رغم المعاناة.. بشائر النصر تلوح في الأفق
أحمد يحيى الديلمي
أحد الزملاء الصحفيين العرب مع أنه يعيش في أبو ظبي إلا أنه يحزن ويتعاطف كثيراً مع اليمن .
أفزعته أبواق الدعاية المأجورة بالأخبار التي روجتها في الأيام الأخيرة عما أسمته بالانتصارات ، بكلمات مقتضبة عبر فيها عن قلقه الشديد ورغبته في معرفة حقيقة الأوضاع في اليمن ، تلبية لتلك الرغبة الصادقة أقو ل :
اليمن يتعرض لعدوان دولي غاشم همجي شرس يوحي لكل عربي صادق أن الرغبة الأمريكية في إضعاف اليمن وإلحاقه بركب ما يسمى بمحور الاعتدال أعطى النظام السعودي الفرصة لإخراج العداوات المتأصلة وأمواج الحقد المتراكمة في قعر الصدور على اليمن واليمنيين إلى واقع التنفيذ .
في ضوء ذلك .. لم يترك هذا النظام أي وسيلة إلا ولجأ إليها ، بما في ذلك الكارثة الإنسانية ممثلة بجائحة الكوليرا التي تنشر بشكل مخيف ، في الوقت الذي يخدر العالم بالحديث عن مساعدات اغاثية لا وجود لها إلا في وسائل الإعلام ، بالمقابل يمنع دخول الأدوية والمستلزمات الطبية المطلوبة للسيطرة على الوباء ويفرض حصاراً اقتصادياً جائراً ، خلافاً لما نص عليه قرار مجلس الأمن المشؤوم رقم(2216) مع أنه مجحف صيغ في الرياض وتبنته بريطانيا وصوت عليه مجلس الأمن ، إلا أنه أشار إلى عمل روتيني من قبل الأمم المتحدة لمنع تدفق الأسلحة كما قيل ، مع ذلك جعلته السعودية بتماهٍ أمريكي ذريعة لفرض حصار اقتصادي عبثي شامل كشف عن طبيعة النوايا الخبيثة والرغبة في استهداف كل شيء يتصل بمقومات الحياة للإمعان في إفقار الشعب اليمني بعد أن قام بضرب كل أدوات الإنتاج واستهدف البُنى التحتية للاقتصاد الوطني وتعمد نقل البنك المركزي من صنعاء لحرمان أغلب اليمنيين من الرواتب الشهرية مصدر رزقهم الوحيد على مدى تسعة أشهر متواصلة ، مما ضاعف المأساة وزاد من بوادر التأزم وحدة الفقر ، وتفاقمت معه المجاعة ولم يتوقف الصلف السعودي عند هذا الحد لكنه تعمد إغراق السوق اليمنية بمنتجات سعودية معظمها كمالية لا تسمن ولا تغني من جوع ، بل تضاعف معاناة المواطن اليمني وتفرض عليه مشتريات إضافية والتزامات غير ضرورية تستنزف ما تبقى لديه من مدخرات إن وجدت ، وتضعف القدرة الشرائية لديه .
بالمقابل تتعمد إحباط وصول الأدوية والمواد الغذائية النافعة للإنسان وحتى الحيوان ، فهي تمنع الأعلاف ومدخلات الإنتاج الزراعي والمواد الأولية المطلوبة لتشغيل ما تبقى من معامل ومصانع تحويلية محلية ، وبين حين وآخر تتصرف بمنطق دنيء وساقط فتمنع تدفق المشتقات النفطية اللاّزمة لتغطية احتياجات السوق المحلية بهدف اضطراب الأسعار ودفع المواطن إلى التذمر والاحتجاج ، ولم يتوقف الصلف السعودي عند هذا الحد لكن هذا النظام المغرق في المجون يمارس أساليبه القديمة الجديدة ممثلة في استخدام سماسرة من المرتزقة والخونة لجمع السيولة النقدية اليمنية وتهريبها إلى السعودية للتمادي في إضعاف الاقتصاد الوطني وتجفيف السيولة النقدية للعملة المحلية من السوق بهدف مضاعفة الأزمة .
كل هذه الممارسات التي تتعارض مع أبسط القيم الإنسانية وتخالف تقاليد وأعراف الحروب لم تكن سوى أفعال مرادفة لحرب الإبادة الشاملة على مدى ما يقرب من ثلاثة أعوام ، وأحدث مقاتلات ما يسمى بدول التحالف لا تغادر سماء اليمن لحظة واحدة ، تصب أفتك أسلحة الدمار الشامل والمحرم استخدامها دولياً على رؤوس الأطفال والنساء والشيوخ وتتعمد تدمير كل شيء ، هذه هي الحقيقة .. بل جزء منها يا صاحبي .
بكل المقاييس اليمن بلد منكوب ، تتضاعف الكوارث الإنسانية فيه باستمرار ، العدوان الصلف بأشكاله الإبادية البشعة لم يترك شيئا دون أن يستهدفه ، إلا أن هذه المؤامرات القذرة وصمت العالم حيالها لم لن يفت في عضد اليمنيين ، بل يزيدهم صبراً وصلابة وتحملا للمكاره ، ورجال الرجال من أبطال الجيش واللجان الشعبية الصناديد المدافعون عن حياض الوطن يزدادون قوة وعزيمة وإرادة لم ولن يتوقف أداؤهم عند الدفاع ، لكنهم تخطوا الأسلاك الشائكة ونقلوا المعركة إلى عمق السعودية يكبدون جيشها والمرتزقة خسائر فادحة ، وهذا يجعلنا نطمئنك وكل المخلصين أمثالك ، بأن اليمن بخير وأن لا تصدقوا أبواق الدعاية الرخيصة رغم المعاناة وما تسببه من مرارة ورغم التعتيم الإعلامي بكل إجحافه ، إلا أن اليمن بخير وأبطاله الميامين على أبواب النصر المبين إن شاء الله.. ومن نصر إلى نصر ..