قراءة في وجه المنطقة
علي أحمد جاحز
لم يكن السيد القائد مجازفا ولم يطلق كلاما في الهواء حين حذر العدوان في خطابه الذي القاه في مثل هذه الأيام قبل عامين من مغبة استمراره في عدوانه وحصاره لليمن ، وافصح عن امتلاكنا خيارات استراتيجية سوف تغير وجه المنطقة ، بل كان جازما وجادا ويعرف معنى ما يقول وابعاده وتداعياته ويثق في تحققه ، منطلقا من قراءة استشرافية واعية وعميقة وشفافة للأحداث ومآلاتها .
يومها ، كان السيد القائد يتحدث من موقع الناصح وهو ايضا جاد في نصحه وينطلق في النصح من حرص الانسان الذي يحمل هم الامة ومشروعها الكبير، وليس من موقع المتهكم الذي ينتظر أن يتشفى ويفرح حين تقع الأمة في فخ التربص والمؤامرات بفعل فداحة الاخطاء التي يرتكبها بعض قادتها الذين يتزعمون العدوان على اليمن .
بعد مرور عامين على تحذير السيد للسعودية وتحالفها العدواني بأن استمرارهم في العدوان سوف يقابله خيارات استراتيجية سوف تغير وجه المنطقة ، نستطيع ان نقرأ ونتفحص لنعرف ما الذي تغير في وجه المنطقة الى الآن خلال العامين الماضيين ، ونتيجة قراءتنا سوف تزيدنا ثقة بثقابة رؤية القائد أولا وبمدى فاعلية ما نمتلكه من خيارات استراتيجية ليس المهم ان نعرف ماهي بقدر ما يهمنا هو تأثيرها وثمرتها ، ولهذا دعونا نقرأ وجه المنطقة وماذا طرأ عليه من تغيرات .
– محور المقاومة بات اقوى واكثر تماسكا وامتلاكا لزمام الأمور في المنطقة ككل ، وحزب الله يهدد اسرائيل بانها ستواجه حربا اقليمية كبرى اذا فكرت في الاعتداء على لبنان أو فلسطين .
– سوريا التي كانت على وشك السقوط بيد المشروع الداعشي كليا تأثرت بتجربتنا فاستيقظت واستنهضت طاقاتها وتحركت في اكثر من اتجاه، فتمكن الجيش السوري والمجاميع المساندة له من حزب الله من استعادة زمام المبادرة في الميدان ، وحرروا مساحات واسعة داخل الارض السورية ، والأهم من ذلك تغيير وجه المشهد في سوريا الذي كان يوصف بأنه ثورة شعبية ضد نظام ، اصبح معركة شعب وجيش ضد داعش ، وفضحت السعودية وحلفها وكشفت وقوف اسرائيل وامريكا وراء الارهاب في سوريا ، واصبحت سوريا اقوى وصار المشهد مختلفا كليا .
– العراق الذي كان تحت وعيد سيطرة داعش ايضا ، استنسخ تجربتنا في مواجهة العالم وشكل الحشد الشعبي وقلب الطاولة على مخطط امريكي اسرائيلي تنفذه السعودية واخواتها عبر داعش ، وبدلا من ان تصبح لعبة داعش ذريعة لعبث التدخل الامريكي واستنزاف العراق وتدميره بحجة محاربة داعش حسم الحشد الشعبي الأمر ميدانيا وفضح تورط امريكا والسعودية واخواتها في دعم داعش وأصبحت العراق أقوى وتعرف عدوها .
– قطر الجغرافيا الضئيلة ، بصرف النظر عن محتوى قضيتها وخلفياتها ومن يساندها ، لكنها التقطت لب الدلالات من تجربة الصمود والتصدي اليمني بوجه العالم وقوى الاستكبار طوال عامين ، فتمكنت من الوقوف بتحد امام الغول السعودي وتحالفه المصري الاماراتي البحريني ، وها هي تتمرد على السعودية وتحشد تحالفات أخرى ضدها .
– المشهد الخليجي برمته يتغير ، التعاون الخليجي يتفكك ، والسعودية التي كانت تتزعمه تغير شكل الحكم فيها وباتت صغيرة وهزيلة وموتورة وضعيفة في عيون الدول والشعوب وخاصة في نظر الدول الخليجية الاخرى التي نستطيع ان نقول انها توزعت بين متمرد على السعودية مثل قطر ومتريب منها مثل عمان والكويت ومتربص بها مثل الامارات التي بات واضحا انها صارت تبتز السعودية وتلوي ذراعها ، وكل هذا نتيجة طبيعية للغرق في مستنقع اليمن .
– مصر التي كانت تحمل راية ريادة المنطقة العربية ، لم تعد أم الدنيا بل باتت جارية السعودية وخادمتها المطيعة ، وكل هذا نتيجة تخليها عن دورها الذي لم يكن ليقبل باقل ان يكون فاعلا في حل القضية اليمنية بدون حرب ، لا ان تصبح مصر شريكا في تحالف تقوده السعودية للعدوان والحصار على اليمن .
– من اهم التغيرات في وجه المنطقة ايضا بيع مصر جزيرتي صنافير وتيران للسعودية لتكون لها حدودا مع اسرائيل ، وهذه سابقة خطيرة في المنطقة وفي تاريخ مصر العريق والقوي .
– اما التغير الأكبر فهو هرولة السعودية تجر خلفها تحالفها من بعض الانظمة العربية نحو التطبيع مع اسرائيل ، وليس هذا وحسب بل والمباهاة بالتحالف معها لمحاربة محور المقاومة وايضا توصيف أي صوت يرفض التطبيع والتحالف مع اسرائيل بانه عدو للامة العربية ، وهذه المجاهرة هي نتيجة لفشل تحالفها في اليمن وصيرورة حالها الى مجرد أداة ضعيفة بيد الامريكان الذي يبتزها مقابل دعمها في حربها على اليمن ويفرض عليها املاءات خطيرة ومكلفة ومشينة ايضا .
ألا تكفي هذه التغيرات الكبيرة في وجه المنطقة لنقول ان تحذير السيد القائد ماض في التحقق وبشكل متسارع ، وهذه مجرد امثلة ربما يليها ما هو أهم وأكثر فاعلية ، وهو ما يجعلنا نقول بكل ثقة اننا انتصرنا الى هذه اللحظة وذاهبون الى الانتصار الكبير بإذن الله .