ذمار / ماجد السياغي
لطالما كان للقبيلة اليمنية ولازال دورها الفاعل الذي يربط الماضي بالحاضر ولم تكن ردة فعل القبائل اليمنية تجاه العدوان السعودي الأمريكي الا موقفاً طبيعياً .
محافظة ذمار إحدى المحافظات التي سطرت فيها القبيلة اليمنية أروع ملاحم الوعي والتلاحم والالتفاف الشعبي في وجه العدوان الكوني على اليمن ترجمته اللقاءات القبيلة المعبرة عن تماسك النسيج الاجتماعي واللوحات المؤيدة والمباركة للإجماع الوطني ، وازداد حضورها يوم أعلن المجتمعون النفير والنكف القبلي في أو اسطها ، وأكدتها قوافل الجود والعطاء والكرم المسنودة بالمال والعتاد والرجال دعماً لأبطال الجيش واللجان الشعبية المرابطين في جبهات العزة والكرامة .
مواقف مناهضة للعدوان
منذ الوهلة الأولى أعلن أبناء القبائل في محافظة ذمار عن موقفهم الواضح والصريح المناهض للعدوان ومن يقف معه ويدعمه ويسانده حيث شهدت مختلف القرى والعزل والمديريات عديد اللقاءات القبلية الموسعة التي أكد من خلالها المجتمعون أهمية التحرك الجاد والواعي لمواجهة العدوان السعودي الامريكي وإعلان التعبئة العامة وحشد كل الإمكانيات المادية منها والبشرية استجابة لنداء الواجب الديني والوطني وانسجاماً مع قيم وأعراف وعادات القبيلة اليمنية الأصيلة في الدفاع عن الوطن ضد العابثين بأمنه وسلمه الاجتماعي من الغزاة والمعتدين والمرتزقة ، يحدوهم عدالة القضية التي تمنحهم الثقة مستعينين بالله بأننا قادرون على الصمود والدفاع عن أرضنا وسيادتنا باعتباره حقاً مشروعاً تؤكده القوانين الحتمية وكافة الأعراف والمواثيق والقوانين الدولية .
أفضع الجرائم
وفي الوقت الذي ارتكب فيه العدوان أفضع الجرائم بحق الآمنين في بيوتهم من النساء والأطفال وكبار السن وتدمير مقدرات ومكتسبات الوطن المتزامن بالحصار الجائر على الشعب اليمني ، خرجت قبائل ذمار في وقفات مسلحة من قرية إلى أخرى ومن عزلة إلى عزلة ندد فيها المشاركون بجرائم العدوان السعودي الامريكي في القتل والتدمير والحصار الظالم .
واستنكروا بشدة صمت الأمم المتحدة والمنظمات الدولية أمام ما يتعرض له اليمن وشعبه من مجازر يندى لها جبين الإنسانية ويرون انها ما كانت لتتم لولا تخاذل المجتمع الدولي منظمات وهيئات وتفرعاتٍ ذات صلة . مؤكدين أنّ هذه الجرائم لن تسقط بالتقادم وسيكون لها ما بعدها .
قوافل من الرجال
فتحرك أبناء القبائل بذمار من مختلف المخاليف قاصدين جبهات العزة والكرامة إلى جانب إخوانهم الذين يمثلون أبناء القبائل من الجيش واللجان الشعبية ومن مختلف المحافظات يدافعون عن الأرض والعرض متسلحين بعقيدة فريدة يسطرون أروع ملاحم التضحية والفداء ضد الغزاة والمعتدين والمرتزقة من شذاذ الآفاق . ويرسمون أجمل اللوحات التي لا تتسعها الكلمات مخلدين أمثلة ستتداولها الأجيال .
الشهيد عبد القوي الجبري
كثيرة هي التضحيات التي يسطرها أبناء محافظة ذمار ولعل الشهيد عبد القوي الجبري أكثرها تجلياً كيف لا وقد آمن بحقه في العيش بكرامة أو الموت دون ذلك ، الشهيد عبد القوي الشاب العشريني من أبناء قرية عين عرة بمديرية جبل الشرق ممن آمنوا أن ما يتعرض له الوطن من مؤامرات لابد أن تعمد بالبطولات فانطلق إلى جبهات العزة والكرامة وأثناء دفاعه عن الوطن والعرض والشرف قام مرتزقة العدوان المدعومين من قوات الغزو الإمارتية بدفنه حياً وهو منتصبٌ كعمود النور .
على الدرب ماضون
حين التقينا بإهالي وذوي الشهيد الجبري قالوا لنا “هنئونا ولاتعزونا” هكذا أراد الشهيد وهكذا سنفعل ويضيفون: سنظل أبداً ما حيينا نفتخر بكل الشهداء الذين قدموا أرواحهم لكي نبقى أعزاء شامخين وإن ذهبوا عن أعيننا لن تذهب قضية الوطن وعشق الأرض .
أمّا شباب قرية الشهيد الجبري فقد قالوا لنا نحن على خطى الشهيد ماضون وسنصون دماء الشهداء الطاهرة الزكية بمتابعة المسيرة ملتحقين بركبهم فكلنا مشاريع شهادة وبها ومن خلالها سيحقق الله النصر وسيعود الوطن أقوى مما هو عليه مهما أوغل العدوان ومرتزقته في الإجرام بحق اليمن أرضاً وشعباً ومقدرات .
قوافل العطاء والكرام
أما أبناء المجتمع المحلي فيرون أن الشهيد عبد القوي لم يمت وإن مات بنظر المعتدين والغزاة والمرتزقة لم ينكسر فقد سطر بشموخه إروع المواقف التي لا تلبس الحبر ثوباً ولا تتخذ الورق مسكنا. ويضيفون اسم الشهيد الجبري عمّ أرجاء البلاد أمّا عزته وكرامته فهي تبعث القوة وتعزز من مقومات التحدي والثبات في وجه فراعنة العصر.
حضور وفاعلية القبيلة اليمنية في ذمار لم يتوقف عند بذل النفس وحسب بل والمال أيضاً
فأبناء القرى والعزل والمديريات لطالما جادوا ولازالوا يجيدون بالغالي والنفيس من قوافل العطاء والكرم المسنودة بالمواد الغذائية والأموال والمواشي دعماً لأبطال الجيش واللجان الشعبية المرابطين في ساحات الشرف والبطولة . معتبرين أنها قليلة في حق من دعاهم الوطن فأجابوه باذلين أرواحهم رخيصة من أجل أن نعيش بعزة وكرامة .
وتابع أبناء القبائل بذمار حضورهم يوم قاموا بجمع تبرعات لدعم البنك المركزي اليمني في مشهد يؤكد أن للقبيلة اليمنية دورها الفاعل والمؤثر في مجمل المواقف والأحداث .
لذلك أخطأت السعودية ومن يقف معها ويدعهما ويشاركها تحالف العدوان على اليمن أنهم بحصار مقومات الحياة وتدمير كل ما له ارتباط بخدمات المواطنين والأوعية الإيرادية سيجففون منابع هذه الأرض العتيقة المكسية بثوب العطاء وسيقضون على شعب عُرف عنه القوة والبأس الشديدان، شعبٌ هو أساس ميزان المدفوعات وقوته الدافعة .
النفير والنكف
ورداً على جرائم العدوان المرتكبة بحق الشعب اليمني و التي من بينها جريمة الصالة الكبرى استجابت قبائل ذمار الخمس (عنس آنس الحدا وصابين وعتمة) لدعوة خولان الطيال بإعلان النفير العام في وجه العدوان وجرائمه. وأعلنت في لقاءات قبلية حاشدة النكف في أوساطها واستمرار إرسال المقاتلين من كل منطقة لصد الغزاة والمحتلين والمعتدين ومرتزقتهم .
وأكد مشائخ وأعيان قبائل ذمار بأن الدم اليمني واحد وأن قبائل ذمار كانت وماتزال وستستمر في التصدي للعدوان وأذنابه وبذل المزيد من التضحيات مهما بلغ حجمها وكل غال ونفيس في سبيل الدفاع عن الوطن وأمنه واستقراره.
بعيد المنال
وبرغم ما تقوم به دول تحالف العدوان من أعمال وممارسات لخلق الاضطرابات وهدم المعنويات وتفكيك النسيج الاجتماعي للنيل من الجبهة الداخلية إلا أن ذلك بعيد المنال .
وفي هذا السياق لعبت القبائل اليمنية ومنها قبائل محافظة ذمار دوراً لا يمكن إغفاله في الحفاظ على وحدة النسيج الاجتماعي وتماسك الجبهة الداخلية نراها في مضامين وثيقة الشرف القبلي التي وقع وأيد محتوياتها أبناء القبائل ، كما أيدوا وباركوا تشكيل المجلس السياسي الأعلى لإدارة شؤون البلاد واستئناف مجلس النواب لعقد جلساته ، وتابعوا محادثات السلام في جنيف والكويت وأعلنوا عن موقفهم منها المتضمن السلام لا الاستسلام وبما يضمن عزة وكرامة الشعب اليمني وسيادة أراضيه .
واحدية الهدف
وتابعت القبائل بذمار تسجيل حضورها في مجمل المواقف والأحداث كسائر قبائل اليمن المناهضة للعدوان وجرائمه رأيناها يوم تقاطر ابناؤها من مختلف القرى والعزل والمديريات الى ميدان السبعين بمناسبة مرور عامين من العدوان على اليمن ليؤكدوا حضورهم في ذلك المشهد المهيب عن واحدية الهدف والمصير الواحد والنضال المشترك .
واستجابة لدعوة قائد المسيرة القرآنية السيد عبدالملك بن بدر الدين الحوثي الذي دعا فيه حكماء وعقلاء البلاد لعقد اجتماع وحدوي أخوي في العاشر من شهر رمضان المبارك الماضي للتأكيد على تماسك الجبهة الداخلية وتعزيز مفردات الثبات والصمود في وجه العدوان،عُقد في الثامن من شهر رمضان الماضي اللقاء التحضيري لحكماء وعقلاء ووجهاء المحافظة وسط حضور رسمي وتفاعل مجتمعي أكد من خلاله الحاضرون أهمية استمرار تعزيز الجبهة الداخلية كأولوية مطلقة ودعم جبهات العزة والكرامة بكل ما يلزم من المال والعتاد والرجال وتعزيز قيم التراحم والتكافل بين أبناء المجتمع الواحد في ظل استمرار العدوان والحصار المتلازمين .
خمسة آلاف مقاتل
وفي الخامس عشر من اكتوبر من العام الحالي عقد في عاصمة المحافظة لقاء قبلي موسع تحت شعار ” معا لرفد الجبهات بالمقاتلين” حضره قيادة المحافظة والمكتب التنفيذي والقيادات الأمنية والعسكرية والمشايخ والأعيان والشخصيات الاجتماعية .
وصدر عن اللقاء بيان أكد استمرار حالة النفير العام والتعبئة العامة في مواجهة العدوان السعودي الامريكي ودعم ورفد جبهات القتال بعدد ٥٠٠٠ آلاف مقاتل من قبائل ذمار الخمس (عنس آنس الحدا وصابين وعتمة) بواقع ١٠٠٠ مقاتل من كل قبيلة .
وتشكيل لجنة قبلية اجتماعية على مستوى المحافظة وعلى مستوى المديريات للتحشيد ورفد مختلف المعسكرات والجبهات بالمقاتلين .
كما دعا البيان قبائل المحافظة إلى إجراء صلح عام ضامن وشامل في عموم المحافظة وتأجيل كل قضايا الثأر والخلافات إلى مابعد تحرير الوطن من دنس المعتدين والغزاة والمرتزقة .
حصن منيع
هذه المعطيات مجتمعة أو منفردة أسقطت مفاعيلها عاملا الوقت والمال اللذان يتكئ عليهما العدو وبات من المقطوع به يقيناً انه لا خوف على الوطن فمواقف أبنائه حصن منيع تتوارى أمام سياجه العالي أهداف ورهانات دول تحالف العدوان واطمارها البالية .
ولم تكن ردة فعل القبائل اليمنية إلا احد فصول دورها التاريخي التليد والتي لطالما جعلت من الغازي والمعتدي والمحتل عظاماً بالية وقبوراً مكلسة ، وها هي اليوم تعيد إنتاج دورها الفاعل والمؤثر بتضحية لا تعرف قيود الزمن وصمود عميق كالبحر وثبات عالٍ كالنجوم .