الثورة / مصطفى المنتصر
لم يكن سلاح القصف الجوي والوحشي على الأبرياء كافياً لإشباع غريزة العدوان الإجرامية بل وصل به الحال إلى إطباق حصار شامل على اليمن ليتمكن من حصد المزيد من أرواح الأبرياء بسبب الجوع والمرض.
أكثر من خمس عشْرةَ منظمة دولية ومنها الأمم المتحدة دعت تحالف العدوان لإعادة فتح مطار صنعاء ، قائلة إن إغلاقَه عطَّل وصول المساعدات ومنع آلاف المرضى من السفر للخارج لتلقي العلاج.
واحد من كل 10 أشخاص يموتون عند محاولة السفر للعلاج في الخارج من المنفذين الجويين الوحيدين العاملين في البلاد (عدن وسيئون)”، بسبب بعد المسافة والأوضاع الأمنية غير المستقرة هذا ما قاله المتحدث باسم الهيئة العامة للطيران المدني والأرصاد في صنعاء، مازن غانم.
ويشير غانم إلى أن عدد المرضى الذين توفوا بسبب عدم تمكنهم من السفر إلى خارج البلاد وصل إلى حوالي 15600 مريض منذ إغلاق مطار صنعاء في أغسطس 2016م. وناشد المتحدث الرسمي باسم الهيئة مجلس الأمن الدولي لإصدار قرار عاجل ملزم لرفع الحظر الجوي المفروض على مطار صنعاء الدولي باعتبار إغلاق مطار صنعاء يتسبب بشكل يومي بموت بطيء للمرض اليمنيين وإعاقة لحركة الآلاف من المواطنين والمقيمين في الخارج والداخل.
ووفقاً لإحصائية وزارة الصحة فإن أكثر من 95 ألف مريض، بحاجة ماسة للسفر لتلقي العلاج في الخارج، وخصوصاً حالات مرضى السرطان والفشل الكلوي وزراعة الكلى ومرضى القلب والكبد ونقص المناعة وغيرها من الأمراض المستعصية.
حصار قاتل بسبب العدوان والحاصر الجوي والبحري الظالم الذي يتعرض له اليمن ، يواجه المرضى الذين تستدعي حالاتهم الصحية السفر إلى الخارج، عوائق كبيرة جداً، أبرزها إغلاق مطار صنعاء، والذي يعد شرياناً لحياة 8 ملايين مواطن يقطنون في العاصمة ولا ينجح سوى القليلين منهم في السفر، فيما يصارع البقية المرض بإمكانيات محدودة.
” حليمة ” والدة الطفل عدنان البالغ من العمر 10 سنوات لم تتحمل رؤية طفلها المريض يصارع مرارة الوجع نتيجة معاناته من الفشل الكلوي فسارعت إلى البحث عن مصدر لتمويل رحلة السفر عبر الاقتراض ما أمكن من المال وبيع مقتنيات المنزل حتى تتمكن من إنقاذ طفلها عدنان , لكن ورغم كل ذلك كانت رحلة شاقة ومنهكة للغاية فإغلاق المطار كان عائقاً رئيسياً بالإضافة إلى استغلال حاجة الناس الضعفاء وإلزامهم بالذهاب إلى المحافظات تحت سيطرة قوى الغزو والاحتلال لقطع جواز سفر ما يكلفهم مبالغ ضخمة بالإضافة إلى تعريض حياتهم للخطر. عدنان ونتيجة إغلاق المطار ازدادت حالته الصحية تدهوراً بسبب التأخير, والدته تسرد تفاصيل الرحلة بقولها “قررنا السفر لعلاج عدنان، وتحمل صعوبات الطريق من إب إلى صنعاء ومن ثم إلى سيئون (في محافظة حضرموت مطار شرق اليمن) للسفر جواً”، وعلى متن الحافلة التي استغرقت من الوقت 24 ساعة للوصول إلى حضرموت، لفظ عدنان أنفاسه الأخيرة في أحضان والدته قبل أن يصعد سلم الطائرة.
عدنان، واحد من عشرات الآلاف من اليمنيين، ممن تتطلب حالتهم الصحية السفر إلى خارج البلاد، عدنان فارق الحياة مع عناء السفر، لكن آخرين لم يتمكنوا من توفير التكاليف اللازمة للسفر وتحمل العناء، مما جعلهم يفقدون الأمل والبقاء في منازلهم أو في المستشفيات المحلية التي تقدم خدمات صحية أقل فاعلية، وتعجز عن استيعاب حالات كثيرة.
بدر المخلافي يتحدث هو الآخر عن معاناته جراء استمرار العدوان في إغلاق مطار صنعاء حيث يقول : يعيش والدي في وضع صحي صعب نتيجة لإصابته بمرض القلب وقد شهدت حالته الصحية مضاعفات كبيرة جداً ولاسيما خلال فصل الشتاء وقمنا بإسعافه إلى العديد من المستشفيات داخل العاصمة وعرضه على عدد من الأطباء ولكن دون جدوى.
وتابع قائلاً: مرت أشهر والحالة الصحية لوالدي تزداد سوءاً يوماً بعد يوم حتى وصل به الحال لعدم قدرته على النوم وهو ماتسبب لي بحالة شديدة من الألم والإحباط فأنا طالب جامعي واعمل في احد المحلات إلى جانب دراستي حاولت ان أجد حلولاً لإنقاذ حياة والدي ولكن الحل الوحيد كان صعباً للغاية وهو السفر للعلاج بالخارج لم يكن الوضع المالي المتردي هو العائق الوحيد بل ان صعوبات السفر ومشقته أصبحت هي الهم الوحيد فحالة والدي الصحية لم تعد تتحمل معاناة السفر الشاقة وقضاء ساعات طويلة بين نقاط التفتيش والسفر لساعات طويلة.
30% من الاحتياجات
اللجنة الدولية للصليب الأحمر أشارت في تقرير سابق لها إلى أن 30 % فقط من احتياج اليمن في الجانب الدوائي والمستلزمات الطبية هي ما تصل للبلاد، ما أثر بشكل مباشر على المصابين بالأمراض المزمنة كالفشل الكلوي والسرطان والقلب والسكري وغيرها.
وأكد التقرير أن تأخر وصول المساعدات الإنسانية وطائرات الأمم المتحدة إلى مطار صنعاء بسبب عراقيل تحالف العدوان، يفاقم المأساة الإنسانية للمرضى بشكل عام ومكافحة وباء الكوليرا والدفيتريا وغيرها من الأوبئة بشكل خاص.
مطالبات برفع الحصار
في المقابل، دعت منظمات إنسانية دولية السعودية إلى إيقاف هذه الكارثة وإنهاء الحصار ويأتي في طليعة هذه المنظمات، منظمة اليونيسف ومنظمة أوكسفام كما دعت مؤخراً منظمة الأمم المتحدة، السعودية” لإنهاء الحصار على اليمن في أقرب وقت ممكن لما له من تداعيات كارثية فاقمة من الوضع الصحي والإنساني في اليمن نتيجة منع قوى العدوان لوصول الأدوية واللقاحات وكذا المساعدات الإنسانية.
وفي هذا الشأن حذر مارك لوكوك مسؤول المساعدات الإنسانية بالأمم المتحدة من أنه إذا لم يسمح التحالف بقيادة السعودية بوصول المساعدات لليمن فإنه سوف يتسبب في ”أكبر مجاعة يشهدها العالم منذ عقود طويلة ضحاياها بالملايين“.
وقال سيباستيانو كاردي سفير إيطاليا لدى الأمم المتحدة، ورئيس مجلس الأمن في نوفمبر، بعد إفادة لوكوك إن المجلس عبر عن قلقه بشأن الوضع في اليمن.
وقال كاردي ” أعضاء مجلس الأمن أكدوا على أهمية استمرار عمل جميع موانئ ومطارات اليمن، بما فيها مطار صنعاء وميناء الحديدة، باعتبارهما شريان حياة مهما للدعم الإنساني وغيره من الإمدادات الضرورية“.
قد يعجبك ايضا