الرئيس الصماد: العدوان خلف معاناة وكارثة إنسانية لم تحصل في تاريخ البشرية
صنعاء/سبأ/..
التقى الأخ صالح الصماد رئيس المجلس السياسي الأعلى أمس نائب المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة إلى اليمن معين شريم والوفد المرافق له الذي يزور اليمن حاليا بحضور عضو المجلس السياسي الأعلى سلطان السامعي.
جرى خلال اللقاء مناقشة الأوضاع على الساحة الوطنية في ظل استمرار العدوان والحصار وجهود الأمم المتحدة المبذولة في الجوانب الإنسانية بما يسهم في تخفيف معاناة الشعب اليمني.
واستعرض اللقاء الجوانب المتعلقة بالمحتجزين والموقوفين على خلفية أحداث صنعاء الأخيرة وعملية الإفراج عن الكثير ممن شاركوا في تلك الأحداث.
وفي اللقاء رحب الرئيس الصماد بنائب المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة إلى اليمن والوفد المرافق له .. وقال ” نرحب بكم ونحن سعداء بهذه الزيارة في هذا الظرف الاستثنائي والحساس وفعلا كان هناك ظروف استثنائية مرت بها البلاد “.
واعتبر هذا اللقاء بادرة طيبة في سبيل معرفة ما يدور وما يجري في اليمن من معاناة وكارثة إنسانية لم تحصل في تاريخ البشرية .. لافتا إلى أن هناك تناقضاً كبيراً في المواقف الدولية تجاه اليمن أسقطت الكثير من الأقنعة .
وأكد أن اللقاء فرصة لإيصال صوت الشعب اليمني من خلال الوفد لعل وعسى أن يصل هذا الصوت إلى المجتمع الدولي .. وقال ” إن الموقف الذي سمعتموه منا في جنيف هو الموقف الذي سمعتموه في الكويت ومسقط وهو الموقف الذي ستسمعونه اليوم وكذا الموقف الذي ستسمعونه منا بعد ألف عام من اليوم حتى لو حوصرنا ولو لم يبق معنا سوى مربع واحد أو مديرية واحدة في الجمهورية لأننا نمتلك مشروعاً وقضية واحدة وهو نفس الموقف الذي سمعتموه منا ونحن في عدن وحضرموت وجميع أرجاء الوطن “.
وعبر رئيس المجلس السياسي الأعلى عن أمله في أن تمثل هذه الزيارة بداية انفراجة للعملية السياسية .. وقال” نحن جاهزون بمنتهى التفاهمات والحرص على السلام ومد أيدينا للسلام وما بعد هذه الزيارة ليس كما قبلها”.
وأضاف” إننا مع السلام الذي يحفظ للناس الحق المشروع في العيش بكرامة، فنحن لا نقصي ولا نهمش أحداً ولن نستبد بالسلطة ولن نحكم اليمن لوحدنا نحن شركاء مع جميع أبناء الشعب متى ما جاؤوا للتفاهم على طاولة الحوار بعيداً عن محاولة الإقصاء والتهميش والشطب من على الخارطة”.
واستغرب من حالة الصمت الغريب للمبعوث الأممي ولد الشيخ في ظل تصعيد العدوان وقتله للمدنيين وعدم إصدار أي تصريح بذلك .. مؤكدا أن الشعب اليمني بدأ يفقد الثقة بمصداقية الأمم المتحدة ودورها في معالجة وحل الأزمة اليمنية
ولفت الرئيس الصماد إلى أن أي خطط جزئية كما هو مطروح في موضوع الحديدة ضياع للحلول والوقت .. مؤكدا الرغبة في السلام والدخول في أي مفاوضات في حال لمسنا رغبة وجدية من الأمم المتحدة ودول العدوان في تحقيق السلام وأول المؤشرات إثبات حسن النوايا برفع الحصار وفتح مطار صنعاء الدولي وإيقاف الضربات الجوية وطلعات الطيران.
وتابع ” كما تعرفون أننا منذ ما يقارب ثلاثة أعوام في ظل العدوان والحصار وكنا نأمل من الأمم المتحدة أن يكون لها الدور البارز في حل هذه الأزمة “.
وأشاد الرئيس الصماد بالدور الإنساني للأمم المتحدة .. وقال ” لا ننكر الدور الإنساني للأمم المتحدة والذي كان لها موقف إنساني من خلال إيصال المساعدات واستمرار التواصل من خلال بعثات الأمم المتحدة في اليمن وما كان لها من جوانب إنسانية ومواقف إيجابية “.
وتطرق إلى الدور السلبي الذي حصل من قبل، سواء كان المبعوث ينقل غير الواقع أو كان توجها للأمم المتحدة والذي كنا نأمل أن تكون راعية للمستضعفين ومظلة للعالم .
وقال ” على المستوى السياسي كان للأمم المتحدة وللأسف دور مخيب للآمال وربما بعض التعقيدات التي حصلت الفترة الماضية، حيث وصلنا إلى مرحلة لم نعد نعول على الأمم المتحدة إطلاقاً في إيجاد حل سياسي في اليمن وذلك من خلال المعطيات التي شاهدناها في الميدان “.
وأضاف ” مع بداية العدوان كانت الأمم المتحدة هي المشرفة على الحوار القائم بصنعاء برعاية مندوبها “جمال بنعمر” ومشرفة على اتفاق السلم والشراكة كما تعرفون برعاية المبعوث الأممي إلا أن تغيير البوصلة الخليجية غير موقف الأمم المتحدة وتم نسف تلك الحلول التي كان قد اتفق عليها جميع الأطراف السياسية في ما يتعلق بالسلم والشراكة “.
وتابع ” تغير موقف الأمم المتحدة كما موقف الخليجيين تماماً وبالذات النظام السعودي الذي أنكر اتفاق السلم والشراكة واعتبره اتفاقاً تحت التهديد كما يقال بالرغم من أن سفراء الدول العشر رحبوا بالاتفاق ورحبت به الأمم المتحدة والجامعة العربية وباركته المنظمات الإقليمية والعربية والدولية، فلا يعقل أن هذه المنظمات كلها تحت التهديد”.
ومضى ” لكن عندما تغيرت البوصلة الخليجية وبدأت السفارات وبالذات الأمريكية لتعطي إشعار خروج من صنعاء بالرغم من أنكم تعلمون أننا لم نحصر أي توجه سياسي على حكومة الوفاق الوطني وتركنا سياسة اليمن الخارجية على ما كانت عليه ولم يحصل من جانبنا أي تغيير إلا أن إصرار النظام السعودي على شن العدوان غير تلك الموازين وحتى القرار الأممي الذي أتى بعد العدوان بأكثر من 17 يوماً ولم يكن هو المطلب الرئيسي، بل بعد العدوان أتى قرار جاء مجلس الأمن الدولي ثم جاء تنفيذ القرار الدولي وأنتم تعلمون أن هذا القرار جاء لاحقاً للتغطية على العدوان “.
وأعرب رئيس المجلس السياسي الأعلى عن الأمل في أن يكون للأمم المتحدة دور في إيقاف العدوان وصلفه وغطرسته .. وقال” إننا تفاجأنا بتغيير المواقف تماماً وتغيير المبعوث السابق بالمبعوث الجديد الذي لا يزال حالياً يمثل الأمين العام للأمم المتحدة وهو ولد الشيخ والذي لعب دوراً سلبياً أوصلنا إلى مرحلة من اليأس والإحباط بعدم التعويل على الأمم المتحدة إطلاقاً بل استطاع أن يثير فتنة في عدن وكانت تتدخل الأمم المتحدة في أي تصعيد للعدوان لتذر الرماد في العيون من خلال هدن لا تحيي ولا تميت”.
وأردف قائلا ” استطاعوا اجتياح عدن من خلال الهدنة الأولى واجتياح مأرب خلال الهدنة الثانية واجتياح فرضة نهم في الهدنة الثالثة التي كان يعطيها ولد الشيخ ويتبناها أمام العالم أنه في إطار هدنة فيما نرى عكس ذلك في التصعيد على الواقع “.
وأكد الرئيس الصماد أن الأمم المتحدة تعد المظلة الدولية التي يأمل الجميع أن تكون هي الحاكم لهذا العالم أصبحت هي المشرعن للقوي ليأكل الضعيف تماماً وهذا ما وصلنا إليه .
وقال ” إننا نتحاشى الظهور أمام شعبنا بالجلوس مع الأمم المتحدة في هذا الوضع الحساس الذي لم تستطع أن ترفع الحظر عن مطار صنعاء الدولي لخروج عشرات الآلاف من المرضى للعلاج الذين هم ضحية الحرب”.. مبينا أن هناك أكثر من 12 ألف حالة وفاة جراء عدم استطاعتهم مغادرة البلاد للعلاج في الخارج.
وأضاف ” إن الأمم المتحدة لم تستطع هي ومبعوثها فتح مطار صنعاء الدولي لاستقبال أكثر من 90 ألف عالق في الخارج نفدت مصاريفهم وأموالهم وهم الآن يعيشون في الحدائق في كثير من بلدان العالم لم يستطيعوا أن يعودوا لأوطانهم وبعضهم كان مسافراً ليس معه إلا تكاليف السفر والعلاج ومع ذلك لم يستطيع العودة إلى أرض الوطن “.
وتابع ” إن الأمم المتحدة لم تستطع أن تعيد العالقين، ولم يستطع هذا المبعوث والأمم المتحدة اللذين كنا نأمل فيهما إعادة أكثر من 400 من جرحى الصالة الكبرى الذين خرجوا بإشراف الأمم المتحدة، لكنها لم تستطع إعادتهم ولا زالوا عالقين حتى الآن في مسقط وإيران ودول متعددة وكان سفرهم بإشراف الأمم المتحدة “.
وأشار الرئيس الصماد إلى أن المبعوث الأممي لم يستطع أيضا إعادة الوفد الوطني الذي خرج بإشراف ورعاية الأمم المتحدة إلى مفاوضات الكويت وظل عالقا في مسقط أكثر من أربعة أشهر وهو من تكفل بذهابهم وإيابهم من وإلى صنعاء، كما أن الأمم المتحدة لم تستطع إدخال رافعتين إلى ميناء الحديدة وحتى إيقاف أبسط الأشياء.
وتساءل بالقول ” ما الدور الذي ستقوم به هذه المنظمة الدولية، التي كنا نعول عليها وعلى دورها وأنها ستمثل ولو الحد الأدنى أو البسيط في رفع معاناة الشعب اليمني”.
وبالنسبة للجانب الإنساني أوضح رئيس المجلس السياسي الأعلى أن الأمم المتحدة كان لها دور بارز من خلال ممثليها واهتمامها وتعاونها مع بقية المنظمات .. وقال ” ما لمسناه أنه كان هناك دور سلبي للغاية أوصلنا إلى مرحلة من اليأس والإحباط أو التعويل على أي دور أممي وكلما رأينا أي تحرك أممي لحل الأزمة في اليمن، كلما استعددنا لتصعيد وتحرك جديد لقوى العدوان “.
وأضاف ” نحن الآن نتوقع بعد زيارتكم هذه وإن كانت ليست بمستوى كل مرة لأنه اختلف الوضع، نتوقع تصعيداً كبيراً جداً سيتلو هذه الزيارة وغيرها من الزيارات” .. لافتا إلى أن ولد الشيخ كان يأتي كل مرة لليمن فقط ليستغل هذه الزيارة في تقديم إحاطته إلى مجلس الأمن.
وتابع :” نحن كنا نعرف أنه يأتي إلى صنعاء ليقدم رسالة في إحاطته للأمم المتحدة ليقول أنه لا يزال في تواصل مع الأطراف الدولية وكذا الأطراف الداخلية في اليمن وأنه مستمر في الحوار ليتخلص من موضوع الإحاطة “.
ومضى قائلا: ” كما أن ولد الشيخ جاء وقال إن المرتبات صرفت لجميع اليمنيين ونحن لم نر شيئاً وأكثر من 600 مليار ريال طبعت بدون غطاء أدت إلى انهيار العملة الوطنية ولم تدخل حتى للبنك المركزي بعدن، وتم توزيعها على أيدي نافذين ووصلت إلى القاعدة وداعش كدعم لها في المحافظات الجنوبية وأدت إلى حالة تضخم كبيرة”.
واستطرد ” لا هم دفعوا الرواتب في الجنوب ولا هم دفعوا الرواتب في الشمال ولا هم أسلموا العملة من التضخم والترهل والانهيار، فأي دور قامت به الأمم المتحدة في سبيل ذلك ؟ ومع احترامنا لولد الشيخ وهو يقول أنه لم يعد من صنعاء إلا وقد سلمت الرواتب من قبل حكومة المرتزقة نحن لا نقول أنهم شرعية ربما البعض يتأدب ويقول حكومة شرعية نحن نعتبرهم ليسوا شرعيين إطلاقاً هم في الرياض، نحن الشرعية هنا شرعيتنا هي مجلس النواب الذي يعتبر الممثل الرئيسي للشعب اليمني ومن خلال الجماهير التي خرجت من الشعب”.
وقال: ” هادي لا يستند إلى شرعية ومجلس النواب هو الممثل الشرعي للشعب اليمني يستند لشرعية الشعب، وهادي انتهت مدته مع أيام الحوار والتمديد له بدون موافقة أغلب أطراف الحوار وقدم استقالته” .
وتطرق إلى ادعاءات تحالف العدوان بفتحه ميناء الحديدة فيما الواقع عكس ذلك .. وأضاف ” يدعًون أنهم فتحوا الميناء وهم لم يفتحوه حتى الآن، هم سحبوا حتى السفن من داخل الميناء وما يحصل عبارة عن هرطقات إعلامية لا أساس لها من الصحة وكما ترون المشتقات النفطية وصلت أسعارها إلى أسعار خيالية في اليمن جراء الحصار على الشعب اليمني ليس كما يدعون بسبب السلاح، لأن لديهم آليات تفتيش للسفن وهذا ليس مبررا لهم للتواجد في ميناء الحديدة إطلاقاً “.
وتابع ” نحن لدينا الكفاءات والقدرات وكذا لدينا معايير السلامة المعترف بها دولياً في كل أنحاء العالم فميناء الحديدة من أقوى معايير السلامة في العالم وباعتراف الجهات المختصة عالميا والسفن لا تدخل إلاّ بتفتيش حتى على مستوى الأرز والقمح والأدوية حتى كل شيء يمر بتفتيش دول التحالف تماماً وتمر السفن عبر جيبوتي، وكل ما يدعونه مبررات للهيمنة على ميناء الحديدة” .
كما أكد أنه في حال استمرار العدوان سيتم الدخول في خيارات استراتيجية، إذا استمر تصعيد العدوان باتجاه الحديدة هناك خيارات، سيتم استخدامها في طريق اللا عودة وأثناء وصول الحل السياسي إلى طريق مسدود ومنها خيارات قطع البحر الأحمر والملاحة الدولية.
وتابع ” هم يمرون من مياهنا ببواخرهم وشعبنا يموت جوعاً، وإن أرادوا أن نعود إلى طاولة المفاوضات نحن جاهزون ومستعدون للتفاهمات وسيجدون منا ما لم يجدوه في الماضي ليس تنازلاً وإنما حرصاً على حقن دماء الشعب وعلى أمن واستقرار المنطقة”.
فيما عبر نائب المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة إلى اليمن عن الشكر والتقدير لرئيس المجلس السياسي الأعلى لإتاحة الفرصة لهذا اللقاء .. وقال ” سعيد بوجودنا في اليمن وأن هذه الزيارة إلى صنعاء جزء من التفويض الأممي”.
وأوضح أن دورهم كوسيط يخضع للتواصل الدائم، وأن طبيعة عملهم تتمثل في العلاقات والتواصل وأن مرجعيتهم هي قرارات الأمم المتحدة .. مؤكدا أنه لا يوجد حل للأزمة اليمنية سوى الحل السياسي .
وأضاف “ما يهمنا أن نسمع منكم مباشرة لا كما يقولون عنكم، وأن الحل يجب أن يكون توافقيا متوازنا وعلى الشراكة “.
وتطرق شريم إلى موضوع الحديدة وآلية المراقبة والحركة الملاحية .. وقال ” نحن معنيون بأن يبقى الميناء مفتوحا لأنه ميناء مهم للإغاثة الإنسانية، ونحن نعمل بشفافية.. متسائلا أين دور الأمم المتحدة في مشكلة الرواتب ؟ “.
وأشار إلى قضية خطوات بناء الثقة بين الأطراف بحيث تكون خطوات محددة .. لافتا إلى عزمه التحرك في حال حدث إعلان سياسي من جانب صنعاء باتجاه التفاهمات .