بالمختصر المفيد.. دنبوع لبنان ومهفوف السعودية
عبدالفتاح البنوس
يبدو أن دنبوع لبنان سعد الحريري لم يتعظ بما قام به دنبوع اليمن عبدربه منصور هادي، عندما قرر التحول إلى خادم مطيع للديوان الملكي السعودي ومرتزق لدى اللجنة الخاصة السعودية، وإن كانت عمالة الحريري للسعودية وطاعته العمياء لآل سعود قديمة ومتجذرة، فجأة ودونما سابق إنذار ،وبلا مقدمات ومبررات معقولة ومقبولة، ومن بلاد نجد والحجاز ظهر دنبوع لبنان بعد أن غادر بيروت كما ظهر دنبوع اليمن عقب هروبه من صنعاء إلى عدن، ظهر متقزما ومهانا، وهو يجبر على قراءة بيان الاستقالة من رئاسة الحكومة اللبنانية، هذا البيان السعودي الذي يبدو أن الوزير السعودي السبهان هو من قام بصياغته الذي تضمن إساءات واتهامات مباشرة لإيران وحزب الله باختطاف الدولة اللبنانية والقرار اللبناني على حد ما ورد فيه، والذي هاجم فيه سلاح حزب الله الذي كان له الفضل بعد الله في التصدي للكيان الصهيوني وكسر شوكته وتمريغ سمعته العسكرية في الوحل ونجح في تحرير الأراضي اللبنانية المحتلة، وتمكن من تطهير جرود عرسال وما جاورها من دنس مليشيات تنظيم داعش الصهيو أمريكو سعودي في الوقت الذي كان دنبوع لبنان المدلل يتنقل بين العواصم الأوروبية ويطرق أبواب البيت الأبيض لتقديم قرابين الولاء والطاعة وتلقي التوجيهات حول ما ينبغي عليه القيام به ضد إيران وحزب الله.
دنبوع لبنان وقع في فخ العمالة والارتهان الأمريكي السعودي، حيث كان بإمكانه تقديم استقالته من داخل الأراضي اللبنانية تحت أي مبرر، دون الحاجة للهروب نحو السعودية، والظهور بتلكم الصورة المخزية والمهينة والمذلة له ولأنصاره، ولكن المخطط الأمريكي الإسرائيلي الذي سلم للمهفوف محمد بن سلمان والمراد تنفيذه في لبنان والذي يسعى لشن حرب عدوانية على حزب الله تحت شماعة استعادة الدولة اللبنانية ومنع التدخلات الإيرانية، بهدف تخفيف الضغط على الجماعات الإرهابية في سوريا والعراق، والرد على الانتصارات التي تحققت هناك، على أمل أن يسهم ذلك في منح تلكم الجماعات الفرصة لالتقاط أنفاسها وترتيب صفوفها من جديد، وتمكينها من إعادة السيطرة على المناطق التي تم دحرها منها في سوريا والعراق، ولا غرابة هنا أن يقبل دنبوع لبنان على نفسه لعب هذا الدور الخسيس الوضيع، والذي يهدد أمن واستقرار لبنان، ويدفع بها نحو الحرب الأهلية والدمار الشامل وخصوصا في ظل تناغم وجهات النظر الأمريكية والإسرائيلية والسعودية الوهابية تجاه إيران وحزب الله، وتطابق توجهات دنبوع لبنان مع مهفوف السعودية فيما يتعلق بالتطبيع مع الكيان الإسرائيلي وتبني ثقافة التصالح والتحالف والتآخي معه، في الوقت الذي يهاجمون فيه إيران ويرون فيها الخطر الذي يتهدد المنطقة .
إنه زمن كشف الحقائق وسقوط الأقنعة، وما لا يدركه دنبوع لبنان هو أن ما أقدم عليه من خطوات تصعيدية للأوضاع في لبنان لن يؤتي الثمار التي يؤمل جنيها، ولن تمكنه من تحقيق الأهداف التي يسعى لتحقيقها، فخيانته لوطنه حرمته من تعاطف الكثير من اللبنانيين معه، ومن الصعب أن يؤثر سقوطه في وحل العمالة والارتهان للكيان السعودي على وحدة الصف اللبناني والتفاهمات القائمة التي شكلت مصدر قلق لآل سعود، وخصوصا أنها مثلت إعلان تحرر القرار اللبناني من الوصاية السعودية التي ظلت مهيمنة على سلطة القرار داخل لبنان، وظلت مصدر التعطيل والإعاقة لأي تفاهمات أو توافقات لبنانية – لبنانية بين القوى والفصائل والتيارات اللبنانية .
بالمختصر المفيد، دنبوع لبنان لا يختلف كثيرا عن دنبوع اليمن ، فكلاهما غارقان في وحل العمالة للسعودية ،وكلاهما محط سخط واستهجان شعبيهما، ومثلما أفشل اليمنيون مخطط دنبوع اليمن، سيفشل اللبنانيون مخطط دنبوع لبنان، بإذن الله وتوفيقه، ولن يحصد آل سعود والصهاينة والأمريكان وبقية محور الشر غير الخزي والعار والهزيمة والمهانة ، وستظل المقاومة اللبنانية الصخرة التي تتحطم عليها كافة مؤامرات الأعداء، وستظل ملهمة البطولة والتضحية والفداء لكل أحرار العالم، ولن يحيق المكر السيئ إلا بأهله .
هذا وعاشق النبي يصلي عليه وآله .