الثورة/حاشد حسين
الحوادث المرورية.. ملف مضرج بالدماء.. تتزايد صفحاته يوماً بعد يوم ومن يذهب إلى المستشفيات العامة والخاصة يرى نزيفاً دائماً في الاسفلت، تتعدد أسبابه وتتنوع، من بينها العدوان المتواصل على اليمن وتداعياته، لكن النتائج تظل مؤلمة في كل الأحوال والأرقام التي تطالعنا بها الإدارة العامة للمرور والصحف ووسائل الإعلام المختلفة كما يتضح في ما يلي:
قصص الحوادث المرورية المؤلمة أكثر من أن تحصى وزيادة السرعة تزيد من هدر الدماء والأرواح يوماً بعد آخر..ذهب مواطنان كانا على متن سيارة هيلوكس ضحية انقلاب في طريق عمران صنعاء وقد وصف أحد أفراد الجيش واللجان الشعبية الحادث بالمروع قائلاً : تابعت هذا الحادث المؤلم ولا أدري ما هو السبب ولكني أعتقد أن حالة الطريق قد تسببت في هذا الحادث فمن أكبر الأخطار في مثل هذه الحالات أن تجتمع السرعة مع الحالة المتدهورة والسيئة للطرق.. وأردف: “المقطورات الكبيرة تأخذ الجزء الأكبر من الإسفلت وفي خطوط ضيقة أصلا ويجب أن تطبق قوانين المرور وتفرض عقوبات قاسية على المخالفين من أصحابها فعليهم الالتزام بالوقت المحدد لتحرك الناقلات الكبيرة”.
دراجات الموت
ويحكي وليد الخولاني كيف ابتلي بحادث دراجة نارية فقد فوجئ أثناء قيادته لسيارته بمباغتة دراجة نارية من خلال الرصيف الذي يفصل بين الخط الأيمن والأيسر وانعطافها في طريقه وكانت نتيجة ذلك اصطداماً مباشراً نجا منه سائق الدراجة بأعجوبة.
لا يزال وليد يتذكر لحظة الحادث ويقول: فقدت القدرة على النطق وأيقنت أن آثار هذا الحادث ليست سطحية رغم أني لست المتسبب فيه وبعد مرور أقل من نصف ساعة على الحادث تفاجأت بأنني أحتاج إلى 150الف ريال كدفعة أولى للمستشفى وهو مبلغ كبير بالنسبة لي واضطررت إلى بيع سيارتي وتعطلت أعمالي ومررت بأزمة مالية والسبب في ذلك يعود إلى استهتار سائقي الدراجات النارية وعدم مراعاتهم لقواعد المرور وإلقاء المسؤولية كاملة على عاتق من يُبتلى بحوادثهم.
كارثة الاستهتار
وما يدعو إلى الاستغراب حًقا هو أن يكون الاستهتار ملازما للبعض على الرغم من تجاوزهم مرحلة المراهقة التي تجعل صاحبها يتصرف بطيش، ويقدم عبدالله محمد (موظف) مثالاً تاماً على ما يمكن أن يصل إليه طيش بعض الشبان وهم ينتشون بالضغط على دوّاسة البنزين دونما حذر أو حسبان، فقد شاهد شاباً لا يتجاوز العشرين من عمره يقود سيارة موديلها جديد ومعه ثلاثة من الشبان من أسرته بسرعة جنونية وكأنه يسابق الريح وعلى حين غفلة اختلت عجلة القيادة في يده وخلال ثوان معدودة شاهد السيارة وهي تنقلب وتصطدم بعمود الكهرباء ويفاجأ بالسيارة وقد تهشمت تماماً وباثنين من ركابها على الأرض وقد لا يبرحانها وقوفا مرة أخرى بسبب إصابتهما بكسور في العمود الفقري والحوض.
يقول عبدالله محمد: في مشهد كهذا لا تملك إلا أن توجه أصابع الاتهام إلى الأهل الذين لا يمانعون في إعطاء مفاتيح سياراتهم لأبنائهم وهم في مثل هذا اللاوعي تحت مبرر قضاء نزهة وبما يترتب على ذلك فهم يتحملون المسؤولية عما تسبب به أبناؤهم لأنهم لم يقوموا بأكثر أدوار الآباء أهمية أعني تربيتهم على تحمل المسؤولية تجاه أنفسهم وتجاه الآخرين وحمايتهم من طيشٍ تكون عواقبه وخيمة.
طحن الشباب
بعد أن استعرضنا هذه القصص المأساوية الناجمة عن حوادث السيارات نتعرف على نفسية المصابين الذين يرعى معظمهم مركز الأطراف.بعد فترة من وقوع الحوادث ، وهناك تحدث الدكتور حسن السامعي مدير إدارة العلاج الطبيعي قائلاً: يأتي الكثير من الشباب المعاقين إلى هنا نتيجة حوادث السيارات والدراجات النارية المختلفة، الكثير منهم يجلسون على مقاعد متحركة مصابين بالشلل..
ويشخص د. السامعي هذه المشكلة بالقولً: إنها واحدة من أكبر المشكلات الاجتماعية وهي تحتاج إلى جهود لإيقاف هذه المطحنة التي تطحن أجساد شبابنا وتضع علامة استفهام أمام مستقبلهم الذي نحتاج إليه أشد الحاجة ولذا لا بد من وجود إجراءات تكفل الحد من هذه الحوادث المميتة خصوصاً أن المتسبب الرئيسي في معظمها السرعة الزائدة وعدم التقيد بقوانين المرور.
تداعيات العدوان
العدوان المتواصل على اليمن ساهمت تداعياته ايضا في حوادث مرورية يتحدث عن أحدها أحمد سالم وكيف ابتلي بحادث انقلاب قائلاً : كنت في طريقي أقود سيارتي بحذر تام ولكني فوجئت باصطدامي بإحدى الصبيات والتي كانت قد احتلت جزءا من الاسفلت بسبب قصف طيران العدوان لجسر بني مطر ولم أفهم كيف حدث ذلك.
يضيف أحمد قائلاً: إن العديد من السائقين قد حذروني من ان الطريق تعرض للقصف إلا أنني لم أكن أتوقع ان تصل بهم الهمجية لقصف جسر عصيفرة الذي يصل عددا من المحافظات بالعاصمة ولم أجد نفسي إلا في احد المستشفيات بعد ان توفي احد أقاربي بسبب هذا الحادث المؤلم.
ويصف محمد شريف (فني ميكانيك) حوادث السيارات بأنها “خزان دم مثقوب لا يتوقف عن هدر النفوس يوماً بعد يوم” مردفاً: ومن المعروف أن أي حادث يواجه السيارة لا يؤدي للخسائر البشرية فقط فهناك خسائر اقتصادية وبالمليارات.
قصف الطرق
الباحث الاقتصادي صادق الفقيه تحدث عن حجم الدمار الذي لحق بالطرق الرئيسية التي تربط المحافظات فقال: ” في الحقيقة نحن بحاجة إلى نزول ميداني لدراسة حجم الدمار الذي خلفه قصف طيران تحالف العدوان الهمجي فهناك مئات الاعتداءات التي طالت الجسور والطرقات حيث قصف كل الجسور الرابطة بين أمانة العاصمة والمحافظات الرابطة لها بمحافظة الحديدة ومينائها وعشرات الاعتداءات خلفه وقد أدى القصف المباشر لطيران العدوان على ناقلات وشاحنات الغذاء والوقود في الطرق الرئيسية والفرعية إلى تدمير وإتلاف أغلب تلك الناقلات والشاحنات تماماً وإلى انقطاع الطرق في فترات عديدة وإلى استشهاد وجرح العديد من المواطنين لكن بالتأكيد انه ليس هناك من سبب للحوادث المرورية أكبر من هذا الاستهداف الممنهج الذي أدى إلى تدمير الطرقات وتسبب في زيادة الحوادث المرورية المروعة.
أرقام وأسباب
أسباب الحوادث المرورية الأكثر شيوعا تعود إلى إهمال السائقين والسرعة الزائدة وعدم صيانة المركبات إلى جانب عدم التقيد بإرشادات وقواعد المرور.. هذا ما كشفه مدير عام مرور أمانة العاصمة العقيد عبدالله العقر.. وبحسب تقرير صادر عن إدارة مرور أمانة العاصمة فقد نجم عن حوادث المرور خلال العام المنصرم وفاة 264 مواطناً وإصابة ألفين و274 آخرين منهم ألف و41 إصابتهم بليغة في ألف و970 حادثاً مرورياً بأمانة العاصمة وحدها.
وأوضح التقرير أن الحوادث توزعت على ألف و29 حادث دهس مشاه و478 حادث دراجات نارية و463 حادث صدام آليات متنوعة، وأشار التقرير إلى أن إجمالي الخسائر المادية الناجمة عن تلك الحوادث بلغ 892 مليوناً و100 ألف ريال.
Prev Post
قد يعجبك ايضا