المحامي محمد الهناهي لـ(الٹورة):
¶ممارسات العدوان على الأرض تضرب بالقانون الدولي وكافة القرارات والمعاهدات والاتفاقيات عرض الحائط و المجتمع الدولي يتفرج
العدوان يحاول إصباغ الشرعية على أطماعه لكنها شرعية ممن لا شرعية له
أي اتفاقيات لا يقرها البرلمان اليمني لا يعتد بها وستكون عديمة الأثر القانوني
حكومة الفار هادي حكومة غير شرعية وما تقوم به من تصرفات لا قيمة قانونية لها
حوار/ محمد مطير
تفيد الحقائق أن السعودية قد نهبت ( 24 ) ألف كم مربع من الأراضي اليمنية بحضرموت منذ عدوانها على اليمن في 62 مارس 5102م .. وكذا اقتلاع علامات حدودية فاصلة ونقلها للداخل اليمني ضاربة بعرض الحائط باتفاقية الحدود الموقعة مع اليمن في العام 0002م.
وعمدت الى استحداث طرق جديدة حدودية, حتى أن مصادر تشير إلى أنه لم يتبق للسعودية إلا بضعة كيلو مترات وسيكون لها منفذ إلى بحر العرب, وكذا تنفيذها أعمال حفر واستكشافات نفطية ومد أنابيب, واستئجار جزر يمنية وإدارة مؤسسات يمنية .. ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد بل تجاوزه وبوقاحة من خلال سعي آل سعود وعيال زايد ومن خلفهم أمريكا إلى إضفاء الصبغة الشرعية على تصرفاتهم الاستعمارية غير الشرعية من خلال سعيهم إلى سن مشاريع لاتفاقيات مع حكومة الفار هادي تلزم اليمن بدفع تكاليف الحرب عبر إدارة سعودية إماراتية للموارد السيادية اليمنية بما في ذلك النفط والغاز.. وهذا الأمر الخطير وأبعاد هذا التعدي على ارض يمنية سنناقشه في هذا الحوار مع الخبير القانوني والناشط الحقوقي, المحامي / محمد مقبل الهناهي….نتابع:
في البداية ما هو الرأي القانوني تجاه ما تقوم به السعودية من تعدي على العلامات الحدودية بشكل خاص, والتعديات على سيادة اليمن من خلال فرض إدارتها لمؤسسات تقع في نطاق الأراضي التي احتلتها بشكل عام؟
في البداية لابد من أن نشير إلى أن اليمن دخلت تحت الوصاية الدولية بموجب القرار (2216) الذي وضع اليمن تحت الفصل السابع ، وبذلك فإننا وبغض النظر عن الرؤى السياسية لهذا الطرف أو ذاك فإن التوصيف القانوني لتواجد قوات التحالف بقيادة السعودية في اليمن هي (أنها سلطات احتلال) . أما بشأن قيام المملكة العربية السعودية باقتلاع بعض العلامات الحدودية في الحدود المشتركة بين اليمن والسعودية فإنها تهدف من خلال ذلك إلى التوسع على حساب أراضي الجمهورية اليمنية، فالسعودية ما فَتِئْتُ تسعى للتوسع على حساب جميع جيرانها ( اليمن ، عمان ، الإمارات ، قطر ، البحرين ، الكويت ….. ) ، وفي هذه الفترة العصيبة التي تمر بها الجمهورية اليمنية سعت السعودية للاستفادة من حالة الضعف والانقسام الذي تعاني منه الجمهورية اليمنية وحالة التشرذم بين القوى اليمنية المختلفة وحالة الحرب والعدوان الظالم الذي يشن على بلادنا.. مخالفة بذلك أحكام القانون الدولي والذي أوجب على دولة الاحتلال احترام أراضي ومؤسسات الدولة المحتلة أراضيها.. إذ لا يجوز بأي حال ضم أراضٍ محتلة للدولة التي قامت بالاحتلال ، وأن أي عمل من هذا القبيل يعد عملا غير شرعي ومن الأمثلة التي اعتبر فيها ضم جزء من الأراضي المحتلة غير شرعي ضم إيطاليا عام 1911 إقليمين من تركيا ، وضم المانيا عام 1939 منطقتين في غربي بولندا.. إذ لا يجوز بأي حال ضم أراضي محتلة للدولة التي قامت بالاحتلال ، وأن أي عمل من هذا القبيل يعد عملا غير شرعي ..
أما عن احترام مؤسسات الدولة المحتلة فقد نصت على ذلك اتفاقية جنيف الرابعة بشأن حماية الأشخاص المدنيين في وقت الحرب المؤرخة في 12آب/أغسطس 1949م في المادة (56) على ذلك بقولها : ( من واجب دولة الاحتلال أن تعمل، بأقصى ما تسمح به وسائلها، وبمعاونة السلطات الوطنية والمحلية، على صيانة المنشآت والخدمات الطبية والمستشفيات وكذلك الصحة العامة والشروط الصحية في الأراضي المحتلة، وذلك بوجه خاص عن طريق اعتماد وتطبيق التدابير الوقائية اللازمة لمكافحة انتشار الأمراض المعدية والأوبئة. ويسمح لجميع أفراد الخدمات الطبية بكل فئاتهم بأداء مهامهم إذا أنشئت مستشفيات جديدة في الأراضي المحتلة حيث لم تعد الأجهزة المختصة للدولة المحتلة تؤدي وظيفتها، وجب على سلطات الاحتلال أن تعترف بهذه المستشفيات عند الاقتضاء على النحو الوارد في المادة 18. وفي الظروف المشابهة، تعترف سلطات الاحتلال كذلك بموظفي المستشفيات ومركبات النقل بموجب أحكام المادتين 20 و21. لدى اعتماد وتطبيق تدابير الصحة والشروط الصحية، تراعي دولة الاحتلال الاعتبارات المعنوية والأدبية لسكان الأراضي المحتلة) . وبالمقارنة بين النص القانوني وبين ما تقوم به قوات تحالف العدوان على اليمن سواء القوات السعودية أو الإماراتية يتضح جليا أن الممارسات على الأرض تضرب بالقانون الدولي وكافة القرارات والمعاهدات والاتفاقيات عرض الحائط.
وما هي الآثار المرتبة على هكذا تصرفات مخالفة للقانون الدولي وكافة القرارات والمعاهدات والاتفاقيات.. ؟
– المتتبع لتاريخ العلاقات اليمنية السعودية سيجد أن السعودية تسعى دائما لاستغلال استحواذها على الأرض اليمنية لتقوية مركزها التفاوضي وكذلك فرض سياسية الأمر الواقع وهنا نذكر أن اتفاقية الطائف بين السعودية واليمن التي وقعت في عام 1934 م بين المملكة المتوكلية اليمنية والمملكة العربية السعودية ، عقب مفاوضات بين الجانبين تمت في 18، و19 مايو 1934، بوساطة المجلس الإسلامي الأعلى. أعلن الاتفاق نهاية الحرب السعودية اليمنية التي اشتعلت في الثلاثينات من القرن العشرين ، وإقامة علاقات سلمية بين الدولتين واعتراف كل طرف باستقلال وسيادة الطرف الآخر. وأعادت المملكة العربية السعودية إلى اليمن بعض الأراضي، التي احتلتها إبان الحرب بينهما وفرضت سيطرتها على عدد من الأراضي اليمنية في نجران وجيزان وعسير .. وهنا يجب التأكيد على نقطة هامة: إن الحدود اليمنية السعودية قد رسمت بموجب اتفاقية جدة في عام 2000م بشكل نهائي وقد تم ترسيم الحدود بطريقة دقيقة إلى حد كبير ، وما تقوم به المملكة العربية السعودية من تغيير المعالم الحدودية هو خرق واضح ومخالفة صارخة لتلك الاتفاقية ..
إن تغيير المعالم الحدودية سوف يعقد الوضع على الحكومات القادمة فيما بعد الحرب ، إذا ما تم الأخذ بعين الاعتبار التعقيدات السياسية والاقتصادية الراهنة .. وقد يؤدي ذلك إلى نشوب صراع مستقبلي بين الدولتين ..
برأيك ..ما انعكاسات ذلك على مستقبل المنطقة ومصير الاتفاقيات السابقة؟
– لا شك أن القيادة السياسية السعودية تدرك خطورة ما تقوم به وهم يراهنون على الانقسام اليمني (في الوضع الراهن) ولكنهم يجهلون حقيقة هامة وهي أن التعقيدات في البنية السياسية اليمنية يجعل من الصعب االتنبؤ بما سيحدُث، بما ستُبْديه الأَيَّام القادمة وما سوف يفرزه الصراع الحالي في اليمن كما أن المتغيرات الدولية والإقليمية هي من سوف تحدد المعايير الحاسمة لمستقبل المنطقة خاصة وأنه من المبكر جداً الحديث عن خارطة توزيع القوى في منطقة مشتعلة في معظم محيطها الإقليمي ( اليمن ، العراق ، سوريا ، لبنان ، الصومال ، السودان .. ) .. ومثل هذه التصرفات من قبل المملكة العربية السعودية سوف يعطي الحكومات اليمنية القادمة المبرر القانوني والأخلاقي للتنصل عن تلك الاتفاقيات خاصة وأن الكثير من اليمنيين يرون فيها اتفاقيات مجحفة بحق اليمن .. ولكن القول بهذا الرأي يتوقف على نتائج الصراع اليمني الراهن ( الداخلي والخارجي ) .
تسعى السعودية والإمارات لعقد اتفاقيات جديدة مع حكومة الفار هادي لابتلاع أراض جديدة .. ما مدى قانونية هذا التصرف؟
– من المهم هنا أن نشير إلى دستور الجمهورية اليمنية النافذ: نص في المادة (1) منه على عدم جواز التنازل عن أي جزء من الأراضي اليمنية وذلك بقولها : ( الجمهورية اليمنية دولة عربية إسلامية مستقلة ذات سيادة، وهي وحدة لا تتجزأ ولا يجوز التنازل عن أي جزءٍ منها، والشعب اليمني جزء من الأمة العربية والإسلاميــة) , هذا من جانب, ومن جانب آخر فإن حكومة ما تسمى بالشرعية – ( حكومة هادي ) ، ليست هي ذات الحكومة التي منحها البرلمان اليمني الثقة ( حيث أن الحكومة التي منحت الثقة هي حكومة الدكتور خالد محفظ بحاح ) .. أما حكومة ( احمد عبيد بن دغر ) فهي حكومة عينها هادي ولم تمنح الثقة من السلطة التشريعية اليمنية . وبالتالي : فإن حكومة هادي الحالية هي حكومة غير شرعية وما تقوم به من تصرفات هي منعدمة الأثر القانوني ولا قيمة قانونية لها : ( هذا النقاش من ناحية قانونية بحته ) هذا من جانب ومن جانب آخر فإن أي اتفاقات أو معاهدات يجب أن يتم التصديق عليها من قبل البرلمان اليمني المؤسسة التشريعية الوحيدة القائمة في البلاد . والتي لا خلاف بين كافة الأطراف اليمنية على شرعيتها .
بحسب المعلومات المؤكدة أن دول العدوان تسعى لسن مشاريع اتفاقيات تلزم اليمن بدفع تكاليف الحرب عبر إدارة سعودية إماراتية للموارد السيادية اليمنية بما في ذلك النفط والغاز وميناء ومطار عدن وتأجير جزيرة سقطرى -كبرى الجزر اليمنية- وأرخبيل حنيش، وجزيرة ميون -المسيطرة على باب المندب- ..قانونيا..كيف تعلقون على ذلك ؟
– أن أي مشاريع اتفاقيات لإدارة أي مواني أو مطارات يمنية أو أي اتفاقيات سيادية لا تكون إلا بقانون وبعد التصديق عليها من قبل البرلمان اليمني وفقا للمواد (16 ، 18) مادة (16): لا يجوز للسلطة التنفيذية عقد قروض أو كفالتها أو الارتباط بمشروع يترتب عليه إنفاق من خزانة الدولة في سنة أو سنوات مقبلة إلا بموافقة مجلس النواب. مادة (18): عقد الامتيازات المتعلقة باستغلال موارد الثروة الطبيعية والمرافق العامة لا يتم إلا بقانون، ويجوز أن يبين القانون الحالات محدودة الأهمية التي يتم منح الامتيازات بشأنها وفقاً للقواعد.. ومن خلال نص المادتين القانونيتين السابقتين يتضح جليا أن عقود الامتياز وغيرها من العقود السيادية يجب أن يتم إصدارها بقوانين من قبل البرلمان وذلك وفقا للمادة (62) من دستور الجمهورية اليمنية والتي نصت على ( مجلس النواب هو السلطة التشريعية للدولة وهو الذي يقرر القوانين ويقر السياسة العامة للدولة والخطة العامة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية والموازنة العامـة والحساب الختامي، كما يمارس الرقابة على أعمال الهيئة التنفيذية على الوجه المبين في الدستور ). وبالتالي فإن أي اتفاقيات لا يقرها البرلمان اليمني لا يعتد بها وتكون عديمة الأثر القانوني .
مرتزقة عدوان التحالف السعودي يسعون لاستقطاب نصاب دستوري من أعضاء مجلس النواب -الموالين للعدوان- بعقد جلسة برلمانية في عدن تمرر هذه الاتفاقيات.. برأيك كيف سيعقد هذا الأمر الوضع إذا ما تم ؟
– البرلمان اليمني هو السلطة الشرعية الوحيدة التي لا خلاف على مشروعيتها – حسب اعتقادنا – وعقد جلساته محددة قانونا بصنعاء وبكل تأكيد تحتاج إلى نصاب قانونيي .. وبالتالي فإنه إذا ما نجحت مساعي عقد اجتماع للبرلمان في عدن ومررت تلك الاتفاقيات فإن ذلك سوف يعقد المهمة على الحكومات القادمة ، وسيحمل الأجيال القادمة تبعات حماقات الأطراف الحاليين .
أمام هذا الجشع والعبث السعودي الإماراتي .. كيف تقيمون الوضع..وما المخرج من وجهة نظرك كقانوني؟
– الحقيقة أن الوضع اليمني يمر بمرحلة حرجة وهنا ندعو كافة الأطراف إلى الجلوس على طاولة المفاوضات من أجل الخروج من الأزمة الحالية إذ أنه لا حل للخروج من هذا الوضع إلا بواسطة حل سياسي أما القوة العسكرية فقد اثبت الوضع عجز كافة الأطراف عن حسم النزاع الحالي .
ما المطلوب من حكومة الإنقاذ و النخب السياسية والقانونيين والمثقفين والمجتمع المدني تجاه الحالة الراهنة؟
– واجب السلطة في صنعاء هو العمل على توحيد الجبهة الداخلية والعمل على إنفاذ قانون العفو العام وفتح قنوات للتواصل مع كافة الأطراف السياسية في الساحة اليمنية من أجل إعادة بناء الجبهة الداخلية والعمل على رفع المعاناة عن الشعب اليمني ، إذ أن الظروف الاقتصادية هي أحد الأسباب التي أدت للاضطرابات في السابق وقد تكون هي المدخل لزعزعة الأمن والاستقرار في المستقبل . وندعو السياسيين وكافة القوى السياسية الفاعلة إلى الابتعاد عن المماحكات السياسية وتغليب مصلحة الوطن والمصلحة العامة على المصلحة الخاصة سواء ( للأحزاب أو الجماعات ) . والعمل على العودة إلى طاولة المفاوضات والبحث في طرق وآليات الحل السلمي للأزمة الراهنة.. كما يجب على الشرائح المثقفة : العمل على نشر الوعي بين أفراد الموطنين وإعلاء قيم الحق والحرية والعدل وتعزيز مبادئ احترام حقوق الإنسان ونبذ خطاب العنف والكراهية ونشر قيم السلام والحرية .
كلمة أخيرة تودون قولها؟
– لم يشهد الشعب اليمني وضعا سياسيا واقتصاديا أصعب من الوضع الراهن وهذا يقتضي تضافر كافة الجهود بين جميع أفراد المجتمع وبناء اللحمة الوطنية والعودة إلى طاولة المفاوضات فالحل للازمة اليمنية الحالية في تقديرنا لن يكون إلا حلاً سياسياً . وعلى الجميع أن يقوم بدوره من أجل ذلك .. وختاما نشكركم على هذه الاستضافة متمنين لكم مزيد من التوفيق والنجاح,,,