حرب واحدة لإنهاء كل الحروب
عبد الجبار الحاج
هذا العنوان ليس خيارا بين خيارين أو أكثر بل مبدأ وحل وحيد للحالة اليمنية سواء تلك القائمة منذ قرن في حروب سعود أو تلك الداخلية في حروب بلا هدف أو هي تنحرف لتتحول إلى حروب عبثية طيلة عقود عدة .
ولا يصح أن يكون هذا العنوان إلا بكونه المبدأ الاستراتيجي الرئيس في وضع حد تاريخي نهائي وحاسم للحروب السعودية اليمنية وامتداداتها التي تتخذ أشكالا متعددة منها الحروب الداخلية المتزامنة مع تلك الحروب التي تتخذ السعودية فيها أشكالا ظاهرة لمرات ومرات أشكالاً مستترة فالظاهرة هي التي تتخذ كما هو اليوم شكل العدو والجيوش المباشرة أو تلك الحروب المستترة التي تتخفي وتقف وراءها خفية بتفجير حروب داخلية وأخرى بتمويل أو إيعاز وبالوكالة أو تلك الألوان من الحروب التي تحولت مرارا فيها السلطة في صنعاء إلى أداة لتنفيذها وبحيث جعلت وعاشت اليمن في ظل حكومات وأنظمة تابعة ومرتهنة للقرار الخارجي الإقليمي الخليجي السعودي أو الهيمنة الدولية .
هذا العنوان نقصد به نوعاً فريداً من الحرب الاضطرارية ، حرب تصبح بالضرورة ذات إستراتيجية وطنية تحتاج إلى قيادة وطنية تستطيع إدارة الحرب الوطنية والثورية بعناية واقتدار إذ تصبح القاعدة الإستراتيجية فيها هي الحرب طويلة الأمد .
واجهت بلدان عديدة وعانت في ظروف وهن وتبعية أنظمتها الحاكمة لقوى الهيمنة الخارجية فعلى سبيل المثال عاشت الصين منذ العام 1840وفي ظل الوهن والضعف الذي استشرى واتسع في الجسد والحضارة وأصاب الصين أرضا وشعبا وحضارة بضروب من الأطماع الاستعمارية العالمية من جهة وبروز إمبراطورية يابانية ذات قوة صاعدة في القرن التاسع عشر آخذة في النمو وبلوغ مستوى القوة العسكرية والاقتصادية التي بدأت تنظر إلى كل الجوار من بلاد الجنوب والشرق الآسيوي والصين منها وكوريا محط أطماعها التوسعية .ضف إلى ذلك ان دول الاستعمار الأوروبي في تلك المرحلة أخذت تتقاسم النفوذ والاحتلال وحلت حروب الأفيون وتمزقت شعوب الصين وتناحرت بالحروب وصارت شعوبها تتخذ هويات محلية بديلة .
صارت اليابان هي من تملي الأسماء والحكومات حتى انها بلغت من الاستضعاف حد وضع 22 مطلبا على حساب الكرامة الصينية . حتى انفجار انتفاضة الطلاب عام 1919 واسقاط الحكومة العميلة وتوالت الاحداث وتطورت على شكل ثورة ثم حرب اهلية سميت بالحرب الثورية ثم احتلال ياباني في ظل ثورة وحرب ااهلية متزامنة مع حرب تحرير وطنية ضد العدوان والاحتلال الياباني ودامت الحرب مستمرة حتى تحرير الصين من الاحتلال الياباني وبالتالي التحرر من بقية الاحتلالات الاستعمارية المتعددة المتقاسمة للصين ، وما اشكال دولتي هونج كونج وماكاو من جهة وتايوان من جهة اخرى الا احد مظاهر مخلفات الاستعمار التي تعاملت معها قيادة الثورة والدولة الصينية عقب الانتصار بحكمة وطنية صينية خاصة شهدت الصين حربا ثورية بقيادة الشيوعيين ضد حزب الكومانتانج المثار عليه ولما حل الاحتلال الياباني بذل ماوتسي تونج ورفاقه جهودا وتنازلات من اجل تأجيل الحرب الثورية لصالح خوض الجميع معركة واحدة ضد الاحتلال الياباني ونجحت المحاولة جزئيا وتحمل الحزب الشيوعي الصيني تضحيات كبيرة وهو يتحاشى محاولات زجه في معارك جيش الكومانتنج الداخلية ابان الجائحة والاحتلال الياباني . وعقب هزيمة اليابان التي كانت حرب الصين قد انهكتها وكان لها الدور الحاسم في هزيمة اليابان …ومن ثم عادت الحرب الثورية طاحنة لخمس سنوات تالية اي الحرب الثورية ضد جيش كاي شيك العميل والحاكم وحسمتها القوى الثورية التحررية لصالح انتصار الثورة الصينية .
خلال عقدين ونصف من الحروب الاهلية والثورية والوطنية اتبع ماوتسي تونج مبدأ حرب واحدة لانهاء كل الحروب ووضع الصين امام عهد تاريخي جديد خالٍ من الحروب الداخلية ووحد خمسة شعوب كبرى ووضع حد ونهاية للاطماع اليابانية وحداً حاسماً لكل المستعمرين والطامعين المتعددي الجنسيات الأوروبية ، وقدم نموذجا اشتراكيا ذا خاصية وخصوصية صينية غدت انموذجا بالغ القوة والحكمة والنمو.
وإلى هذا نكون قد اتخذنا النموذج الصيني الذي مثل مرحلة من التناحر والحروب الداخلية العبثية ومن ثم الثورية وحالة الضعف والوهن والعجز والانقسام التي اصابت الصين مثالا لكيفية الخروج بالوطن والشعب اليمني من حالة تاريخية بائسة وشبيهة بتلك المرحلة الصينية وفق مبدأ حرب واحدة لانهاء كل الحروب .
وسأضع الحالة اليمنية بخصوصيتها وبتشابهها بتجارب تاريخية مشابهة أو ذات عناصر مماثلة في مواجهة استخدام هذا المبدأ بالضرورة والاضطرار لا كخيار من خيارات متعددة متاحة في الجزء التالي من هذا العنوان .