توقيع ترامب.. نقطة تحول في اتجاه تهويد القدس
حسن حمود شرف الدين
ليس عيبا أن نقول إن الكيان الصهيوني المسمي نفسه بدولة “إسرائيل” انتصر على الأنظمة الإسلامية واستطاع انتزاع اعتراف الولايات المتحدة الأمريكية بأحقية هذا الكيان بأن تكون القدس عاصمة له.. حينما وقع رئيس الولايات المتحدة الأمريكية ترامب على قرار نقل سفارة أمريكا من تل أبيب إلى القدس، واعتبرها –ترامب- عاصمة للقدس.
منذ أكثر من ستين عاما والعالم الإسلامي يعتبر قضية فلسطين القضية الأولى منذ زرع الكيان الصهيوني في جسد الأمة الإسلامية بمساعدة مباشرة وغير مباشرة من قبل قيادات الأنظمة العربية والإسلامية للحفاظ على مواقعهم واستمرارهم في الحكم.. وهذا ما أدى إلى تنازلات أكثر لصالح الكيان الصهيوني من خلال السيطرة على قطاعات ومساحات واسعة في الأرض الفلسطينية وانكماش أبناء فلسطين في مناطق محصورة ومحددة وتجنيس البعض بالجنسية الصهيونية.. وزادت وتيرة التنازلات بالسماح للكيان الصهيوني ببناء عشرات المستوطنات لليهود القادمين من مختلف دول العالم عن طريق الموساد الصهيوني.
ورغم أهمية الأقصى الشريف الدينية بالنسبة لشعوب العالم الإسلامية إلا أن رغبات أنظمة الدول الإسلامية تتعارض مع رغبات شعوبها.. فهم يرون أن استمرار الأنظمة هي بموالاة أمريكا وإسرائيل، فمن يوالونهم يستمرون في حكمهم ومن يعارضهم ويعارض الأطماع الصهيونية يواجه حملة إعلامية مضادة من قبل الإعلام التابع للكيان الصهيوني والأمريكي حتى يتم إسقاطه وتغييره بشخصيات موالية لها في أضعف الحالات ما لم يتم قتله أو سجنه.
بالمقابل ظهرت حركات المقاومة على الأرض وظهر كذلك الإعلام المقاوم الذي حمل على عاتقه مواجهة إعلام التضليل والترويج التابع للعدو الصهيوني والأمريكية، واستطاع خلال فترة وجيزة تفنيد الخرائط البرامجية والإخبارية التابعة للقنوات المضللة واستطاع تحريك الشعوب الإسلامية تجاه قضاياهم الوطنية وفي مقدمتها قضية فلسطين التي تتعاظم يوماً بعد يوم.
بالأمس قام ترامب بتوقيع قرار نقل سفارة الولايات المتحدة الأمريكية إلى القدس، ويبدو أن توقيع القرار مقدمة لإعلان القدس رسميا عاصمة للكيان الصهيوني، وما هذا التوقيع إلا قياس للرأي العام للشعوب الإسلامية وأنظمتهم القيادية، فإذا ما قوبل هذا القرار بالرفض الجاد وكانت له ردود أفعال سلبية بالنسبة للإدارة الأمريكية والكيان الصهيوني سيكتفون بهذا القدر وربما يتراجعون عن هذا القرار.. وإذا ما حدثت انتكاسة في الشارع الإسلامي الذي يعيش حالة من عدم الاستقرار والحروب الداخلية وهدأ الشارع سريعا فستكون أمام الكيان الصهيوني فرصة إعلان القدس عاصمة له رسميا، ويسعى إلى أن يتم الاعتراف بها رسميا في الأمم المتحدة ومجلس الأمن، غير آبهة بردود الأفعال وغير آبهة أيضا بقوانين وأنظمة الأمم المتحدة ومجلس الأمن والأعراف الدولية، فهم يتحركون من باب عدم ترك الفرص واستغلالها الاستغلال الكامل والمدروس.
هنا نقف أمام واجب شعوب العالم الحُر والمساند للقضية الفلسطينية أمام قرار ترامب والذي يعتبر “وعد بالفور الثاني” في اتجاه إعلان القدس عاصمة للكيان الصهيوني، وكيف يمكن لنا الانتصار للقضية الفلسطينية والانتصار لأبناء وأطفال القدس، هناك عدد من المسارات الاجتماعية والسياسية والعسكرية والاقتصادية.
والحقيقة إن جميع المسارات مرتبطة بالمسار الأول المسار الاجتماعي فإذا ما تمت توعية الشعوب الحُرة بماهية القضية الفلسطينية وكيف دخل الكيان الصهيوني جسد الأمة الإسلامية واستطاع خلخلتها من الداخل فإننا نحصن أنفسنا من الداخل من التفكك مرة أخرى.. كما يجب توعية المجتمعات العربية والإسلامية على أهمية الوحدة الوطنية الجامعة والقضية الفلسطينية التي تعتبر أم القضايا العربية والإسلامية كقضية توحد الجميع ضد عدو واحد ولدود وهو الكيان الصهيوني.
وفي المسار السياسي استمرار البيانات المنددة للتوجه الأمريكي تجاه القضية الفلسطينية والمصاحبة بالمسيرات والمظاهرات الشعبية التي تجتاح المدن العربية والإسلامية وتعزيزها مع تغطيتها التغطية الإعلامية المناسبة.. وفي المسار العسكري دعم الجانب الفلسطيني بالسلاح والرجال والمال حتى يتمكنوا من الاستمرار ومواجهة انتهاكات الكيان الصهيوني وهذا سيكون له أثر في طريق الرجوع في القرار واعتبار القدس عاصمة أبدية لفلسطين والأمة الإسلامية، إذا ما تم التحرك العسكري للأمة الإسلامية فستنقلب الطاولة على الكيان الصهيوني وسيزول سريعا.
بينما سيكون لسلاح المقاطعة والذي يأتي في إطار المسار الاقتصادي الأثر الأكبر، خصوصا وأن العدو الأمريكي والصيهوني يعمل حساب الربح والخسارة، فإذا ما قاطعت الشعوب الإسلامية جميع البضائع الأمريكية والصهيونية، كما أنه يعتبر سلاحا فعالا لتغيير القرارات والاستراتيجيات التي تتحرك وفقها الإدارة الأمريكية لصالح الكيان الصهيوني.