عندما كانوا عرباً !
عبدالمنان السُنبلي
كانوا ينجدون الملهوف ويكرمون الضيف والأسير ويحترمون العهود والمواثيق ولا يطأون إلا مواطئ العزة والكرامة ويعينون على قضاء حوائج المحتاج وكانوا وكانوا …، ثم جاء الإسلام ليتمم مكارم هذه الأخلاق ويتوجها ويشرّعها دستوراً للناس كافة من العرب وغير العرب . لم يكن لديهم في الحقيقة جامعة عربية يطبخون في أروقتها لقيصر وكسرى ويتعلمون في كواليسها علوم العمالة والخيانة وفنون التضحية والفداء بالآخر ولم يكونوا يجتمعون حول مائدةٍ مستديرةٍ يستعرض فيها كل واحدٍ منهم تجربته وخبرته الطويلة في مجال احتساء مرقة لحوم الخنازير أو في مجال الغوص والسير على الرؤوس في الرمال !
لم تكن تفصلهم حواجزٌ ولا حدود ولا أزماتٍ أو امتيازاتً لأحدٍ على أحد، فكان العربي يطوف ويتنقل من أقصى المغرب العربي إلى أقصى المشرق العربي لا يسأله أحدٌ عن جنسيته أو هويته أو مسقط رأسه إلا للتعارف فقط ولم يكونوا يعترفون بإسرائيل أو يهادنونها ولا يساومون على شبرٍ واحدٍ من أرض فلسطين أو غير فلسطين من بلاد العرب وكانوا يؤمنون إيماناً مطلقاً بوحدة المصير والهدف، فعدوهم واحد وصديقهم واحد وصوتهم واحد وكانت الوحدة العربية الهاجس الذي يؤرقهم والحلم الذي يجمعهم، فكانت بحد ذاتها عِلْماً قائماً يُدَرَّس في كل مراحل التعليم في المدارس والمعاهد والجامعات وكانت أيضاً مرجعيةً وحجةً يُستَشهد بها ويُعتَد !
فما الذي جرى لكم يا عرب ؟! وأي خنزيرٍ هذا الذي أجتمعتم على شوائه ذات مساءٍ فتلاشت بشحمه نخوتكم وغيرتكم على أنفسكم وأمتكم وأوطانكم ؟!
ليت أيام جاهليتكم الأولى تعود، فأصنامكم فيها على الأقل كانت صمّاء وخرساء ستتحطم وتتبدد عند سماع صوت أذانٍ أو إقامة صلاةٍ أو تلاوة آيةٍ من القرآن !
ليتها تعود ولا جاهليتكم هذه التي تعيشون ظلامها الدامس اليوم وما غدوتم تؤلهون فيها من أصنامٍ ناطقةٍ ودُمىً متحركةٍ أفقدتكم آدميتكم وإنسانيتكم فلم تعودوا تفقهون قرآناً أو تفهمون حديثا !
عربٌ ولكن لو نزعت قشورهم
لوجدتَ أن اللبَّ أمريكانُ !