السخنة تشفي بعطائها أمراض الإنسان وتحتاج بالمقابل للمسة حب وحنان


الحديدة/فتحي الطعامي –
مديرية السخنة إحدى المناطق اليمنية الزاخرة بالمعالم التاريخية والسياحية والأثرية على حد سواء .. ففيها حمامات المياه الطبيعية التي يرتادها الكثير من الناس من كل أنحاء اليمن وطوال فترة العام .. بغرض الاستحمام في حمامات المياه الكبريتية التي يعتقد أنها تشفي الكثير من الأمراض الجلدية. كما يوجد بها بعض المنازل والآثار التي ترتبط بالتاريخ اليمني القديم .. إلا أنه وبالرغم مماتمتلكه السخنة من مقومات سياحية وبرغم ماقيل ومايقال عنها إلا أنها لم تتغير كثيراٍ من حيث البناء العمراني والمشاريع الخدمية قياساٍ بالمديريات الأخرى وحمامات المياه المعدنية التي تعتبر العامل الأقوى لجذب السياح لازالت تعيش وضعاٍ سيئا .. كما أن أبناءها ما يزالون يعانون من انعدام الخدمات الأساسية (كالماء واالكهرباء والصحة والتعليم …) وما زالت الدولة غير معنية بالاهتمام بهذه المديرية وبأبنائها.

٭ تقع مديرية السخنة شرق محافظة الحديدة على الحدود المتاخمة لمحافظة ريمة في مناطق بني حسن وبلاد الطعام يبلغ عدد سكانها 49923 نسمة هذه المديرية المترامية الأطراف تنقسم إلى عزلتين أساسيتين هما الرامية العليا والرامية السفلى ثم عزل فرعية أشهرها عزلة القعارية والدواودية ثم الفراغل مركز المديرية وهو مدينة السخنة المشهورة بحماماتها المعدنية ومعالمها الأثرية كما أن هذه المديرية مشهورة بأوديتها الزراعية الخصبة وأشهرها وادي جاحف المعروف باسم وادي شعوة الذي تزينه الخضرة طوال العام.

معالم سياحية مهملة
٭ السخنة منطقة سياحية عامة لديها من المميزات ما يجعلها تحتل الصدارة بين مناطق السياحة والاستجمام بالمحافظة بل وتنافس العديد من المناطق بالجمهورية غير أنها خضعت لعملية تشويش بل وتغييب متعمدة عن الساحة السياحية من قبل الجهات المسئولة بالمديرية وتستمد السخنة أهميتها السياحية من عدة جوانب: منها موقعها الجغرافي الذي يمثل نقطة التماس بين السهل والجبل حيث تقع عند ملتقى جبال ريمة الخضراء جبال برع الشامخة مع سهل تهامة المنبسط الذي جعل مناخها يمتاز بجو معتدل جذاب طوال العام إضافة إلى أوديتها الخصيبة المكللة بالخضرة الدائمة وكذا المواضع الأثرية المتناثرة على قمم الجبال من قصور قديمة وقلاع حسينة تعود إلى الدولة العثمانية وإلى المملكة المتوكلية وجيولوجيا هناك كنز حقيق ملموس ومعاين للجميع بهذه المديرية وهو بمثابة حجر الزاوية في جانب أهميتها وتميزها السياحي ذلك هو حمام السخنة المدني الكبريتي النابع من باطن الأرض والذي يعمه الزوار من جميع محافظات الجمهورية بل ومن بعض دول الجوار بهدف الاستجمام والاستشفاء من الكثير من الأمراض (كأمراض المفاصل والروماتيزم والأمراض الجلدية الأخرى) وبالرغم من تلك المعالم التي تزخر بها مديرية السخنة إلا إن الجهات الحكومية ما تزال غافلة أو غير مكترثة بتلك المديرية التي يمكن أن تتحول الى مقصد سياحي للسياحة الداخلية والخارجية.

مشاريع غائبة
٭ لا تزال هذه المديرية تعاني نقصاٍ حاداٍ في الجوانب الخدمية الأساسية كالمياه والكهرباء ومشاريع المياه والمدارس والوحدات الصحية فأغلب قراها تفتقر إلى هذه الخدمات ويكفي دلالة على ذلك أن مركز المديرية مدينة السخنة تفتقر إلى مشروع المياه حيث ظلت تعاني من عدم توفر هذه الخدمة وما تزال منذ سنوات ويقوم السكان بشراء الماء اللازم لحياتهم اليومية وبأسعار مكلفة جداٍ ناهيك عن القرى الأخرى التي يجلب أبناؤها المياه من المزارع البعيدة والأودية على ظهور الدواب .
يقول المواطنون إن ما يزيد على ثلاثمائة مليون كان قد رصدها المجلس المحلي للمديرية لاستكمال مشروع مياه للمديرية ذهبت في طي النسيان وتلفت قصب المشروع بل إن أحد خزانات المياه التي يتحدث أهالي قرية “المناعرة” عنها أنها كانت إحدى المشاريع في القرية تم أخذها من قبل أحد المسئولين لتبدأ رحلات البحث عن الماء وقوافل الحمير المحملة يومياٍ بالمياه وهو ما جعل الأهالي يقومون ببناء البرك ليسقوا منها ويرووا دوابهم وهي كما وصفها العاقل أحمد علي صوفي بقوله: “نحن وكلابنا نشرب من السهيلية ويشير بيده إلى البركة.
الصحة أيضا لم تصل الى مديرية السخنة .. وإنما وصلت اليها الأمرض والأسقام حيث لا يوجد بالمديرية سوى عدد ضئيل من الوحدات الصحية والتي أغلبها أصبحت خارج الخدمة ويكفي أن نعلم أنه لا يوجد بطول المديرية وعرضها ولو مستشفى واحداٍ لاستقبال الحالات المرضية مما يجبر المواطنين إلى نقل مرضاهم إلى المحافظة أو بعض المديريات المجاورة . الأمر الذي يؤدي في كثير من الأحيان الى مضاعفات للمرضى أثناء نقلهم من القرى المديرية البعيدة الى مدينة الحديدة أو الى مديرية أخرى.
وتؤكد الإحصائيات الموجودة في مركز الغسيل الكلوي أن أغلب الحالات الواردة إليهم مصدرها مديرية السخنة ومنها من أصيب بالملاريا وحمى الضنك.. وقال مصدر طبي إن تلوث المياه السبب الرئيس في ذلك كما أن أغلب قرى المديرية محرومة من خدمة الكهرباء إذ لم يتم توصيل الكهرباء إلا إلى مركز المديرية وقرية المدمن التي استطاع أهاليها توصيل التيار بما يشبه المعجزة بعد دفع تكاليف باهظة
وأيضا قرية المصبار الواقعة جوار مركز المديرية والتي تم دفع تكاليف المحولات على نفقة المواطنين أما بقية القرى فمحرومة من خدمة الكهرباء رغم مرور الكامبات والأسلاك من أراضيها وفوق بيوت المواطنين. .. فالمواطنون في هذه المديرية لا يعرفون من الكهرباء إلا كابلاتها الممتدة فوق رؤوسهم أو الضوء الذي يرونه من مديريات أخرى .. وبالرغم من المناشدات والرسائل والمحاولات والوفود التي يقوم بها المواطنون وشخصيات اجتماعية ووجاهات الهادفة الى إقناع المسئولين في المحافظة بضرورة إيصال التيار الكهربائي لهذه المديرية إلا أن كل تلك المحاولات باءت بالفشل كما يقول المواطنون.

افتقار للمدارس
٭ التعليم والمدارس مشكلة أخرى تواجه أبناء المديرية التي تعاني من الضعف الحاصل فيها على مستوى المدرسين والكادر وكذا على مستوى المدارس والتأثيت .. فالمديرية وبارغم من الكثافة السكانية فيها إلا أنها لا يوجد بها سوى أربع مدارس ثانوية فقط أغلبها تعاني نقصاٍ حاداٍ في المدرسين والمناهج الدراسية وعدد محدود من المدارس الأساسية التي تعاني نفس الإشكالية مع إشكالية أخرى هي عدم توفر المباني الملائمة في كثير من المدارس ناهيك عن عدم وجود مدارس في أغلب قرى المديرية وعزلها ومن دواعي الأسف أن مباني الإمامة لا تزال شاهدة على نسيان هذه المديرية من قبل الدولة وتدني الخدمات الضرورية بالمديرية تشهد على الإهمال اللامحدود لها من قبل السلطة المحلية التي لم تقدم للمواطن شيئاٍ يذكر بينما تهدر مقدرات المديرية في مشاريع فاشلة أو وهمية يكتنفها الغموض والتساؤلات المريبة . وفي هذه المديرية (كما يقول الأهالي) يضطر المواطنون الى تدريس أبنائهم في بعض المساجد وتحت الأشجار كما هو الحال في قرية المعقاب والمدافن والحريق ودير كداف .. وغيرها من القرى التي لا تزال الدولة غائبة عن الوصول اليها .. بل إن المواطنين يقولون إنهم لم يروا نور الجمهورية ومنجزات الوحدة منذ انطلاقتهم وحتى اليوم.

ضمان يحرم منه الفقراء
٭ إن المواطنين بهذه المديرية يعانون من عدم توفر الخدمات الضرورية ويعانون من تسيب الجانب الإداري في مختلف مرافقها الموجودة أحوالهم المعيشية صعبة جداٍ حتى شبكة الضمان الاجتماعي لم تسلم من الفساد فالكثير من حالات الضمان الاجتماعي تذهب لغير المستحقين من ميسوري الحال والمقيمين بدول الجوار ومن لهم قرابات مع أعضاء المجلس المحلي بينما السواد الأعظم من المستحقين لازالوا محرومين من هذه الإعانات الزهيدة حالات عديدة من الوفيات والأسماء المكررة لا يدري أحد عن مصير مخصصاتهم النقدية من هذه الإعانات وأين تصب هذه المخصصات حيث سجلات الضمان الاجتماعي أشبه بوثائق خطيرة وتعتبر سرية للغاية ولا ندري لماذا هذا التعتيم المتعمد .

كنز سياحي
٭ هذا الحمام المسمى (حمام علي) نسبة إلى الإمام علي بن أبي طالب كرم الله وجهه هو الكنز السياحي الحقيقي بالمنطقة وهو عبارة عن حمام معدني طبيعي يستحم به المصابون بالأمراض الجلدية .. والذين يتوافدون اليه من كل أرجاء الجمهورية خلال العام .. بل إن بعض أؤلئك الزائرين يمكثون في مديرية السحنة خلال فترة الشتاء أملا منهم في الاستشفاء .. وتنبع مياهه من ينابيع طبيعية بالأرض تصل درجة حرارتها إلى 185 درجة عند المنبع وقد أثبتت الاختبارات التي أجريت لتركيبتها ومحتواها الكيميائي تشبعها وغناها بالكبريت والمعادن الأخرى ودرجة إشعاعاتها القوية حتى على بعد 200 متر من المنبع وخصائصها وفوائدها العلاجية لعلاج الروماتيزم والتهابات المفاصل المزمنة وبعض الأمراض الجلدية والتناسلية حيث والحمام يقع حالياٍ ضمن مرافق القصر القديم الذي أنشئ عام 1373هـ ومقسم إلى قسمين قسم بداخل القصر لـه ثلاثة أحواض تصل درجة حرارة المياه فيها إلى 125درجة للحوض الأول و 100 درجة للحوض الثاني و 75 درجة للحوض الثالث .القسم الثاني يقع خارج القصر وهو مقسم إلى قسمين قسم للرجال : لـه ثلاثة أحواض الأول درجة حرارة المياه فيه 185 درجة والثاني 150 درجة والثالث 100 درجة. وقسم للنساء ولـه ثلاثة أحواض وبنفس درجة حرارة الأحواض السابقة وبحسب إحصائيات رسمية فإن مديرية السخنة وبسبب الحمام الموجود فيها فإنها تستقبل سنويا عشرات الالاف .. ففي العام المنصرم بلغ اجمالي عدد الزوار الوافدين إلى حمامات مديرية السخنة العلاجية بمحافظة الحديدة أكثر من 55 ألف زائر ما بين محلي وعربي وأجنبي.. وبالرغم من الاستجلاب الذي تقوم به حمامات السخنة للزائرين من كل المحافظات .. إلا أن الاهتمام بتلك الحمامات ما يزال غائبا من قبل الجهات الحكومية والتي لم تقوم بإعادة تأهيل تلك الحمام وتوفير منتجعات وفنادق سياحية لاستقبال تلك الآلاف الوافدة .. فالمواطنون يؤكدون أن حمام السخنة عانى وما يزال يعاني من إهمال وإهدار متعمدين طوال عقود مديدة من الزمن فجدرانه المتهالكة وبركة غير المهيأة بالشكل اللائق بمكانته والآلية التي يعمل بها القائمون عليه ساهمت جميعها وبشكل كبير في حرمان المنطقة من بركاته.

المطار في مرمى العبث
٭ ومن معالم المديرية التاريخية أيضا مطار السخنة التاريخي الذي انشئ قبل قيام ثورة سبتمبر وكان تابعاٍ للإمام أحمد حميد الدين إلا أن هذا المطار التاريخي هو الآخر لم يسلم من العبث ففي العام المنصرم تعرض المطار لعملية سطو عليه وعلى الأراضي التي بجواره ..حيث كشف أمين عام المجلس المحلي لمديرية السخنة أحمد بن أحمد مهدي في وقت سابق بأن مساحة كبيرة من أراضي الدولة بالمديرية بما فيها المطار الترابي وأراضي المجمع الحكومي والمستشفى العام بالمديرية تعرضت للنهب والسطو بقوة السلاح من قبل عدد من المتنفذين دون أن تتحرك الجهات المختصة في المديرية أو المحافظة لوقف هذا الاعتداء والسطو على أراضي الدولة.

قد يعجبك ايضا