النازحون.. مرارة العدوان.. ومُرّ قلة اليد

> صوفان: حكومة الانقاذ اهتمت بمساعدة النازحين وتوفير نفقات الرعاية الاجتماعية لهم
> الوشلي: أكثر من ثلاثة ملايين ومائتي ألف نازح منذ بداية العدوان والواقع أكثر مما ترصده الأرقام
> الحجيلي: أفضل الحلول المتاحة لمساعدتهم العمل على وضع قاعدة بيانات لهم وتنظيمهم في إطار جمعيات إنتاجية وتموينية وتدريبية
> القوسي: كارثة إنسانية أمام المجتمع المحلي والاقليمي والدولي تسبب بها العدوان الامريكي السعودي
> الأغبري: كلنا قد نتحول الى نازحين لذلك فنحن بحاجة لمتابعة أوضاعهم كحق انساني لهم
> ناشر: نحتاج أوﻻ إلى تنظيم عمل الجمعيات والجهات التي تعمل على دعم النازحين
> الشليلي: هناك تدمير للعلاقات الاجتماعية ببعدها الاجتماعي والنفسي يلحق الأذى بالنازحين

تحقيق / أسماء حيدر البزاز
أكثر من ثلاثة ملايين نازح يعيشون أوضاعا مأساوية ومعاناة حقيقية صعبة ..هكذا تقول الارقام التي رصدتها جهات رسمية ومنظمات مجتمع مدني .. ورغم الامتيازات والتسهيلات التي تسعى حكومة الانقاذ جاهدة لتقديمها للنازحين والتخفيف من وطأة معاناتهم الصحية والاجتماعية والاقتصادية والنفسية ، إلا أن المعاناة تكبر وتكبر ..بل تتسع يوما بعد آخر نتيجة لاستمرار العدوان السعودي الامريكي ومعه تتزايد أعداد النازحين الإنسانية..وتتفاقم اوضاعهم بشكل كارثي في ظل صمت دولي مطبق.

 

لقد أولت حكومة الإنقاذ الوطني ملف النازحين أهمية كبيرة في برنامجها العام فقد التزمت الحكومة بتقديم الخدمات الصحية اللازمة لهم وبحقهم في التعليم المجاني واستيعابهم المجاني في مؤسسات التعليم الفني، وتأهيل وتدريب من يريد منهم على مهن مدرة للدخل والحصول على مشاريع صغيرة.
هكذا استهل كهلان صوفان – ناشط ويعمل في مجلس النواب حديثه عن الدور الحكومي الذي تقدمه الحكومة للنازحين ، وأضاف قائلا : كما اهتمت الحكومة بمساعدة النازحين وتوسيع تغطية الجهود الإنسانية لكافة فئاتهم وتهيئة الأوضاع لعودتهم إلى مناطقهم، والتزمت أيضا بتغطية نفقات الرعاية الاجتماعية للمستفيدين بل وتوسيع مظلتها.
صعوبة العيش
التقينا بعدد من الأطفال والنساء وكبار السن النازحين من عدد من المحافظات إلى العاصمة صنعاء الذين حدثونا عن مدى معاناتهم بعد أن كانوا أعزة في ديارهم غدوا اليوم تحت رحمة القدر واستعطاف الناس , ولا حرج في ذلك أبداً فهم ضحايا حرب ظالمة لا ذنب لهم سوى أنهم أبناء هذا الوطن , وبالمقابل فإن الشريعة الإسلامية والأعراف الدولية والإنسانية تفرض على أتباعها أن يَسُود بينهم التعاون والتكافل والتآزر في المشاعر والأحاسيس، فضلاً عن التكافل في الحاجات والمادِّيات .
فمآس وغصص يعيشها النازحون اليوم ، وأوضاع اقتصادية وإنسانية بالغة في الأسى والصعوبة , بعد أن فقدوا منازلهم وديارهم وذويهم ومن كانوا يعولونهم وكل مصادر الدخل الخاصة بهم جراء هذه الحرب الظالمة على شعبنا المسالم , فتراهم ينزحون من مدينة إلى أخرى ومن محافظة إلى محافظة يبحثون عن موطئ قدم للأمان والنجاة , وعلى إثر تلك المعاناة يعيشون حياة تحرمهم من أبسط مقوماتها الأمر الذي يدعو الجميع إلى الوقوف معهم والإحسان إليهم ومساندتهم انطلاقا من الواجب الديني والإنساني.
ثلاثة ملايين نازح:
ومن جهته أوضح مدير الوحدة التنفيذية لإدارة مخيمات النازحين في اليمن عبدالوهاب الوشلي أن أكثر من ثلاثة ملايين ومائتي ألف نازح منذ بداية العدوان بحسب حملة المتابعة لحركة النزوح وأن الواقع أكثر مما ترفعه الأرقام ، يعيشون أوضاعا معيشية ونفسية وصحية صعبة ، بعد أن اجبروا على ترك منازلهم قسرا نتيجة العدوان والحرب ولأن مناطقهم صارت ساحة حرب طاحنة .
مبينا أن دور المنظمات الدولية دور بسيط في دعم النازحين ولا تفي باحتياجاتهم المعيشية سوى 25 أو 30 % . غير ان المنظمات المحلية تساهم بشكل كبير في دعم النازحين خاصة المساعدات الغذائية والتكاتف المجتمعي من أصحاب الخير ورجال الأعمال.
رؤية موضوعية:
المحامي حميد الحجيلي ناشط حقوقي بالمنظمة البلجيكية الدولية لحقوق الإنسان ( بامرو ) يتحدث عن الخطوات المهمة لحلحلة قضية النازحين واضعا النقاط على الحروف بالقول: ملف النازحين يعتبر من الملفات الشائكة والمعقدة ويمثل أحد أهم التحديات الصعبة التي تشهدها اليمن أن هناك نازحين يعانون من فقد المأوى والسكن والأهم من ذلك هو فقدهم لسبل العيش التي كانوا يعتادون عليها قبل نزوحهم بالإضافة إلى ترتب مشاكلهم الصحية والنفسية .
ويرى الحجيلي أن الحلول التي تخفف من ضع النازحين تكمن في:
1 – استحداث وحدة عمليات صحية خاصة بالنازحين في كل منطقة يتواجدون فيها، وتركز على الأمراض التي يمكن أن تنشأ في أوساطهم، وتحويل المخصصات الصحية للمناطق التي نزحوا منها إلى المناطق التي نزحوا اليها، من لقاحات و أدوية، ونخصّ بالذكر الأدوية الخاصة بالأمراض المزمنة، مثل السكري وضغط الدم وغيرها. وكما تم دمج المنتسبين في الدوائر الصحية في المناطق الساخنة، فإنه بالإمكان الاستفادة من هذه الكفاءات في مراكز صحية قريبة خاصة قريبة من مساكن النازحين، وعقد الندوات لزيادة الوعي الصحي والاستفادة من وسائل الإعلام، وطبع المنشورات في بث هذا الوعي.
2 – مشاهد الدماء والموت والدمار وأصوات اطلاق النار ومحنة الهرب وفقد الأحبة، لها آثار سلبية عميقة في نفوس النازحين عامة وعلى النساء والأطفال خاصة. إضافة الى ان ظروف حياة النزوح الجديدة هي بحد ذاتها بركان يغلي ويولّد حمماً لامراض نفسية قاسية. وهذا يتطلب تشكيلاً فورياً لوحدات العلاج النفسي تقوم بمهمة المباشرة الفورية لمتابعة هذه الحالات قبل استفحالها. والتي ربما تحتاج لسنوات حتى يتعافى المصاب منها..
3 – ان النزوح له آثار اقتصادية وخيمة على النازحين انفسهم وعلى سكان المناطق التي نزحوا اليها لذا فإنهم يفتقدون تماماً لفرص عملهم الحر، ووجدت الغالبية العظمى من النازحين انفسهم في مناطق النزوح بلا ادنى مردود مالي.
كما أن مشاكل البطالة والغلاء في المواد الأساسية والسكن، من ابرز سمات الوضع الاقتصادي والمعيشي في اليمن ، فإن وجود الإخوة النازحين مع حاجتهم لفرص العمل والدخل البسيط لسد حاجاتهم
فإن أفضل السبل والحلول المتاحة لمساعدتهم والتخفيف من معاناتهم العمل على وضع قاعدة بيانات لهم وتنظيمهم في إطار جمعيات إنتاجية وتموينية وتدريبية يمكن أن تكون مدعومة في البداية بمنهجية تمكنهم من أن يعتمدوا على أنفسهم بل ويصبحوا جزءاً من الحل لمشاكل ضعف اﻻنتاج وتزايد الفقر والتعطل والبطالة في المجتمع. وهذا في حد ذاته نشاط ﻻ يمكن ضمان النجاح فيه أو له، ما لم يستند على تخطيط سليم .
4 – تخصيص لجنة اعلامية خاصة للنازحين، وموقع الكتروني، يتولى الاهتمام بشؤون النازحين الخدمية، وتهتم بالوعي الثقافي والامني، وعلاج المشاكل الاجتماعية والاقتصادية والنفسية، وتكون المرجع لهم في تلقي التبليغات والتعليمات واستقبال الشكوى، وكل ما يتعلق بشؤونهم.
5 – تشكيل هيئة من النازحين تتولى مسؤولية متابعة الحكومة والمجتمع الدولي على حد سواء ، لوضع حد لمعاناة النازحين ،
اختلالات:
أما عبدالرحمن القوسي – كاتب ومحلل سياسي اعتبر قضية النازحين قضية وطنية بامتياز تحمل الدولة والمجتمع مسؤولية معالجات تداعياتها واثارها السلبية على المجتمع كونها ان ظلت أو تزايدت ستعمل على اختلالات قيمية واجتماعية وأمنية ناهيك عن الاختلالات في التوزيع الديمغرافي المنتظم للتجمعات السكانية في كل محافظات الجمهورية .
واستطرد قائلا: وهي إنسانية امام المجتمع المحلي والاقليمي والدولي افرزته حالة العدوان الأمريكي السعودي المتواصلة بهمجيتها وعنفوانها المستهدفة ارباك الاستقرار السكاني بما يساعد العدوان في تكتيكاته كي يربك مواجهته من الدولة ومؤسساتها والمجتمع وجهوده الطوعية الشعبية واضعاف الجبهة الداخلية والبيئة الحاضنة لمواجهة العدوان..
مؤكدا ضرورة بذل الجهد لمعالجة أوضاع النازحين حسب ظرف كل حالة من نزوح مؤقت يمكن إعادة ترتيب أوضاعهم وعونهم وتسهيل وتشجيع عودتهم إلى مقار اقامتهم السابقة وتطبيع حياتهم كما كانت قبل اضطرارهم للنزوح ، والحالات التي تضررت وتجد صعوبة في ظل استمرار العدوان للعودة إلى مقار إقامتهم التي نزحوا منها. وهؤلاء هم الذين يفترض توفير كل البنية التحتية المتكاملة لهم كي يتوفر لهم كل الظرورات الإنسانية والخدمية بكل ما هو متاح من الدولة ودعم المجتمع والمنظمات المحلية وتسخير كل الجهد الاقليمي والدولي من مساعدات دول أو المنظمات الدولية بما يغطي كل احتياجاتها أولا قبل غيرها بحيث تعطى الأولوية والنسبة الأهم والمناسبة غي التوزيع وتسخير كل الفرص والجهود المتاحة بما يتناسب مع ظروفها
مبادرات:
الدكتورة سامية الأغبري – جامعة صنعاء : قضية النازحين قضية وطن ولكي نخفف من معاناتهم ينبغي ان يتولى مسؤولية توزيع المعونات الإنسانية أناس محايدون وان لا تسيس قضيتهم الإنسانية ويتم التعامل معهم كبشر وكضحايا لهذه الحرب القذرة بكل المقاييس.
داعية للاهتمام بقضيتهم واظهارها إعلاميا بحجمها الطبيعي ومعالجتها بصورة موضوعية فكلنا قد نتحول لنازحين لذلك فنحن بحاجة لمتابعة أوضاع النازحين والتعاون معهم ليس على سبيل الصدقات ولكن كحق إنساني لهم ، مع ضرورة حصر شامل للنازحين وتحديد احتياجاتهم الأساسية من سكن وصحة وتعليم وغذاء والبحث عن الجهات الداعمة ، وعدم اقحام النازحين في الصراع السياسي وإتاحة الفرصة كاملة للنازحين لكي يحكوا عن معاناتهم واحتياجاتهم وتطلعاتهم دون تفرقة بسبب ان هذا النازح أو ذاك ينتمي الى منطقة أو مذهب ما ، وإيجاد فرص عمل مناسبة للنازحين وتشجيعهم على المبادرات الذاتية والعمل الجماعي .
حماية الأنظمة:
فيما أوضحت الدكتورة وفاء ناشر أن التخفيف من معاناة النازحين يحتاج أوﻻ إلى تنظيم عمل الجمعيات والجهات التي تعمل على دعم النازحين، وعمل احصائيات واقعية وصحيحة بعدد النازحين الحقيقين لأنه من خلال إطلاعي على عمل بعض الجمعيات فإن كثيراً من المعونات والدعم ﻻ يصل الى النازحين الحقيقيين
وقالت ناشر : ان على الدولة إيجاد الانظمة التي تحمي النازحين
وإيقاف الحروب الخارجية والداخلية التي تزيد من معاناة الشعب وتزيد من عدد النازحين
أما الدكتور عادل الشجاع – جامعة صنعاء فيقول : أولا هم ليسوا نازحين.. هم مهجرون قسريا. ولكي نحل قضيتهم لابد من الاعتراف بهم كمهجرين ، ثانيا لابد من التركيز على قضيتهم وإيصالها إلى المجتمع الدولي.
تداعيات:
وعن التداعيات الاجتماعية والنفسية للنزوح أوضح الدكتور عبده الشليلي أن النازحين إحدى مآسي الحرب والعدوان. تتعدد معاناتهم الاجتماعية بتفريق الأسر عن بعضها البعض والجار عن جاره والأخ عن أخيه. وتدمير العلاقات الاجتماعية ببعدها المكاني والزماني.
معاناة نفسية:
وتابع الشليلي بالقول : يحدث ما يسمى الاغتراب النفسي للأفراد والجماعات. ينتج عنه سوء تكيف مع نفسه ومع الآخرين ، وما ينتج عنه من معاناة نفسية شديدة يرافقها القلق والاكتئاب والوسواس القهري
واستطرد :كما أن الأطفال يصابون بالاضطرابات النفسية والتبول اللارادي والفشل الدراسي أو ضعفه وقضم الأظافر والعدوانية وقلة النوم هي معاناة نفسية شديدة للنازحين إلى جانب المعاناة الاقتصادية والبيئية وهذا يتطلب قيام الحكومة بواجبها وكذا المواطنين كل حسب موقعه وقدرته ، وكذا المنظمات الانساتيه التي تتشدق بحقوق الانسان بتقديم المساعدات اللازمة و السماح لها بالدخول من ميناء الحديدة ومطار صنعاء ، وفك الحصار عن اليمن ووقف العدوان.
تصوير/ فؤاد الحرازي

قد يعجبك ايضا