الأسرة/ عادل بشر
لم يكن الأب يعلم أن الفستان الذي اشتراه لطفلته في العيد سيكون سببا في القضاء عليها ,على يد جدها المتوحش ,الذي فقد صوابه, فأخذ الطفلة وألقى بها عرض الحائط بقوة ,لتفارق بعدها الحياة بدقائق قليلة , فإلى التفاصيل:
قبل بضع سنوات من الآن احتفل الأهل والأقارب بزفاف الشاب “أنور” ومن اختارها لتكون زوجة له وأماً لأطفاله , ثم مضى قطار الحياة بهما في سعادة وهناء ,وبعد عامين من الزفاف رزقهما الله تعالى بأول مولود وكان ذكرا ,ففرح الزوجان بهذا القادم الذي أضاف الى حياتهما كمية كبيرة من الفرح والسرور , فترعرع الطفل في حضن والده ووالدته اللذين أحاطاه بكل حب ورعاية وحنان.
استمرت الحياة في مسيرتها التي خطها لها الخالق جل شأنه وبعد فترة من الزمن وضعت الأم مولودها الثاني الذي كان طفلة في غاية الروعة والجمال وبهذا أصبح لدى الأسرة ولد وبنت مما زاد من سعادة الأب والأم وتماسكهما أكثر وأكثر , ثم مضت الأيام مسرعة لتضع الأم مولودها االثالث .. طفلة جميلة اسمياها “فاتن” , غير ان الزمن لم يدع هذه الأسرة الصغيرة في شأنها , فاستكثر عليهم القليل من السعادة وبدأ يدس المشاكل فيما بينها , وكانت نواتها انزعاج الزوج من انشغال زوجته بأطفالها وعنايتها بهم طوال الوقت وأهملت الأب إلى حد ما , ومقابل ذلك صار الزوج يكثر من السهر خارج المنزل وعدم سؤاله عن حال الزوجة أو الأطفال كما كان سابقا.
مع مرور الأيام تحول الجفاء الحاصل بين الزوجين إلى شرخ أصاب العلاقة الزوجية في مقتل وأصبح يهدد تماسكها وبقاءها على مركب واحد وزادت حدة المشاكل الأسرية بين الزوجين مما اضطر الزوجة إلى اخذ أغراضها وطفلتها الصغيرة “فاتن” وترك منزل الزوجية واللجوء إلى أهلها للبقاء عندهم حتى ينعدل حالها مع زوجها .
كانت هذه هي بداية المأساة التي أصابت مؤخراً الجميع , فبعد “حنق” الزوجة ومغادرتها المنزل بقى الطفل والطفلة بمفردهما مع والدهما الذي لم يستطع أن يحل محل الأم في الاهتمام بالطفلين ورعايتهما فلحق بها وقابل والدها وطلب منه إخبار ابنته بأن زوجها يطلب منها العودة إلى منزلها وأطفالها وتعهد بأنه سينفذ كل ما تطلبه منه , لكن والد الزوجة رفض الاستماع إلى زوج ابنته ورد على ذلك بأن طرده من المنزل ومنعه من رؤية طفلته الصغيرة “فاتن”.
غادر الزوج منزل عمه -والد زوجته- وكله حسرة واسى على الحال التي وصلت إليها أسرته وما ستحمله الأيام القادمة من سوء ,خاصة وانه يعلم طبيعة والد زوجته في التعامل مع مثل هكذا مواقف ,ورغم ذلك لم ييأس أو يلين, فكرر الأمر وعاد لمطالبة زوجته بالرجوع إليه مرارا وفي كل مرة كان العم يرفض التفاهم في هذا الشأن ووصل به الأمر الى التخاطب مع زوج ابنته بقوله :” يجب أن تنسى أن لديك زوجة عندنا” .
استمرت الأسرة الصغيرة على هذا الوضع قرابة العام فالأب يعيش مع طفليه لوحدهم والأم في منزل والدها مع طفلتها الصغيرة تتجرع مرارة الفراق وتعض أصابع الندم على تركها منزل الزوج في يوم لم تكن تعلم انه سيبعدها عن رفيق دربها وشريك حياتها وفلذة كبدها كل هذه المدة.
كعادتها دارت عجلة الأيام إلى الأمام واقبل شهر رمضان المبارك حاملا معه كل معاني الرحمة والروحانية , إلا على تلك الأسرة المشردة هنا وهناك وبعد شهر رمضان المبارك جاء العيد فاهتزت مشاعر الابوة لدى والد فاتن وقرر زيارتها في منزل جدها ,حيث كانت مع والدتها, واشترى لها فستانا جميلا بمناسبة العيد وانطلق مصطحبا طفليه ليسلما على والدتهما سلام العيد وشاءت الأقدار أن يصل إلى منزل عمه في وقت كان الأخير غير متواجد فيه فالتقى طفلته الجميلة “فاتن” وأعطاها الفستان ثم اخذ طفليه وغادر المنزل قبل أن يصل والد زوجته .
لم تمض سوى لحظات حتى جاء الجد وعلم ان زوج ابنته قدم الى البيت في غيابه فاقبل على ابنته والغضب يتطاير من عينيه وصرخ فيها كيف تسمح لزوجها بالدخول الى المنزل وهو غائب عنه, فردت عليه بقولها :” لا تنسى انني مازلت على ذمته ولولا انك تسد طريق العودة إليه لكنت الان في بيته وعند أطفالي “.
غضب والد الزوجة من رد ابنته عليه بهذه الطريقة , وزاد من غضبه عندما أخبرته ان زوجها جاء لرؤية طفلته الصغيرة فاتن وأعطاها فستان العيد كما يفعل كل أب بمناسبة العيد , فلم يتمالك الجد نفسه وعقابا لابنته اخذ من بين احضانها طفلتها الصغيرة “فاتن” التي كانت ترتدي الفستان الجديد الذي احضره لها والدها ,وبقوة غاشمة شدها من ذراعها وألقى بجسمها الطري عرض الحائط, فأصيبت الطفلة بنزيف حاد في الدماغ ,إضافة الى عدة كسور في أجزاء مختلفة من الجسم جراء الضربة القوية فصرخت الأم وهرعت نحو طفلتها محاولة إسعافها لكن “فاتن” فارقت الحياة خلال دقائق معدودة ودفعت حياتها ثمنا لمشاكل والديها وجبروت جدها.