العدوان .. وعلماء السوء !!
أحمد يحيى الديلمي
وجود علماء السلطة بالقرب من أماكن صنع القرار في السعودية ومصدر فتاوى الزيف والضلال أعطى شرعية دينية مطلقة لأفعال وممارسات الحكام وإن كانت تجسد أبشع أنواع الظلم والجور والاستبداد، فهي في نظر هذه الجوقة المارقة من يسمون أنفسهم بعلماء الدين أفعال محمودة تترجم منهج العقيدة وتؤكد على أن ولي الأمر القابع على سدة الحكم موكل بترجمة إرادة الخالق سبحانه وتعالى، وعلى العامة اقتفاء أثره والسير خلفه وإعلان الولاء والطاعة العمياء له باعتباره ظل الله في الأرض وحامي حمى الدين، فهم يقولون أن طاعته واجبة وإن سلخ الجلد أو كسر العظم استناداً إلى حديث مكذوب على رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، هذه مشكلتنا مع هذا النوع من العلماء .
الإشكالية أن الاتفاق الذي حدث بين محمد بن عبد الوهاب ممثل الدين ومحمد بن سعود ممثل القبيلة والسياسة قبل قرون أخذ طابع الزواج الكاثوليكي في العقيدة المسيحية الذي لا طلاق فيه ولا رجعة عنه، فالدولة السعودية الجديدة التي أنشأها عبد العزيز تشرف على نهاية العقد التاسع والمكانة التي تحتلها المؤسسة الدينية تراوح في نفس المكان وتسهم في تسويق الغلو والتطرف إلى المسلمين في أرجاء المعمورة، وأخذت بعداً دولياً حينما تدخلت بريطانيا وأمريكا وأصبحا طرفاً فاعلاً في دعم وتدريب الجماعات الإرهابية، في البداية بذريعة مواجهة الاحتلال الروسي لأفغانستان، ثم تحولت نفس الجماعات إلى أدوات هدم تسهم في تقويض الأنظمة العربية والإسلامية وإخضاعها لتبعية أمريكا وبريطانيا في الظاهر للسعودية، بينما هي في الباطن للإرادة الأمريكية تخدم الاستراتيجيات المعدة سلفاً من قبل مخابراتها .
استناداً إلى مخاوف ضالة يتخيلها آل سعود كما يحدث في اليمن، ولعل هذا هو السبب الرئيسي الذي يجعل أمريكا تصر على إطالة أمد العدوان السافر على اليمن وفي الواجهة تبدو السعودية صاحبة القرار، في حين أنها مجرد منفذ لرغبة أمريكية، وفي الوقت الذي لم تحقق فيه ما يسمى بدول التحالف أي انتصار يذكر في اليمن خلال أكثر من (900)يوم، نجد المسؤولين في السعودية والإمارات يتباهون بانتصارات وهمية، ووسائل إعلامهم تردد نفس الألفاظ الساذجة، وإذا أحست بالوجع بادرت إلى زيادة معدلات الضربات الجوية بما تمثله من بشاعة وحرب إبادة شاملة بأفق انتقامي يستهدف المدنيين الآمنين قبل غيرهم من البشر، في حين أن منازلهم تبعد عن المعسكرات ومواقع الخطر التي يتخيلونها مئات الكيلومترات، وبالتالي ندرك أن ما يجري على أرض الواقع حرب إبادة شاملة واستهداف لكل مقومات الحياة، استناداً إلى مخاوف وموروثات سقيمة أوحى بها الأمريكان إلى هؤلاء البدو فاقدي الإدراك بالمعاني الإنسانية، ومن الصعب إقناعهم بالعدول عن هذا التوجه المخيف.
كل الاحتمالات في هذا العدوان واردة باستثناء احتمال واحد، وهو أن السعودية والإمارات تشن عدوانا همجيا سافرا على اليمن من أجل سواد عيون حفنة من العملاء والمرتزقة من أتباع هادي الدنبوع، إنها أبشع نكتة سمجة بكل المقاييس لا وجود لها إلا في أذهان علي محسن والمخلافي وكل من باعوا نفوسهم للشيطان، وقبلوا أن يكونوا مجرد جسر لتمكين السعودية من تحقيق أهدافها الدنيئة .. اللهم نسألك النصر للوطن وأبنائه .. والخذلان للأعداء .. ومن نصر إلى نصر إن شاء الله ..