استمرار الحرب السعودية على اليمن سبب تآكل آليات التكيف لدى الناس والاقتصاد تعرض لانكماش حاد لم يسبق له مثيل

*في أحدث تقارير الأمم المتحدة عن الاحتياجات للعام 2018م:
كتب/ أحمد حسن
قالت الأمم المتحدة إن اليمن أصبحت حالياً تمثل أكبر أزمة للأمن الغذائي من صنع الإنسان في العالم، مؤكدة أن من صنع هذه الأزمة وقاد اليمنيين للمجاعة والبطالة والموت الاقتصادي منذ 27 مارس 2015م هو التحالف السعودي الغاشم الذي يشن حربا ظالمة على اليمن طيلة تلك الأيام دون هوادة.
وبينت الأمم المتحدة في أحدث تقاريرها عن الاحتياجات الإنسانية لليمن للعام 2018م حصلت “الثورة الاقتصادي” على نسخة منه أن العدوان المستمر وما سببه من تدهور مستمر للاقتصاد أدى إلى تآكل آليات التكيف لدى الناس، مما ترك أجزاء كبيرة من السكان معرضين لخطر المجاعة.
مبينة أن حوالي 8 ملايين شخص من المتضررين من العدوان السعودي بحاجة إلى مساعدة في مجال سبل كسب العيش من أجل تعزيز اعتمادهم الذاتي على تلبية الاحتياجات الأساسية والحد من الاعتماد على المساعدات الإغاثية.
ويقول التقرير إن هذه الأزمة ليست مدفوعة بنقص الأغذية في البلاد. وبالأحرى، فإن أزمة الغذاء في اليمن مدفوعة بعوامل تقيد العرض والتوزيع وتقلص القدرة الشرائية للناس نتيجة لقطع سبل عيشهم ومصادر رزقهم الاقتصادي جراء العدوان.
الاحتياجات الإنسانية والأرقام الرئيسية
ويشير التقرير إلى تزايد استنزاف الناس لآليات التكيف لديهم، ونتيجة لذلك، فإن الأزمة الإنسانية تظل شديدة على نطاق واسع فوقا لأحدث الأرقام حتى نهاية أكتوبر 2017م فإن 22.2 مليون شخص في اليمن بحاجة إلى نوع من أنواع المساعدة الإنسانية أو المساعدة في مجال الحماية، بما فيهم 11.3 مليون شخص شديدي الاحتياج – أي بزيادة أكثر من مليون شخص شديدي الاحتياج منذ شهر يونيو 2017م.
وتشير التقديرات إلى أن 17.8 مليون شخص يعانون من انعدام الأمن الغذائي و 16 مليون شخص يفتقرون إلى المياه المأمونة والصرف الصحي و 16.4 مليون شخص يفتقرون إلى الرعاية الصحية الكافية. تنامت شدة الاحتياجات في جميع أنحاء البلاد منذ شهر يونيو 2017م، حيث بلغ عدد الأشخاص شديدي الاحتياج للمساعدة الإنسانية 11.3 مليون شخص من أجل البقاء على قيد الحياة – وهذا يمثل زيادة بنسبة 15 % في خمسة أشهر.
تطورات
تعرض الاقتصاد اليمني للانكماش بشكل حاد منذ بدء العدوان ، وأصبحت الواردات والحركة الداخلية للسلع أكثر صعوبة وأكثر تكلفة نتيجة للقيود المفروضة على النشاط الاقتصادي من قبل العدوان في الداخل والخارج . في هذه الحالة، حتى اليمنيين من غير المتضررين مباشرة من النزاع قد يكونوا بحاجة إلى مساعدات إنسانية بسبب نقص خيارات كسب العيش والتدهور الاقتصادي الحاد.
وتبين الأرقام الاقتصادية أن الشركات في القطاع الخاص قامت بتقليص ساعات العمل بنسبة 50 % في المتوسط، مما أدى إلى تسريح العمال الذي يقدر بنحو 55 % من القوة العاملة. وتعرض قطاعا الزراعة وصيد الأسماك للضرر بشدة بحكم أنهما القطاعان اللذان يستخدمان أكثر من 54 % من القوى العاملة الريفية وكانا يمثلان المصدر الرئيسي للدخل لما نسبته 73 % من السكان قبل تصاعد العدوان. نتيجة لذلك، تعرضت سبل كسب معيشة 1.7 مليون أسرة ريفية تعمل في إنتاج المحاصيل والثروة الحيوانية لخطر شديد. يقُدّر عدد الأشخاص المتضررين الذين هم بحاجة إلى مساعدة في مجال سبل كسب العيش بنحو 8.4 مليون شخص.
أزمات من صنع البشر وتفاقم أوجه الضعف
على مدى عامين ونصف، دفعت الغارات الجوية للتحالف على اليمن والاشتباكات المسلحة والهجمات على البنية التحتية المدنية إلى الدخول في دوامة متصاعدة، ونجم عن ذلك الأزمة الأكبر للأمن الغذائي في العالم، وتمكين انتشار الكوليرا على نطاق لم يسبق له مثيل. يعيش نصف السكان اليمنيين في مناطق متضررة مباشرة بالنزاع، وكثير منهم يعاني من الاستهداف المتعمد للمدنيين والبنية التحتية المدنية، وغيرها من الانتهاكات الواضحة للقانون الدولي الإنساني.
الأزمة في اليمن هي واحدة من أكبر أزمات الحماية في العالم، وقد أدت إلى نزوح قسري لثلاثة ملايين شخص من منازلهم.
كانت قدرة السكان اليمنيين على الصمود والقدرة على التكيف كبيرة وملحوظة، ولكن تم استنفادها بشكل متزايد خلال الثلاثة الأعوام من العدوان على بلادهم يتعرض الملايين من اليمنيين لخطر الموت، حيث يواجهون مخاطر القتل بالطائرات والآلات الحربية السعودية والمجاعة والكوليرا والتدهور الاقتصادي، ونحو 22.2 مليون شخص بحاجة إلى مساعدات إنسانية – أي بزيادة قدرها 1.5 مليون شخص منذ شهر يونيو 2017م ويمثلون نحو 76 % من السكان.
واجهت اليمن تحدياً مالياً استثنائياً في عام 2017م.فقد انخفض الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 41.8 % بين عامي 2015م و 2017م – أي بما يعادل خسارة 32.5 مليار دولار أمريكي، أو 1,180 دولار أمريكي للفرد ، ومنذ شهر يناير 2017م، فقد الريال اليمني 28 % من قيمته، مما أدى إلى المزيد من تقويض الاقتصاد اليمني الذي يعتمد كثيراً على الواردات المدفوعة قيمتها بالدولار الأمريكي يُضاف إلى هذه العناصر أزمة السيولة المستمرة في اليمن.
هذه الأزمة هي نتيجة لعدة عوامل معززة، بما فيها خفض إنتاج النفط والغاز والركود الاقتصادي الشديد. وقد أدت هذه العوامل إلى فقدان ثقة المستهلك بالريال اليمني وفي القطاع المصرفي بشكل كبير، وانخفضت الودائع في البنوك التجارية الرئيسية إلى ما يقرب من الصفر مع هرع الناس والشركات إلى سحب الأموال من النظام المصرفي الرسمي. كما لم يتمكن البنك المركزي اليمني من تلبية احتياجات المصارف التجارية من العملة الصعبة، وفرضت المصارف التجارية فيما بعد ضوابط على رأس المال ووضعت قيوداً صارمة على السحوبات اليومية من حسابات الادخار، وقد أدى ذلك إلى انخفاض طلب المستهلكين في جميع أنحاء البلاد ورفع من تكاليف الأعمال التجارية للقيام بالأنشطة. وقد أدت هذه العوامل مجتمعة إلى انخفاض الإنفاق المستهلكين، مما أدى إلى المزيد من تفاقم الركود المستمر وخلق دورة ردود فعل سلبية في سوق العمل.
بالمثل، فإن قطاع الزراعة يتعرض لتقييد شديد بسبب نقص المدخلات الزراعية، وخاصة اللقاحات والأدوية والأعلاف والسلع الأخرى الضرورية لقطاع الثروة الحيوانية والدواجن. وارتفع سعر مركزات أعلاف الدواجن بنسبة 70 % منذ بداية الأزمة ، وأدى تضاعف سعر الوقود إلى زيادة تكاليف الري وأسعار المياه، وإجبار المزيد من المزارعين على التخلي عن مزارعهم وبالتالي زيادة تفاقم فقدان سبل كسب العيش.
القيود على الواردات
مثلما أن المساعدات الإنسانية لا يمكن أن تعوض عن المؤسسات العامة، فإنها لا تستطيع أيضاً أن تحل محل الواردات التجارية وتشغيل الأسواق المحلية لتلبية معظم احتياجات اليمنيين للبقاء على قيد الحياة. قبل تصاعد الأزمة، استوردت اليمن 80 – 90 % من احتياجاتها من المواد الغذائية الأساسية، وبلغت احتياجاتها بنحو 544 ألف طن متري من الوقود المستورد شهرياً لوسائل النقل وتشغيل أنظمة المياه والمرافق الصحية، ضمن أنشطة أخرى.
انخفضت واردات الوقود منذ بداية الأزمة، وبلغت 190,000 طن متري فقط في سبتمبر 2017م. ولا يزال ميناء الحديدة، الذي يمثل 70 إلى 80 % من الواردات التجارية في اليمن، هو الشريان الحيوي للحياة. ومع ذلك، فإن هذا الميناء يعمل بطاقة متدنية منذ أن تضرر بسبب الغارات الجوية في شهر أغسطس 2015م.

قد يعجبك ايضا