معادلة
زينب عبدالوهاب الشهاري
هل تراني أصعر خدي عنها وأغض الطرف عن أوجاعها وأصم أذني عن سماع أنينها.. أم هل تراني أكبل نفسي في حبال التجاهل والتغافل وأسبح في لجج اللامبالاة وأزرع نفسي نبتة غريبة في ساحات آلامها وكأن ما يلم بها من وجع لا يعنيني في شيء فأقف موقف المتفرج وأكون محايدا عن نصرتها وإغاثتها ودفع الضيم عنها..
أم هل أشارك في غرز أشواك السم في جسدها.. بل وأستل خنجر الخيانة وأثخنها بطعنات الغدر بكل برود بل وسرور… وهل أكون ممن أذعنوا وانصاعوا لنباح الكلاب الطامعين فيها وأكون يدهم النجسة المخربة وعبداً يدفعون بي بثمن بخس لأمهد لهم طريق الطمع إليها ولا يلقون بالاً إن مت فيدعون جثتي جيفة تأكلها وحوش السماء والأرض بعد أن كتبت عليّ ميتة سوء ولعنة وخسران في الدنيا والآخرة فلا أكون سوى خرقة بالية استخدموها ورموها ليحققوا بها مآربهم…
أم هل أكون ممن عميت قلوبهم وأداروا ظهورهم عن صوت الحق وجندوا أنفسهم لمواجهة أهله وانخرطوا يقاتلون في صفوف الشياطين فما ربحت تجارتهم وما حازوا إلا التنكيل على أيدي أنصار الحق..
أم هل أكون من أبواق الفتن الساعين لنشر الشحناء والقلاقل وزرع بذور الضغينة وإشعال نيران العداوة والكراهية في النفوس وأساعد عدوها في ضرب وحدة صفها وتلاحم أبنائها..
لا… لم ولن أكون… فما زال صوت النخوة يعلو داخل روحي ولا زالت دماء الشهامة تجري في عرقي وما زال قلبي ينبض بالولاء والانتماء وما زالت روحي متشبعة بنور الحق وما زالت عيناي ترى نور اليقين… وما زالت نفسي متشربة ثقافة القرآن ..فكنت من السباقين لارتياد ميادين البطولة واعتمار إكاليل البطولة.. فسخرت نفسي جنديا يحمي حماها ونصبت نفسي درعا يقيها الخطوب والرزايا ونصلا يذيق عداها حر التنكيل ولم أبالي بتواني المتخاذلين ولا نفاق الأفاكين ولم تهمني مصلحتي ولم أجرى وراء راحتي… دفعت بنفسي وتجشمت كل عناء واستسغت كل تعب لأراها تتقلب بين كفي الأمان لا يمسها سوء، فلم أكن يوما ممن يولون الدبر عند احتدام المعارك ولم أكن يوما من الخوالف عند اشتداد الملاحم فناصرتها ووهبت مهجتي هدية تذود عن حياضها واسترخصت حياتي لتدوم لها حياة الشرف والعزة وطمعت في حياة الخالدين وتاقت نفسي إلى ما وعد الله الشهداء من كرامة وفزت الفوز العظيم… أنا شهيد اليمن…