الصالة الكبرى الوجع الذي لم يهجع
عفاف محمد
من يتذكر ذلك النهار الذي بدا يوماً كسائر الأيام لا ينبئ بتلك الجريمة التي كان يعد لها بإحكام من خلف الكواليس !!
المجاهد عندما يذهب للجبهة وهو ذاك البطل الأبي الذي تعجز عن وصفه الكلمات يعد نفسه للذهاب مودعاً أهله وهو قاصد تجارة عظيمة مع الله قد باع نفسه لله فاشتراها الله بعظمته وجلاله وقد يقضي ديونه ويتجه للجبهة مخلصاً لله بكل ذرة في كيانه وهو متوقع ان يستشهد في أي لحظة ..
والكلام لا يستوفي مناقبه أو يساوي قدره الجليل …
شهداء غارات الطيران المفاجئة تكون فاجعة لأنها غير متوقعة وتأتي للإنسان في مطرحه فتخطف روحه مخلفة آلاماً حجمها مهول ..
واتطرق وإياكم هذه اللحظة لشهداء الصالة الكبرى وذلك تزامناً مع ذكراها…
الصالة الكبرى ..على إثر بشاعة ما كان فيها تيتم مئات الأطفال ورملت النساء وثكلت في غمضة عين …
فبأي ذنب قتلت تلك الأنفس وماذا جنت ؟! اجل حالها كحال كل مستهدف من قبل الطيران الخبيث لكنها لم تكن في الحسبان وكذلك كان العدد مهولاً انا لا اقصد هنا أي مقارنة فكلها أرواح عزيزة وغالية على أهلها وذويها …
لكني تطرقت لذلك لعمق الألم الذي لحظته على أسر الشهداء الذين لا زالوا يتوجعون حتى اللحظة…
كم هو عظيم أن يفزع الوالد والابن والأخ وكل قريب وهو يبحث بين الجثث المتفحمة عساه يجد قريبه حي عساه يتعرف على ملامحه المطموسة كم كانت ليلة عصيبة على أهل الشهداء وهم يبحثون بين الجثث التي يعلوها الدخان عن فلذات أكبادهم وعن كل قريب لهم ..كم هاموا في الليل البهيم من مستشفى لآخر ومن ثلاجة لأخرى دون جدوى …
البعض بعد جهد الجاهدين والآخر طلعت الشمس لليوم التالي ولم يصل لنتيجة …
يقول أحدهم…لا زلت اشتم الرائحة للجثث مع الاسفنج المحروق وغيره من الروائح التي اختلطت حتى اليوم…
وآخر يقول لم ولن أنسى تلك المناظر ونحن نبحث عن أهلنا الذين لم نجد سوى بعضهم إما عرفناه بساعته أو بأسنانه …تلك الصور علقت في مخيلتي للأبد …
وغيره يقول انا لم اصدق أن قريبي مات لأننا لم نجد جثته ولا ضريحاً له نزوره كي تهجع أنفسنا وتؤمن باستشهاده …
وطفل يقول لماذا ذهب أبي الصالة يا أمي لما لم نمنعه ؟!
عقله الصغير لا يستوعب ان هذا قدر والده !!.
كم هي موجعة تلك المجزرة البشعة وكم هي محزنة …
فهل ستنسى بسهولة …؟!
اليوم العدوان السعودي يستخدم كل نفوذه كي لا يحاكم على تلك الجرائم ولا يفتح ملف جرائمهم الشنيعة ولكن الأصوات بدأت تتعالى في العالم …وريحهم النتن فاح وانتشر للعالم فمهما عملوا سيحاسبون على جرمهم في أهل اليمن سواء طال الزمن ام قصر …
والله سبحانه يمهل ولا يهمل ..
“فإن مكروا لهو خير الماكرين ولان تجبروا هو الجبار العظيم”…