أزمة الخليج الحالية تكاد تكون استثنائية
مبارك حزام
أزمة الخليج الحالية تكاد تكون استثنائية وتشبه لحد كبير إجراءات حرب الخليج الثانية وغزو الكويت، لا أعني أن هناك حرباً قد تحدث بين قطر والسعودية، فهما الإثنان جُبناء ولديهما ملفات لم تغلق بعد والحرب ليست في صالحهم على الإطلاق..
مشاهد عامة جراء الأزمة:
1- انحسار التحالف السعودي إلى 3 دول فقط عن ما تم إعلانه أول مرة سواء بمجموعة حرب اليمن (10 دول) أو التحالف الإسلامي (32 دولة) أو تحالف ترامب (50 دولة).
كل هذه تحالفات فشلت إما في تحقيق أهدافها أو في التجمع أصلا، مما يعني أن فكرة إقامتها كانت نوع من العبث، وهي الحالة التي تميز المرحلة بامتياز، وفي تقديري يوجد محرك عبثي عبارة عن ثور هائج لا يكاد يمل من كثرة النطح هو المتسبب في صراعات الشرق الأوسط الآن، وفي مقال لي في إبريل 2015 عبرت عن هذا الثور بوضوح إنها الإدارة السلمانية الجديدة ومديرها الأوحد..”محمد بن سلمان”..ذلك الشاب الأهوج ضيق الأفق كثير الطموح والخيال..
2- استغلال إيران للأزمة واتصال وزير خارجيتها جواد ظريف بنظرائه في الكويت وقطر والعراق ولبنان والجزائر وعُمان وتونس وماليزيا…هذا يشبه خلية عمل لقطع الطريق على السعودية لاستغلال الموقف..وفي ظني أنه استغلال ناجح جدا أثمر عن حياد كل هذه الدول..
3- باكستان أعلنت رفضها أيضا لقطع العلاقة مع قطر مما يعني أن السعودية اتصلت بها لكن الرفض الباكستاني كان سابقاً، هذا ثالث رفض باكستاني لأوامر سعودية لهم بعد حرب اليمن والتحالف الإسلامي، وهو مؤشر هام يدل على تغيرات هامة قد تحدث للمنطقة مستقبلا ربما تشارك فيه باكستان
4- موقف الأردن والمغرب حتى الآن غير واضح..لكن مرجح جدا أن يأخذ اتجاه الأغلبية بالحياد..ولو حدث ذلك فهي طعنة للمملكة تثبت المشهد الأول بضيق خيارات السعودية على نفسها..فالمغرب والأردن من أهم الأنظمة لآل سعود شبها وعقيدة..ونكوصهم عن البيعة والعهد الآن له تبعاته..
5- تستعيض السعودية عن فض تحالفاتها تلك بحملات إعلامية مركزة وضغط سياسي تأمل فيه بتراجع قطر، هذا يعني أنه لو لم تتراجع قطر ستدخل المملكة في أزمة وهي أن محيطها الجغرافي أصبح يضيق للغاية بكثرة الأعداء، والغول الإيراني أصبح نافذ على الحد الشرقي للمملكة..
6- لعبت السعودية منذ فترة على دعم انقلاب عسكري في قطر والآن يبدو أن هذا التحرك قد فشل، فأي محاولة انقلابية في الدوحة ستواجه بحس قومي ونفوذ طاغي للأمير السابق حمد بن خليفة..
ماذا أمام دول الخليج الآن من خيارات؟
لقد أحرق آل سعود كل أوراقهم تقريبا، فالآلة الإعلامية لم تثن قطر عن مواقفها، حتى ورقة الحصار الاقتصادي والجغرافي لم تنتج شيئاً حتى الآن..وقد فطنت إيران لهذا الحصار مبكرا وصرحت بدعم قطر بالمواد والغذاء..هذه أهم ورقة سعودية تم حرقها إضافة لورقة مصر وإعلامها الذي لم يعد له تأثير على الإطلاق.
إن الخيارات هي نفسها احتمالات أوجزها فيما يلي:
أولا: غزو سعودي لقطر بتحالف في الأصل بين السعودية والبحرين، قد تشارك الإمارات فيه..لكن دخول مصر مستبعد فالدور المصري سيكتفي بالإعلام والسياسة خشية تهور تركيا التي يجمعها بقطر اتفاقية دفاع مشترك..وفي ظني هذا الاحتمال / أو الخيار صعب جدا فكل دولة محاصرة بأزمات داخلية وخارجية وتحديات على أكثر من جبهة، والحرب هناك قد تحدث بمنطق شمشمون (عليّ وعلى أعدائي) أي هي حرب النهاية التي ستسرع بتشكيل المنطقة برؤية جديدة.
ثانيا: استمرار الضغط والحصار السعودي على قطر وهذا سيدفع القطريون للتحالف مع إيران بصفتها المنفذ الوحيد جواً واقتصاديا ، وقتها ستكون قطر بحماية ثنائية من تركيا وإيران اللذان يزداد نفوذهماً باضطراد نتيجة لسياسات محمد بن سلمان المتهورة..
ثالثا: اتفاق بين دول الصراع يقضي بتنازلات متبادلة، وفي رأيي أنه سيسجل انتصار لصالح الدبلوماسية القطرية ويصور أميرها (تميم بن حمد) بالبطل ويعلو نفوذ قطر ليكون مساوياً لنفوذ السعودية في مجلس التعاون.
رابعا: استسلام قطر وإعلان تنحي تميم … وهذا مستبعد.. فالإدارة هناك تثق في إمكانياتها جيدا وكثرة البدائل المتاحة..وتعلم حجم النشاط الدولي لثني الإمارات والسعودية عن مواقفهم..
شخصيا: أرجح الاحتمال الثاني فآل سعود وأمراء قطر ليسوا بالذكاء الذي يدفعهم للتفاوض