لقاح شلل الأطفال الفموي في اليمن .. خمسة وثلاثون عاما◌ٍ من العطاء وقاية للأجيال


حاوره/قحطان حاجب –
ملايين الأطفال في اليمن منذ سبعينيات القرن الماضي حصنوا بجرعات متعددة من اللقاح الفموي المضاد لفيروس شلل الأطفال صار الكثير منهم اليوم في ريعان الشباب صحيحاٍ معافى حتى أن البعض منهم تزوج وأنجب أطفالاٍ دون أي مشكلة.
في ثنايا الحوار الذي أجريناه مع الدكتور علي محمد جحاف مدير عام صحة الأسرة بوزارة الصحة تساؤلات كثيرة تضع القارئ على حقائق دامغة وتفاصيل شيقة حول اللقاح الفموي المضاد لفيروس شلل الأطفال بالتزامن مع حملة تحصين وطنية ضد شلل الأطفال نحن بصدد جولتها الثانية من (30 يونيو – 2 يوليو 2013م) من منزل إلى منزل في جميع محافظات الجمهورية فإلى ما دار في هذا الحوار :
تعدد ذو أهمية وقائية
> بعض اللقاحات تستلزم جرعتين أو ثلاث جرعات لتعطي الفعالية المطلوبة ما أهمية تكرار جرعات لقاح شلل الأطفال¿ ولماذا لا يْكتفى بحصول الطفل على جرعات اللقاح التي تلقاها في التحصين الروتيني¿
– تكرار الجرعات يأتي لضرورة وقائية ففي اليمن حوالي (200) ألف طفل دون العام سنوياٍ لا يتم تطعيمهم باللقاحات الروتينية ومنها اللقاح المضاد لشلل الأطفال ويزداد عددهم بالمثل كل عام ويتراكمون ليشكلوا فجوة كبيرة في الحالة المناعية لأطفال اليمن كونهم ضمن مرحلة عمرية مبكرة ضعيفة المناعة وعرضة للإصابة بأمراض يمكن الوقاية منها بالتطعيم ومن ضمنها مرض شلل الأطفال وفي ظل مثل هذا الوضع تكون الفرصة مواتية لانتشار وباء شلل الأطفال في حال دخول الفيروس إلى البلاد لذا لزم تجاوز هذا الوضع بتنظيم الحملات فمن خلالها يحصل الأطفال على لقاح شلل الأطفال مرات متعددة وعندما تضاف إلى ما يحصل عليه الطفل من جرعات أثناء التحصين الروتيني فلا ضير في ذلك كون اللقاح المضاد لفيروس شلل الأطفال كلما تعددت جرعاته يزيد من جاهزية الحالة المناعية للطفل واستعداده للوقاية من المرض دون أي ضرر.
رقابة على التصنيع
من المعروف ان الفيروسات المسببة للامراض تتكيف وتتاقلم مع طبيعة العلاج أو اللقاح ومع التكرار يمكن ان تكتسب المناعة ضد تأثيره مما يدفع بمؤسسات البحوث الطبية والشركات المصنعة إلى التطوير المستمر هل تتخذ الاستراتيجية نفسها في عملية تصنيع لقاح شلل الأطفال الفموي¿
لقاح شلل الأطفال يحضر في معامل عالمية ويخضع لرقابة ومتابعة محلية وخارجية وقد أصدرت منظمة الصحة العالمية معاير لتنظيم هذا الجانب وتتخذ إجراءات صارمة بحث اي معمل يخالف تلك المعايير.
والجمهورية اليمنية واحدة من أكثر من 150 دولة في العالم لا تشتري اللقاح إلا من المعامل المصرح لها من منظمة الصحة العالمية وعبر منظمة اليونيسف.
وهذا اللقاح عبارة عن الفيروس نفسه ولكن في حالة من الضعف لا يقوي معها علي التسبب بالمرض بينما قادراٍ على استثارة الجهاز المناعي لتكون المناعة الكافية للوقاية من الفيروس إذا حدث وان هاجم الجسم.
لقاح فموي فعال
هل من خطط وضعتها الوزارة لإدخال اللقاح الحقني بدلاٍ من الفموي¿ ولماذا لم يدخل إلى اليمن حتى الآن¿
اللقاح الفموي المضاد لفيروس شلل الأطفال لقاح فعال جداٍ وهو المرتكز الأساسي لمكافحة هذا المرض حيث اثبت فعاليته عبر عقود طويلة من استخدامه.
وقد حققت اليمن الخلو من فيروس شلل الأطفال بتوفيق من الله منذ العام 2006م وحتى الان باستخدام هذا النوع من اللقاح وكذلك غيرها من الدول تستخدم نفس اللقاح.
ولا يوصى باستخدام اللقاح الحقني إلا عند بلوغ التغطية باللقاح الروتيني نسبة لا تقل على 90% مع تدني احتمال دخول الفيروس إلى البلاد وهذا العاملان ليسا متوافرين علاوة على كلفته الأعلى بكثير من اللقاح الفموي.
وبالتالي اتخاذ القرار بإدخال اللقاح الحقني تحكمه عوامل متعددة أهمها ما ذكرته.
35 عاماٍ … وقاية للأجيال
متى دمج لقاح شلل الأطفال لأول مرة في اليمن ضمن التطعيمات الروتينية¿ وما مدى مأمونيته القصيرة والطويلة الأمد¿
استخدام لقاح شلل الأطفال بدأ في اليمن منذ تأسس البرنامج الوطني للتحصين الموسع عام 1978م وعبر 35 سنة من استخدامه ثبت أنه لقاح عالي المأمونية والفعالية ويؤيده تجربة جميع البلدان التي تستخدمه.
إن معظم الجيل الشاب في سن الثلاثينيا ودون هذا السن من الذكور والإناث في اليمن قد تلقوا هذا للقاح في طفولتهم وما من مشكلة حدثت لهم وكثير منهم تزوج وأنجب أطفالا بشكل طبيعي وأمام هذه الأدلة الواقعية الحية لن ألجا للرد على إشاعة تأثيره على عملية الانجاب إلى الأدلة العلمية.
واكتفى بالقول أن اليمن في الوضع الحالي واحدة من أعلى بلدان العالم خصوبة ومتوسط ما تنجبه المرأة اليمنية يتراوح ما بين «6-7» أطفال خلال فترة حياتها الإنجابية وما يشاع للأسف يأتي من ذوي المواقف السلبية تجاه التحصين ولا يستندون إلى أي دليل علمي أو عقلي أو أخلاقي بل يأثمون لتسببهم بحرمان بعض الأطفال من الحصول على حقهم في الرعاية الصحية والوقاية من مرض خطير يتربص بغير المطعمين ليصيبهم ويكبلهم بقيود إعاقة دائمة تلازمهم مدى الحياة أو يسبب لهم الوفاة في أسوأ الأحوال.
إسناد المجتمع ومؤسساته
> لماذا تعول وزارة الصحة على إسناد جهات أخرى لا علاقة لها بالصحة أو التحصين كالأوقاف والتربية والسلطة المحلية لأجل إنجاح حملاتها¿
– حملا التحصين تسمى حملات وطنية ولا تسمى حملات وزارة الصحة العامة والسكان.. بينما الإسناد ومد العون من جهات ومؤسسات كخطباء المساجد والمدارس والمجالس المحلية والإعلام بمختلف وسائله وأدواته ورسائله التوعوية البناءة يعتبر غاية في الأهمية ومطلوباٍ تماماٍ لدى القطاع الصحي لأننا لا نستطيع إنجاز العمل لوحدنا بالمستوى الذي يضمن نجاحه والتغطية الشاملة للمستهدفين بالتطعيم من الأطفال.
كيف لا¿ وأمر التحصين يرتبط بالجميع ومسؤولية على عاتق كل أب وأم وكل فرد فاعل في هذا الوطن الغالي..
وبروح المسؤولية التي يجب أن يتحلى بها الجميع فإن الأبناء المستهدفون بالتطعيم هم أبناؤهم والحفاظ على صحتهم من خلال التحصين الصحي مسؤولية على عاتقهم.
من هنا فإن بلوغ جميع الأطفال دون سن الخامسة في كل مناطق البلاد لتطعيمهم ضد شلل الأطفال في حملة التحصين الوطنية الممتد تنفيذها خلال الفترة من (30 يونيو – 2 يوليو 2013م) من منزل إلى منزل إنما يستلزم مساندة الجهات التي ذكرتها وكذا الشخصيات والرموز الاجتماعية الفاعلة في المجتمع وقيام كلُ بدوره الذي أنيط به.
تجنباٍ لعودة فيروس الشلل
> بعض بلدان القرن الأفريقي تشهد ظهور فيروس الشلل الضاري وفي مقدمتها الصومال في حين أن اللاجئين من الصومال يتدفقون باستمرار إلى اليمن.. ما الذي تتخذه وزارة الصحة من إجراءات منعاٍ لدخول حاملي عدوى فيروس الشلل إلى اليمن¿
– بادرت وزارة الصحة منذ الإعلان عن ظهور حالات الشلل في الصومال الشقيق إلى التواصل مع مكاتب الصحة بالمحافظات لاتخاذ إجراءات استثنائية لتكثيف أنشطة التحصين وبالذات للأطفال دون سن الخامسة لتتضمن المناطق التي يمر بها ويتواجد فيها اللاجئون وتنظيم حملات تطعيم مصغرة تستهدف الأخوة الصوماليين من جميع الأعمار في جميع مراكز تجمعاتهم وعند منافذ الدخول إلى البلاد وتكثيف أنشطة التحصين ضد شلل الأطفال في مخيماتهم ومناطق سكنهم وقد تم ذلك بالتنسيق والتعاون المشترك مع منظمتي الصحة العالمية واليونيسف ومفوضية الأمم المتحدة للاجئين.
وفي بداية شهر يونيو 2013م تم تنفيذ حملة تحصين احترازية شملت المحافظات ذات الخطورة العالية.
وفي جميع هذه التدخلات أو تلك أبدت مكاتب الصحة بالمحافظات مسؤولية واهتمامين كبيرين من أجل منع عودة فيروس شلل الأطفال إلى اليمن من جديد بما يعزز الحفاظ على خلو وطننا الحبيب من فيروس الشلل الذي تحقق له منذ عام 2006م.
وأود الإشارة هنا – رداٍ على سؤالك – أنه ليس من الإجراءات المتبعة عالمياٍ منع دخول أي مشتبه بحمل فيروس الشلل أو القادم من دولة حدث بها الوباء.
نصائح قبل الختام
في الختام ما النصائح التي توجهها إلى المجتمع بما يلبي تطلعات وزارة الصحة للتغطية الشاملة للمستهدفين من الأطفال دون سن الخامسة بلقاح التحصين¿
أتوجه للآباء والأمهات الأعزاء بالقول: إن القول الفصل لنجاح أي حملة تحصين يكمن في قراركم بتطعيم أطفالكم وكل ما يبذل من جهود على جميع المستويات وما يحشد من موارد وأموال وما يتم تجنيده تكونوا أنتم من يريد أن يؤدي بعض مسؤولياته نحو أبنائه وما لم تكونوا ترجون من التحصين أن يحقق نفعاٍ فتؤدون هذا الحق لتجنبوا أطفالكم من الوقوع في منزلق الإصابة بشلل الأطفال.
أما من لا يروقه تأمين الوقابة لأطفاله أو يشكك في نفع التحصين فيمنعه من أبناءه فإنما يسعى في الضر والإضرار سواءٍ علم مال ذلك أم جهل.

قد يعجبك ايضا