عبدالوهاب شمهان
ما شجعني للكتابة والطائرات تحلق من فوقنا ولا نعلم أي اتجاه تقصد إلا ما كتبه أحد الإخوة النشطين ممن كان لهم دور مهم في مجال الإدارة السياحة في قطاع الإشراف الحكومي على النشاط السياحي وقد كانت مشاركته توحي بأنها رسالة هامة للتنبيه على أهمية السياحة المحلية ومواقعها وقد أشار في مشاركته إلى ازدحام شواطئ وفنادق الحديدة وهو ما يؤكد على ضرورة أن تعايش الجهة المسؤولة عن السياحة هذه الحركة النشطة للسكان وتحملهم وأولادهم عناء السفر بل والمخاطرة في ظل أجواء الحرب والعدوان دون اكتراث حبا في عدم الانغلاق والبقاء في إطار العاصمة فالإحساس بالحصار الشديد يجعل الأسر تخرج من نطاق الضيق بعد إغلاق كل سبل السفر إلى فسحة البحر ونسيمه وفي نفس الوقت تخفيفا من شدة البرد بالانتقال إلى اعتدال المناخ وطيب الجو في تهامة في مدينة الحديدة الميناء الرئيسي للجمهورية اليمنية بعد العاصمة الاقتصادية عدن .تهامة التي يتميز سكانها بالسكينة والهدؤ وحسن الخلق وحلاوة النفوس .
وتكثر في تهامة الحرف والمشغولات اليدوية والمزارع الواسعة والمهرجانات الشعبية والمأكولات الشعبية ذات الطابع التهامي الخاص ابتداءً من السمك على شاطئ البحر إلى اللحم الحنيد في المراوعة مدينة الأهدل والأستاذ سليمان جوهر رحمه الله والتي وضعت لها موقع قدم توسعت لتكون رائدة في المنافسة الواضحة لبيت الفقيه التي تعد الجودة المشهود لها عبر عشرات السنين ملكا لها إضافة إلى الكثير من المأكولات المشهورة بها تهامة واليمن والتي تجتمع في مدينة الحديدة وبعد تلك الوجبة لمن أراد أن يتذوق الحلوى والمشبك في باب مشرف ويرجع إلى التاريخ القديم بمجرد دخوله من البوابة ليجد ذاته في ذلك السوق الذي يحكي الماضي ويقدم الحاضر ويتعايش مع الزمن وعلى بعد قريب تظهر القلعة التاريخية وأسواق أخرى .
إن الحديدة لها نمط خاص في البناء يفرضه المناخ والذي تطور من العشة والعريش إلى مباني الياجور إلى المباني الحديثة المستخدم فيها وسائل ومواد تمنع (الصدء) بعد أن تعرضت العديد من المباني لأضرار الملوحة.
إنها عروسة البحر الأحمر بدون منازع ومتنفس للسكان بل رئة اليمن بعد أن كانت عدن المتنفس الأكثر جذبا للسياحة المحلية أو كان التنافس بينهما جديراً بالعناية والاهتمام كنتيجة حتمية لإقبال السكان على زيارتهما وإطالة الإقامة والسباحة في بحارهما وإن كانت عدن تميزت بقرب الجبال من شواطئها إلا أن الحديدة التهامية لها أكثر من موقع سياحي قريب وبعيد عن المدينة تسرّ الخاطر وتجمع الأهل والأصحاب في ربوع شواطئها وجزرها التي غاب عنها الفرح والبهجة بفعل الضربات الجوية والبحرية .
السياحة المحلية لا تعتمد على المقاصد البحرية فقط وإنما الوجهات متعددة والاختيارات ممكنة أيضاً في مناطق مختلفة جبلية وصحراوية فالمحويت وحجة وإب من المناطق السياحية والجوف ومأرب وحضرموت والمهرة تجمع الصراء والهضاب والشواطئ والمساحات الخضراء لكن الحاجة إلى العناية والرقابة على جودة الخدمات تعد من ضروريات العمل السياحي المفتقد لضعف إمكانات الإدارة السياحية المشرفة والمنظمة للنشاط السياحي وعدم الاهتمام بالموظف العامل في الإدارة السياحية الحكومية والذي تحول معظمهم إلى نازحين في المحافظات والمديريات حتى داخل العاصمة وذلك من عواقب العدوان والقصف الجوي الذي كان يعد أحد الأسباب الرئيسية لاضمحلال أداء الإدارة السياحية ومن ثم العوز والحاجة والذي بلغ مبلغه لدى العاملين في كافة القطاع السياحي . لقد كان موظف السياحة ضحية للعدوان مالياً وإدارياً واسرياً ولذلك فإن المناشدة للجهات المعنية بالسياحة واجبة لما يقع عليها من مسؤوليات كبيرة تبدأ بعودة الحياة الإدارية إلى طبيعتها وبما يتوافق والمهام الواجب تحديدها والقيام بها وتوفير متطلبات تلك الحياة.
إن السياحة تعني الحركة والنشاط والعمل والجودة والإتقان والأخلاق وحسن التعامل وتعتمد على القدرات الإنسانية والتدريب والتأهيل والتثقيف.
إن السياحة المحلية وحاجتها لتوفير الخدمات وجودتها تجعل الجهة المسؤولة عن السياحة أمام واجب وطني لا يقل عن مواجهة العدوان فجودة الخدمات تعني حماية الزوار والمرتادين للمنشآت السياحية من أي تلوث أو أمراض وتقدم للسائح خدمة مقبولة تشجعه على تكرار الزيارة وتحافظ على مستوى الجودة بحيث تسمح عند بداية النشاط بتطور أسرع وأشمل ومنافسة أما إذا ترك الحبل على الغارب فهذا سيؤدي إلى التساهل ومن ثم عدم المبالاة .
وللأسف لم يعد إحصاء السياحة المحلية موضع اهتمام ومتابعة وصار عملا تقديرياً على العموم برغم وجود كادر متخصص وهو ما يتطلب المراجعة لتبقى السياحة المحلية موقع عناية ورعاية الجهات المعنية واهتمام كل المعنيين .وإلى لقاء .