الأزمة الخليجية أزمة حقيقية أم تمخض مشروع جديد ؟؟
زين العابدين عثمان
الجميع يتحدث عن الأزمة الراهنة بين دول مجلس التعاون الخليجي من منظور أنها أزمة فعلية قد تعقبها تصادمات عسكرية محققة لكن ما يقوله الواقع والاتجاهات السياسية الحقيقية مخالفة تماما فالأزمة الخليجية لم تكن وليدة يومها أو أنها حدثت بقرار سعودي إماراتي بحت وإنما كانت شرارة انطلاق الأزمة الخليجية بقرار وإيعاز أمريكي مضبوط ومدروس مسبقا والدليل هو سلوك وموقف أمريكا المتناغم والمتقطع تجاه هذه الأزمة فتارة يكون إلى جوار السعودية والإمارات وتارة يقف مع قطر لذا من غير المعقول أن نفرز الموقف الأمريكي على انه ضد دولة قطر أو حتى معها لان المنطق لا يمكن أن يجمع بين تصريحات أمريكا المهاجمة لقطر والوقوف مع السعودية والإمارات وبين قيام أمريكا بتنفيذ مناورة بحرية مشتركة مع قطر وعقد صفقة مبيعات أسلحة للأخير في نفس الوقت.
لذا من السخف والحماقة أن نظن أن أمريكا بعيدة عن الأزمة أو مع السعودية وحلفائها ضد دولة قطر أو العكس أو أن أمريكا تسعى للمصالحة وحلحلة الأزمة الراهنة كوسيط لأنها هي فعلا من اصطنعت هذه الأزمة وهي من تضبط إيقاعاتها واتجاهاتها وهي من كتبت نص مراحلها هي من بد?تها وهي من لديها الكلمة الأخيرة لإنهائها.
وعلى هذا الأساس لا يمكن وصف الأزمة الخليجية وكل التصعيدات الساخنة فيها حتى لو وصلت مثلا إلى حدودها القصوى، سوى إنها آلام وصراخ مخاض لولادة مشروع أمريكي على مشارف خروجه للحياة السياسية والعسكرية داخل المنطقة.
لا نعلم ماذا سيكون بالفعل وما هي توجهاته لكننا على يقين بأنه مشروع مدروس ومعد بعناية ومثابرة أمريكية صهيونية فقد يكون لتفكيك الخليج لغرض خلق موجات ابتزازات واستثمارات أو للدفع بدول الخليج نحو معانقة إسرائيل أو كليهما والله اعلم.
لكن ما يجب أن نستدركه هو أن أزمة الخليج ضد دولة قطر غير واقعية وكل ما فيها من تبادل للتهديدات لا يمكنها أن تطبق على ارض الواقع إلا في حالة واحدة أي بعد اخذ موافقة أمريكية بالمقام الأول وبالتالي فإن التوجهات القادمة لسياسات أمريكا هي التي ستحدد ما مضمونية هذه الأزمة وما هو الهدف منها وما هي مساراتها.