كشفت مجلة “فورين بوليسي” الأميركية عن استعانة الإمارات بمسؤولين سابقين في وكالة الاستخبارات الأميركية لبناء إمبراطورية تجسّس في منطقة الخليج”.
وكتبت المجلة ضمن تحقيق لها “في إحدى الفيلات المصمّمة على النمط النموذجي الحديث في الخليج، في مكان ما قرب ميناء زايد، شمال شرقي أبوظبي، تقيم مجموعة من الرجال القادمين من الغرب الأميركي (المنطقة المعروفة بارتباطاتها المتجذرة في المؤسسة العسكرية والاستخباراتية داخل الولايات المتّحدة). هناك وجدوا لهم وظيفة جديدة بعد التقاعد من وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية (CIA): تدريب الإماراتيين على الوسائل الحديثة في الجاسوسيّة”.
وأضافت أنّ الهدف البعيد الذي تخطط له الإمارات من وراء كلّ ذلك؛ وتدفع من أجله 1000 دولار شهريًا لكل واحد من هؤلاء، هو “بناء إمبراطوريّة تجسس في منطقة الخليج”.
واستقت المجلة معلوماتها من تفاصيل التدريبات في جدول رسمي اطلعت عليه الخارجيّة الأميركية بعد أن وضعه مسؤولون سابقون في الاستخبارات الأميركية، فضلًا عن مصادر داخليّة من تلك الفيلا الفارهة، ورسم صورة تفصيلية ليوميات العمل فيها.
وجاء في التحقيق: “يبدأ اليوم بالأساسيات: في العاشرة من صباح يوم الأحد محاضرة بعنوان “ما هي الاستخبارات؟”، ويوم الثلاثاء، يتعلّم المجندون كيفية العمل في فرق مراقبة من 4 إلى 6 أشخاص. على مدار الأسبوع الأول، يشرعون في “لعبة التفتيش” المصمّمة لصقل مهارات حلّ المشاكل عندهم. الأسابيع الأخرى تصبح أكثر تقدمًا؛ يتعلم الطلاب كيفية تأليف هويّات التغطية لاستخدامها عند حضور الاحتفالات مع الدبلوماسيين. يتعلمون كيفية إدارة أصول الاستخبارات، ويشاهدون التمثيليات حول تجنيد بعض المصادر الليبية”.
كما كشفت المجلة الأميركية أن المجندين الإماراتيين يتدربون أيضًا في موقع آخر على بعد حوالى 30 دقيقة من وسط أبوظبي، يسمّى “الأكاديمية”، تحتوي أيضًا على مرامٍ للبنادق، وثكنات، ودورات سياقة، ويشبّهها مُعدّ التحقيق بـ”مزرعة” وكالة الاستخبارات الأميركية في كامب بيري، وهي منشأة تدريب تقع في جنوب شرق ولاية فيرجينيا.
وبالاستناد إلى عدّة مصادر متطابقة، خلص التحقيق إلى أن الشخص الرئيسي وراء هذه العملية هو لاري سانشيز، ضابط المخابرات السابق الذي ساعد في بدء شراكة مثيرة للجدل بين وكالة الاستخبارات المركزية وإدارة شرطة نيويورك، كان هدفها تجنب أي عمل إرهابي محتمل عبر تعقّب الأشخاص العاديين، ومعظمهم من المسلمين، في المساجد، والمكتبات وسواهما.
كذلك كشف التحقيق أن سانشيز كان يعمل لدى ولي عهد أبوظبي، محمد بن زايد، على بناء قطع كبيرة من الخدمات الاستخبارية من الألف إلى الياء، وهو ما أكّدته ستّة مصادر متطابقة لـ”فورين بوليسي”.
لكن المجلة تشير أيضًا إلى الدور الذي يلعبه في هذا المجال مؤسس “بلاك ووتر”، إيريك برنس، الذي انتقل إلى الإمارات لإنشاء كتيبة من عناصر أجنبية تسيّر لخدمة بن زايد نفسه، كما أن المستشار السابق للبيت الأبيض في مجال مكافحة الإرهاب، ريتشارد كلارك، يعمل أيضاً منذ فترة مستشارًا مرموقًا لدى ولي عهد أبوظبي، بصفته الرئيس التنفيذي لشركة “Good Harbor Security Risk Management”.
ورغم أن سانشيز رفض التعليق على أسئلة “فورين بوليسي”، إلا أن مسؤولين استخباراتيين سابقين، بعضهم متعاقد مع الإمارات الآن، تحدّثوا إلى الموقع المذكور، وأبدوا شكوكهم وتحفظاتهم حول ما إذا كان ذلك التدريب فعالًا وقانونيًا ويصب في مصلحة الولايات المتّحدة.
وما عزّز تلك الشكوك، وفق المجلة نفسها، خضوع الشركة الإماراتية “دارك ماتر” (حكومية)، والتي تشارك الآن في إدارة العقد، حاليًا للتحقيق من قبل مكتب التحقيقات الفيدرالي الأميركي “إف بي آي”.
كما اتفقت الشخصيات التي تحدثت إليها “فورين بوليسي”، على أن انتداب “مقاولين خاصين لإنشاء جهاز استخبارات خارجي عملٌ غير مسبوق على الأرجح”، كما تحدث بعضهم عن جهود متعثرة منذ سنوات لجلب برنامج تدريب استخباراتي مشابه إلى السعودية.
Prev Post