عدن/ إدارة المحافظات
في محافظة مثل عدن، قد يغدو الفرح فيها مستحيلاً.. حتى وإن كانت مناسبة دينية كعيد الفطر المبارك، خاصة وأن هناك من يصر على أن يسلب أبناءها فرحتهم.
عدن، المدينة التي كانت تهوى الفن والطرب ولها في ذلك طابع غنائي مميز تطرب له النفوس، لم تعد كذلك، حيث حجب الاحتلال الإماراتي بدخانه الأسود شمس عيدها..
إذاً من ينقذ عدن؟ فالاحتلال يسير بها إلى المجهول، ومن يوقف حالة الدمار والتخريب الذي طالها؟ فالاستمرار في التذمر والإدانة والاستنكار لن ينقذ عدن مما هي فيه، فما أقسى أن ينتظر العدنيون العيد.. فلا يجيء!
ولتسليط الضوء أكثر، “الثورة” التقت عدداً من أبناء محافظة عدن، الذين يبحثون عن عيدهم الضائع.. وهاكم المحصلة:
في البداية التقينا المواطن (ت.ص) من أبناء مديرية دار سعد، حيث قال:
في عدن وقبل العدوان الغاشم والاحتلال الاماراتي، كان كل شيء جميلاً البحر والأسر التي تتوافد على المحافظة يزيدها جمالاً وسحراً، وبالأطفال الذين ترتسم على وجوههم الفرحة تكتمل فرحة العيد في اليمن السعيد.
ويضيف: اليوم كل شيء في هذه المدنية المسالمة قد تغير، والسبب الرئيسي في ذلك الاحتلال الإماراتي الذي اطفأ قناديل العيد واستبدل عنها الدمار وغياب الاستقرار وزرع الفتن بين أبناء اليمن الواحد.
فداء وتضحية
واستطرد: على الجماعات الإرهابية والتكفيرية، وكذا الاحتلال والعدوان أن يعلموا،أن اليمن لا ولن تسقط مهما كانت قوة العدو العددية أو أسلحتهم المتطورة، لأنه لا يوجد غير اليمن فيها قوة غير عادية، قوة تكمن أولاً، بالإيمان برب الناس، وثانياً، الفداء والتضحية..فالشعب اليمني ورجاله من الجيش واللجان الشعبية، اشداء، اليقين قوتهم، والصبر زادهم، لا يعرفون المستحيل.
الخوف من المجهول
ويقول (و.ع)، من أبناء مديرية الشيخ عثمان:
انعكست أجواء الاحتلال على استقبال عيد الفطر المبارك في عدن، حيث شهدت أسواق المحافظة حالة ركود اقتصادي وارتفاعاً جنونياً في أسعار ملابس العيد، وكذا أسعار المتطلبات الأخرى، وما يزيد الطين بلة هو الظروف الصعبة التي يمر بها معظم أهالي المحافظة والتي كانت سبباً رئيسياً في سلبهم فرحة العيد.
شعائر العيد
ويضيف: كل هذه المصائب لم تثننا عن أداء شعائر العيد، صحيح جيوبنا فارغة لكن قلوبنا مملوءة بالحب، واستطعنا أن نجعل من هذه المناسبة محطة تتعانق فيها القلوب والأرواح قبل الأجساد، وتصافحنا وتصافينا كبيرنا وصغيرنا من الغل والحقد والحسد، كون العيد فرصة لتأكيد المودة واللحمة الوطنية وطي صفحة الحزن الذي ينظر إلى الحياة بعين الريبة والشك والخوف من المجهول.
العيد وكابوس الاحتلال
أما الوالد (ص.م)، فقد أطلق الآهات متحدثا عن أوجاعه ومرارة ما يعيشه أبناء الشعب اليمني قائلاً: بصراحة لست أدري أن افرح بالعيد أم أحزن على سقوط جنوب الوطن بيد المحتل.
وأضاف: يا ابني أنا عشت حياتي كلها في عدن، وفيها قضيت أجمل أيام عمري ومنها، أيام عيد الفطر المبارك الذي كان مليئاً بالفرح والسرور وبالغد المشرق، بعكس هذا العيد الذي أصبح كالكابوس نتيجة العدوان السعودي الأمريكي، والاحتلال الاماراتي، الذين دمروا عدن وسلبوا ثرواتها وزرعوا الفتن بين أبنائها.
تحيا اليمن
وأردف: لا يفوتني هنا ومن خلال صحيفتكم ان أتقدم بأطيب التهاني والتبريكات لأبناء الشعب اليمني الواحد الموحد بمناسبة عيد الفطر المبارك، كما لا يفوتني أيضاً أن اهنىء بهذه المناسبة الدينية العظيمة، أسود اليمن الذين يتحركون بإيمان لا يتزعزع وتصميم لا يلين، للدفاع عن اليمن وشعبه، فهكذا هم رجال الجيش واللجان الشعبية، الذين وهبوا أرواحهم لليمن.. واليوم على طريق الفداء والتضحية يتقدمون.. فتحيا اليمن.
هدم ممنهج
وفي مديرية المنصورة، التقينا المواطن (ي.أ) حيث قال:
العيد لن يختلف عن كل عيد، فأبناء عدن يعطون عيد الفطر المبارك حقه أياً كانت الظروف التي تمر بها المحافظة واقصد هنا الاحتلال الإماراتي ومرتزقته.
ويضيف: لم يعد في محافظة عدن أي وجود للأمن والاستقرار، والعنصرية ضد إخواننا الشماليين المتواجدين في عدن أصبحت العنوان البارز، كما يوجد في المحافظة من يتربح من معاناة الناس ويستغل حاجتهم فيبيع حاجة الناس من الغذاء والدواء بأضعاف مضاعفة.
واستطرد: لماذا هذا الهدم الممنهج لعدن، وما الذي فعلته هذه المدينة حتى تغرق في هذا الجحيم العبثي، فكل شيء أصبح يدل في حياتنا على العبث والفوضى.
استعادت مجدها
واختتم: أما آن الأوان لوضع حد للاحتلال الإماراتي الذي طغى في عدن فساداً، فرجال اليوم لا ينقصون شيئاً عن رجال الأمس، الذين اعتبروا الكفاح المسلح هو السبيل الوحيد لإرغام المستعمر البريطاني البغيض على الرحيل، وبفضل من الله سبحانه وتعالى، ثم بفضل رجال الكفاح المسلح،استعادت عدن في الـ 30 نوفمبر 1967م، كرامتها ومجدها الضائع.
في مهب الريح
فيما تقول (أم صلاح)، وهي أم لخمسة أولاد،: إن عيد الفطر المبارك مناسبة دينية عظيمة ولكنهم استقبلوه في عدن هذا العام وهم أشبه ما يكونون في الجحيم..
وتضيف: شوف بنفسك كيف أصبحت عدن بعد ان كانت مدينة الجمال والاقتصاد، فاليوم كل شيء فيها يدل على الدمار والخراب، فالقاعدة وداعش والمرتزقة متواجدون في كل أزقة وشوارع المحافظة، ورجال الأمن لا وجود لهم إلا في مخيلة عبدربه منصور، وبن دغر، أما بالنسبة لوعودهم بأنهم بيعملوا لنا مشاريع وبيصلحوا الكهرباء فهي وعود عرقوبية،ذهبت في مهب الريح.
قطعة من جنهم
واردفت: أنا امرأة عجوز ومريضة بالسكر وانقطاع الكهرباء لأكثر من 18 ساعة في اليوم الواحد زاد مرضي خاصة وأننا في فصل الصيف، وغياب الكهرباء حول عدن إلى قطعة من جنهم.
واختتمت أم صلاح بالقول: ايش من عيد تسألني عليه ونحن محتلون وأصبحنا في بلادنا اغراباً، لعنة الله على كل الخونة، الذين دمروا بلادنا وقتلوا أولادنا، وجعلوا من المحتلين الإماراتيين، سادة، ونحن العبيد.
زيارة المقابر
وتأقلماً مع الواقع، تغيرت بعض التفاصيل، وخاصة في حلويات العيد، فأم مصطفى،من مديرية التواهي، استغنت عن اللوز في صناعة كعك العيد، واستبدلته بمواد أخرى كالتمر.
وأضافت: كنا نجهز الحلويات ونبتكر عدة أنواع للضيافة، أما الآن اقتصرت على القهوة أو العصير فقط، ومن الطقوس التي استمرت رغم الظروف التي تمر بها عدن زيارة المقابر.
المدينة لا تنام
في كريتر–وهو الاسم الشائع للإشارة إلى مديرية صيرة، أو كما يطلق عليها البعض”المدينة التي لا تنام”- كانت أسواقها تعج بالناس على مدار العام وتزداد هذه الأسواق اقبالاً في الأعياد، ولكن هذه الأسواق وتحديداً في ظل الاحتلال الإماراتي الذي عمد إلى زعزعة الأمن والاستقرار، من خلال مرتزقته ودواعشه وبلاطجته، تكاد تكون شبه خالية، وأصبحت هذه المدينة التي لا تهدأ ،”تنام كالدجاجة”.
أسواق شبه خالية
وعن ذلك يشير (س.ج) صاحب أحد المحال التجارية لبيع الألبسة الجاهزة في” مديرية صيرة” إلى هذا قائلاً: الأسواق سابقاً كانت تكتظ بالناس وكانت المحال تشهد إقبالاً شديداً وخاصة في الأيام الأخيرة من شهر رمضان لشراء حاجياتهم ومستلزماتهم الخاصة بالعيد، أما الآن فالأسواق شبه خالية بسبب الظروف الاقتصادية الصعبة والشح في البضائع المتوفرة نظراً للحصار وعدم قدرتنا على التنقل بين المحافظات، وللأسف الشديد وصول المحافظة عامة، ومديرية صيرة خاصة، إلى هذا المستوى من العبث والفوضى لم يكن من فراغ أو عن طريق الصدفة بل جاء نتيجة ما تسبب به العدوان السعودي الأمريكي والاحتلال الإماراتي من دمار وخراب.
معان سامية
ويضيف: رغم كل ما يقاسيه أبناء عدن من ظروف صعبة، يبقى لعيد الفطر خصوصيته ومعانيه السامية في الدين الإسلامي وفي نفوس اليمنيين عامة، وأبناء عدن خاصة، حيث يعتبر فرصة للقاء الأهل والأقارب، وفرصة لظهور مشاعر الألفة وصفاء القلوب، التي يستمد منها العدني عزمه على الصبر وعلى صعوبة الظروف، والأمل بغد أفضل وأجمل.
أطفال عدن
تفتقد الكثير من مديريات عدن، للحدائق والمتنزهات العامة، التي تجمع الأطفال ليلعبوا ويمرحوا بعيد الفطر المبارك، خاصة في الوقت الراهن، حيث أصبح اللعب في أي حديقة أو منتزه خطراً كبيراً على الأطفال، والسبب يكمن في غياب رجال الأمن الذي تسبب غيابهم في انتشار القاعدة وداعش ومرتزقة الاحتلال الإماراتي، الذين ينصبون أنفسهم أوصياء على هذه المحافظة، وأصبح الأطفال في عيد الفطر حبيسي المنازل، هذه هي القاعدة عندما تغيب سلطة الدولة في المحافظة.
المحرر
عدن.. مدينة محتلة، قد تختزل هذه العبارة ما يعانيه أبناؤها هذه الأيام ولكنها لا تتكفل بتجسيد حقيقة المعاناة.
إنها مدينة مقطعة الأوصال ان تكتوي أي مدينة من مدنها بلظى الاحتلال يعني أن يستفرد هذا الاحتلال بأبناء هذه المدينة ويذيق أبناءها الويلات لايترك لهم مجالاً للفكاك من احتلاله؟!
عدن تختصر المسافات، تختزل المعاناة لتصرخ: (مكنوا النور من العبور).