اليمن المثخن بالجراح أصل العرب

حسن طه الحسني
اليمن أصل العرب جميعا وبوابة الخليج العربي والعالم – الخضراء السعيدة البلدة الطيبة بطيب هوائها وأرضها وسكانها وثمارها قال ابن عباس رحمه الله: تفرقت العرب فما تيامن منهم سميت اليمن.
وقال الأصمعي: أربعة أشياء قد ملأت الدنيا ولا تكون إلا في اليمن، الورس – الكندر – الخطم – العصب – أغنى بلاد العالم بزروعها وثمارها وعسلها وبنها وعقيقها وبضائعها نافست في ماضيها القسطنطينية، قال جميل حاجب لمجلة الحكمة اليمانية عدد “191” لعام 1992م: اليمن أغنى الشعوب والأمم عريق وأصيل على مر الحقب التاريخية، زود العالم بالبضائع، وصدرت منتجاته إلى شتى أصقاع الأرض بالبن والعقيق واللبان والبخور الشحري الذي كانت اليمن تمد به معابدها منافسة بذلك القسطنطينية، قال بعض الأعراب عن هذا البلد الطيب:
واني ليحييني الصبا ويميتني إذا ما جرت بعد العشي جنوب
وارتاح للبرق اليماني كأنني له حين يبدو في السماء نسيب
وأرتاح أن ألقى غريبا صبابة إليه كأني للغريب قريب
جاء في كتاب قصص الأنبياء للثعالبي رحمه الله ص117: سأل عبدالله بن سلام رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: كيف خلق الله آدم عليه السلام؟ فقال: خلق رأس آدم وجبهته من تراب الكعبة وصدره وظهره من بيت المقدس وفخذيه من أرض اليمن وساقيه من أرض مصر وقدميه من أرض الحجاز ويده اليمنى من أرض المشرق ويده اليسرى من أرض المغرب ثم ألقاه على باب الجنة فكلما مر عليه ملأ من الملائكة عجبوا من حسن صورته وطول قامته ولم يكونوا قبل رأوا شيئا يشبهه – لأهل اليمن أوليات ومزايا قبل الإسلام وأثناء الإسلام ففي عهد أبو الأنبياء ابراهيم ابن آزار عليه السلام هم أول من استجاب لدعوة ابراهيم إلى الحج ولهذا هم أكثر الناس حجا، هذا ما ذكره السيوطي وأكده في كتابه الدر المنثور وأخرجه ابن أبي حاتم ووثقه الحافظ ابن الديبع اليمني، قال المرحوم العلامة / محمد متولي الشعراوي في كتابه قصص الأنبياء: ابراهيم عليه الصلاة والسلام هو أبو الأنبياء امتدحه الله تعالى فقال سبحانه “إن إبراهيم كان أمة قانتا لله حنيفا” “النحل 102” وكذلك كل كمال موزع في خلق كثيرين إلا ابراهيم فقد كان وحده أمه فكأنه قد أخذ المواهب والكمالات الموجودة في أمة كاملة – لم يكن ابراهيم يهوديا لأن اليهودية جاءت من بعده ولم يكن نصرانيا لأن المسيحية جاءت أيضا من بعده “ولكن كان حنيفا مسلما” أي مائل عن طريق الاعوجاج – اليمن أهله الثابتون المجاهدون التابعون لرسول الله جاهدوا معه ونصروه وآزروه واستشهد كثير منهم في معارك كثيرة وسينالون يوم القيامة شفاعته صلى الله عليه وسلم وهو الثابت في حديثه النبوي الشريف الذي أخرجه الطبراني عن ابن عمر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم “أول من أشفع يوم القيامة من أمتي أهل بيتي ثم الأقرب من قريش ثم الانصار ثم من آمن بي واتبعني من اليمن ثم من سائر العرب ثم الأعاجم” – اليمن المثخن بالجراح يقتل رجاله ونساؤه وأطفاله وجاءه الأعداء من كل مسافات بعيدة مئات الكيلو مترات جاءوا اليه من كل حدب وصوب بقضهم وقضيضهم تداعوا اليه كما تتداعى الأكلة إلى قصعتها والأسود الضارية إلى فريستها – المراهنة على اليمن ما تزال قائمة بجره إلى مستنقع العنف وإلى الاستمرار في الحرب من أجل إضعافه ومحوه من مكانته التاريخية بين الدول وموقعه الاستراتيجي ودول الجوار من العرب والمتحالفين قادرون على ايقاف هذه الحرب الضروس وتطبيع الأوضاع وتجاوز الخلافات وإعادة الأمور إلى ما كانت عليه قبل الحرب ورفع الحصار الذي كان بقرار أممي ظالم، فأين واجب الاخوة وحق الجوار والعروبة والإسلام نحو يمن الحكمة والايمان والواجب الذي يقتضي إيقاف العنف والنزيف الدموي والصراعات والأحقاد – إن الفتن والحروب والقتل في ديننا الحنيف كفر بالله عز وجل عن البراء بن عازب يرفعه: كفر بالله العظيم عشرة في هذه الأمة.. وذكر منهم القاتل.. والساعي في الفتن.. وبائع السلاح.. ما نراه ونظنه الصواب وأن يعود إخواننا اليمنيون المتصدرون للمشهد السياسي إلى الحوار لإخراج هذا البلد الطيب من هذه الأزمة والحصار والحرب الطاحنة وواجب دول التحالف العربي نحو اليمن إيقاف الحرب ورفع الحصار ومساعدة الأطراف اليمنية في تهيئة المناخ الآمن والجو الملائم للحوار الذي يجب أن يكون مفيدا وما اختلفتم فيه فحكمه إلى الله قال تعالى “وما اختلفتم فيه من شيء فحكمه إلى الله ذلكم الله ربي عليه توكلت وإليه أنيب” “الشورى10” ألم يقل الشاعر العربي:
ناري ونار الجار واحدة
وإليها ينزل القدر

 

قد يعجبك ايضا