عن الصرخة أيضاً..
أحمد يحيى الديلمي
عقب نشر الموضوع عن صرخة البراءة في صحيفة الثورة ، تلقيت عشرات الاتصالات من داخل اليمن وخارجه ، البعض استحسن المقال وآخرين وردت اتصالاتهم بصيغة التساؤل والاعتراض والبحث عن تفاصيل أخرى تتصل بالصرخة ، وفيما يلي إجمال للإجابة على نفس التساؤلات .
فأقول لمن يتساءل عن الدليل من القرآن الكريم ، أورد القرآن الكريم على لسان نبي الله نوح عليه السلام صرخته المدوية التي جاء فيها ” رب إني مغلوب فانتصر ” وقال تعالى في سورة النساء “لا يحب الله الجهر بالسوء إلا من ظُلم ” وهناك آيات أخرى دلت على نفس المضمون ، أما في السنة النبوية المطهرة فقد ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنه حينما جاء له الإذن بالجهاد وضع شعاراً لأصحابه يرددونه كلما انطلقوا للجهاد ، فكان الشعار ” يا منصور أمت ” فصدحت به الحناجر ، واهتز له عنان السماء ، فأحدث الشعار دوراً بارزاً في تبديد المخاوف التي كانت في نفوس المسلمين بسبب التفاوت الكبير في العدد والعدة ، مع الشعار تعالت الهامات وشمخت النفوس ، فبدت كأنها صرخة الحق في وجه الباطل ، تركت أثراً وصداً كبيرين جعلت المسلمين يتدافعون لملاقاة الأعداء ويتطلعون إلى الشهادة وهم على ثقة تامة بنصر الله تعالى لعباده المؤمنين المستضعفين ، مما أسلفت تتضح الخلفية العقدية للفكرة .
أما في الجانب الإنساني فقد ثبت بأن الزعيم الهندي “المهاتما غاندي” حث أبناء جلدته على مقارعة الظلمة والمستعمرين بقوله ” لو كنتم ذباباً لأخرس طنينكم المستعمرين” وقوله ” تعلمت من الحسين كيف أكون مظلوماً فأنتصر” يقصد الحسين السبط عليه السلام ، كما ثبت عن الزعيم الأفريقي ”
نيلسون مانديلا” قبل عشرين عام يصرخ في الزنزانة ليسمع صوته الأعداء واستقطب السجناء ليقلدوه في الصرخة ، فكان الجميع يصرخون لمدة ساعة في اليوم ، إلى أن أحس بوجودهم المستكبرين وأمروا بإطلاق سراحهم ، وفي كل هذا تأكيد على أن الصرخة فعل حضاري سلمي ، يُمكن من يقع عليه الظلم من التعبير عن ذاته بأن يصرخ في وجه الظلمة والمستكبرين ويلفت أنظار الناس إلى المظلومية الواقعة عليه ، هذا المعنى ذهب إليه الشهيد القائد حسين بدر الدين الحوثي رضوان الله عليه ، وأضاف إلى الفكرة بعداً إيمانياً عميقاً دل على الولاء المطلق لله وللرسول ولأوليائه مقابل البراءة الصادقة والمطلقة من الأعداء المتربصين بالأمة ، فقال رضوان الله عليه “الصرخة إعلان حالة الغضب والبراءة من المستكبرين ومن الأعداء والخونة والعملاء وضد كل فاسد وفاسق ومنافق ” وللأخ الذي قال بأن الصرخة إعلان للعداء المطلق ضد أمريكا إلى أبد الآبدين مستنداً في ذلك إلى تحول الصرخة إلى شعار مميز لحركة أنصار الله أقول : أحيلك في هذا إلى ما ورد على لسان الشهيد القائد وهو يرد على الشهيد المظلوم جار الله عمر رحمة الله عليه حيث قال ” نحن لا نعتبر الصرخة شعاراً أبداً بقدر ما تمثل فعلاً اضطرارياً يمكن العدول عنه إذا زالت الأسباب التي حتمت اعتماده والارتهان إليه” .
أعتقد أن في إجابة الشهيد رد كامل على تساؤلك أيها الصديق ، وأن الرجل كان يعي ما يقول ويعتبر أن أمريكا بعدائها الصارخ للعرب والمسلمين هي التي حتمت اللجوء إلى مثل هذه الأفعال ، وكلها أعمال احتجاجية مشروعة تعبر عن الظلم بإطار سلمي لا لبس فيه .
أرجو أن أكون قد وفقت في الإجابة على ما ورد من أسئلة .. والله من وراء القصد..