات العالمية أكدت أنّ عدد الدول التي صدّرت الإرهابيين إلى سورية تجاوز 92 دولة، وأنّ هناك غرف عمليات منظمة ضمن بعض المناطق المحاذية لسورية، لتدريب وتسليح هؤلاء الإرهابيين ثم توريدهم وتسهيل عبورهم من أغلب المنافذ الحدودية، وخصوصاً الحدود التركية، والتي تحدثت هذه الدراسات عنها بإسهاب، شارحة كيف سمحت تركيا بعبور عشرات الآلاف من الإرهابيين، لذلك من الطبيعي أن نجد اليوم كمّاً هائلاً من الإرهابيين قد دخل إلى سورية، بهدف ضرب المنظومة السورية المعادية للمشروع الصهيو ـ أميركي، وضرب الفكر العقائدي المقاوم لهذه المشاريع، وخصوصاً المنظومة العقائدية للجيش العربي السوري واستنزاف قدراته اللوجيستية والبشرية، كهدف تتبعه أهداف أخرى في المنظومة الاستراتيجية للمؤامرة الكبرى على سورية، لأنّ تفكيك الدولة يستلزم تفكيك الجيش ومن ثمّ المجتمع ومن ثمّ الجغرافيا، وكان هذا الرهان هو الهدف الأساس من عسكرة الداخل السوري ، ورغم كل هذه الخطط الخبيثة ، فقد نجحت سورية الدولة بأسقاط معظم هذه الخطط والمشاريع القذرة الخبيثة .
وهنا وفي هذه المرحلة علينا أن نؤكد أيضاً، أنّ تماسك وتلاحم معظم القوى الوطنية في الداخل السوري، والتي تؤمن جميعها بقضيتها والمتفهّمة لحقيقة وطبيعة هذه الحرب من حيث أبعادها وخلفياتها، كان له دور بارز بالتصدّي لهذه المؤامرة ودعم مسارات عمل الجيش العربي السوري، ومن هنا فقد أجهض هذا التلاحم لثلاثية الجيش والشعب والقيادة السياسية خطط المتآمرين وأسقط أهدافهم بالتضحيات الجسام، فالمؤسسة العسكرية السورية، ورغم كلّ ما أصابها، أرسلت رسائل واضحة وأثبتت أنها مؤسسة عميقة ووطنية وقومية جامعة، لا يمكن إسقاطها أو تفكيكها ضمن حرب إعلامية، أو خلق نقاط إرهابية ساخنة في مناطق متعدّدة لمواجهتها، فانتفاضة الجيش العربي السوري الأخيرة والسريعة في وجه كلّ النقاط الساخنة وبدعم كامل من غالبية الشعب السوري، شكلت حالة من الإحباط عند أعداء سورية، وأدّت إلى خلط أوراقهم وحساباتهم لحجم المعركة، وأسقطت يافطة «إسقاط سورية»، بتلاحم الجيش والشعب والقيادة السياسية.
ختاماً، علينا أن نقرّ جميعاً بأنّ صمود الجيش العربي السوري والتلاحم بين أركان الدولة وشعبها وجيشها للحفاظ على وحدة الجغرافيا والديموغرافيا من الأعداء والمتآمرين والكيانات الطارئة في المنطقة والتي تحاول المسّ بوحدتها. ما هو إلا فصل من فصول قادمة سيثبت من خلالها السوريون أنهم كانوا وما زالوا وسيبقون بتكامل وحدتهم، صفاً واحداً ضدّ جميع مشاريع التقسيم، وسيستمرّون في التصدّي لهذه المشاريع، إلى أن تعلن سورية أنها أسقطت المشروع الصهيو ـ أميركي، وانتصرت عليه، وهذا ليس ببعيد بل يبدو أنه قريب جدّاً.