كفاح شعب وتاريخ وطن(3)
عبدالوهاب الضوراني
أدى الانقسام الذي نشأ فجأة في الشارع اليمني بين مؤيد للثورة ومعارض إلى حدوث انقسام آخر أيضا بين أوساط المواطنين خصوصا المتشددين من قبائل وبقايا أبواق وبطاريق النظام القديم الذي كان قد رحل وإلى الأبد الذين كانوا يطالبون بإسقاط حكومة السلال وعودة البدر من المنفى الذي أعلن نفسه إماما بعد وفاة أبيه الإمام أحمد وأطيح بنظامه في انقلاب عسكري على إثر توليه الخلافة بأيام فقط من نبأ وفاة الإمام أحمد المفاجئ والذي ظلت ملابساته طي الكتمان لعدة أيام لدواع أمنية , وتجدر الإشارة إلى أن ميلشيا منصر كانت تقوم تحت جنح الظلام ببعض التقطعات والاغتيالات وأعمال القنص والتخريب ضد القوات تحت جنح الظلام ببعض التقطعات والاغتيالات وأعمال القنص والتخريب ضد القوات الموالية لـ”الثورة” خصوصا القوات المصرية التي كانت مرابطة وقتذاك في مختلف المواقع والجبهات الوسطى والشرقية المتاخمة للحدود السعودية والذين كانوا يعتبرونهم مجوسا وعناصر تكفيرية جاءوا من أرض الفراعنة وبلاد النواصرة ويجب إبادتهم , كما كان يكمن من وراء حركة التمرد والعصيان التي أعلنها منصر وحلفاؤه من المرتزقة الذين يتلقون الأوامر والتعليمات من حكومة الرياض وهو التمرد الذي جاء متزامنا كما أسلفنا بعد الإعلان عن فشل مؤتمر خمر التصالحي بين اليمن والسعودية عدة أهداف استراتيجية ومؤامرات كانت في منتهى الخطورة لأن منصر كان يحمل معه مشروعا انقلابيا وانفصاليا ممولا ومدفوعاً من السعودية لاستهداف الثورة وإسقاط نظام السلال الذي كان وقتذاك رئيسا للجمهورية ومحاولة اغتياله أيضا عندما قام المدعو منصر بالتواطؤ مع حفنة من المليشيا والقبائل المرتزقة الذين يدينون بالطاعة للسعودية والبدر المخلوع بإحكام السيطرة على العاصمة صنعاء من عدة منافذ ومعابر إستراتيجية وتضييق الخناق على السكان وقطع الإمدادات والمؤن وكافة وسائل الإغاثة عنهم وذلك تمهيدا لسقوطها في أي لحظة في أيدي المتمردين الذين كان يطلق عليهم بالمفسدين والخارجين عن الشرعية والدستور من ناحية ولإرضاء أسيادهم أولياء النعم الفهود في السعودية الذين كانوا يراهنون دائما عليهم ويعتبرونهم جسرا ومحطة عبور لتحقيق أهدافهم وأطماعهم التوسعية في الأرض والسيادة اليمنية حتى يكون اليمن وأبناؤه دائما تحت رحمتهم وجزءاً من نفوذهم في المنطقة إلا أن أحلامهم وأوهامهم تبددت وذهبت كلها إدراج الرياح عندما باءت محاولة منصر كغيرها بالفشل ولم تحقق الأهداف التي كانت مرسومة لها على الوجه المطلوب عندما تم إخماد وإبادة جميع عناصرها ومن كان يتعاون ويقف معها في مستنقع التآمر والخيانة في الداخل ويعود الفضل في الهزيمة المنكرة التي مني بهام منصر وحلفاؤه أولاً وأخيراً لقواتنا المسلحة الأبطال ووقوف كافة أبناء الشعب وكل الشرفاء والوطنيين إلى جانبهم وإسنادهم للتصدي وإجهاض تلك المؤامرة القذرة وهي في مهدها والذين قاموا أيضا بمداهمة معاقل وأوكار المتمردين واكتساح تحصينا تهم التي كانت منتشرة في شمال الوطن وجنوبه كما قاموا أيضا باكتساح ومداهمة مقار وبؤر العناصر القبلية الموالية لها أيضا التي كانت متمركزة في طول الوطن وعرضه وإزالة كافة الحواجز والدشم ومظاهر التسلح الأخرى من الأرصفة والشوارع التي كانوا يتمترسون فيها واستئصال شأفتهم . ولا ننسى بالمناسبة الإشادة أيضا بالدور الإيجابي والرائع الذين قام به رجال المقاومة الشعبية ورموز النضال الوطني في جبهة التحرير بجنوب الوطن الذين حملوا بدورهم السلاح وكان لهم حضور ميداني وتعبوي مشرف في أرض المعركة ومختلف المواقع الأمامية الذين هبوا من كل مكان في جنوب الوطن للوقوف مع إخوانهم المجاهدين في شماله للدفاع عن الثورة ومكتسباتها وأهدافها الوطنية والتصدي لكل المؤامرات والدسائس التي كانت تراهن على إسقاط الثورة وتقويض النظام الجمهوري بين عشية وضحاها والتي كانت تقف وراءها دائما السعودية التي كانت لا تكف عن التهديد والتلويح بتصعيد المواجهة واستلال السيوف من أغمادها طورا بافتعال الأزمات وتأليب الصراعات بين قطاعات الشعب المختلفة وطورا آخر بضخ الأموال الطائلة لشراء ذمم وضمائر ضعاف النفوس من المشائخ والمرتزقة وقوى المعارضة في الداخل وتحريضهم للقيام بأكبر قدر من القلاقل وأعمال التخريب لتعكير وإقلاق السكينة العامة في الشارع اليمني الذي كان لا يزال يعاني في ذلك الوقت من حالة انقسام شديد بين موالٍ ومؤيد للثورة ومعارض ورافض الفكرة من حيث المبدأ من أساسها مما أدى إلى حدوث موجة من الإختلالات والاضطرابات وتعكير صفو الأمن العام في أرجاء البلاد ومحاصرة العاصمة صنعاء التي كانت على وشك السقوط في أي لحظة في أيدي المرتزقة والمتمردين وقطع الطريق أمام وسائل الإغاثة الإنسانية مما زاد الوضع سوءا والحصار تفاقما مما كان ينذر بوقوع كارثة إنسانية وشيكة نتيجة الحصار المطبق الذي استمر زهاء سبعين يوما على التوالي عاش خلالها سكان العاصمة أسوأ أيام حياتهم وتضوروا جوعا والذي كان للفريق المرحوم حسن حسين العمري الذي كان يتولى آنذاك وزارة الدفاع والتموين العسكري وعدد من ضباط وجنود القوات المسلحة البواسل الفضل والقرار الحسم في قمع التمرد والفتنة وفك الحصار واكتساح بؤر وأوكار المتمردين وبانتصار الثورة في ملحمة السبعين يوما من الحصار وقذائف النيران وانقطاع كل وسائل الإمدادات عن سكان العاصمة والذي كان انتصارا للشرعية أيضا وللرجال الأوفياء والمخلصين الذين سطروا بدمائهم الطاهرة التي روت تراب الوطن أنصع الصفحات المشرقة في تاريخ مسيرة النضال الوطني انطوت وللأبد أسوأ صفحة قاتمة في تاريخ اليمن القديم وفتحت صفحة أخرى ناصعة في تاريخه المعاصر وذلك بارتفاع علم الجمهورية العربية اليمنية خفاقا في سماء الوطن ليبدأ تاريخ اليمن الجمهوري والمعاصر في الـ 26 سبتمبر المجيد عام 62م والإعداد لمرحلة ما بعد الثورة وصياغة دستور البلاد الجديد وفقا للمبادئ والأهداف الوطنية التي قامت من أجلها الثورة والمستمدة أنظمته وقوانينه وتشريعاته من مبادئ الإسلام الحنيف وأحكام الشريعة وقد توج ذلك الانتصار العظيم بإقامة وتطبيع العديد من مبادئ الإسلام الحنيف وإحكام الشريعة وقد توج ذلك الانتصار العظيم بإقامة وتطبيع العديد من العلاقات الدبلوماسية والثنائية مع مختلف أقطار وبلدان العالم الشقيقة والصديقة التي أعلنت تضامنها واعترافها رسميا بالثورة والنظام الجمهوري الجديد في صنعاء.
وحول خلفيات ملابسات وفاة الإمام أحمد المفاجئة وتولي البدر مقاليد الخلافة بعده وموقف السعودية من فشل مؤتمر خمر التصالحي ومفارقاته وأصداء الزيارة التاريخية والمفاجئة التي قام بها عبدالناصر بعد الثورة لصنعاء وموقف الرياض منها وتولي الحمدي السلطة بعد الإرياني وملابسات جريمة اغتياله ومن كان يقف وراءها وحول ملابسات جريمة جامع الصالح والجهات المتورطة فيها وما كان يقف وراءها وحول ملابسات جريمة جامع الصالح والجهات المتورطة فيها وما كان يحويه مخطط ” الربيع العربي” وينطوي عليه من أجندة خارجية ومؤامرات كانت في منتهى الخطورة لاستهداف وإسقاط بعض الأنظمة غير المرغوب فيها في الوطن العربي والذي كان نظام صالح أحدها وفشل مداولات موفمبيك بين الإخوة أطراف النزاع السياسي والذي دخلت فيه حكومة الرياض كطرف في النزاع والمفاوضات وغيرها من القضايا والاحداث الأخرى الساخنة سنتناولها أولا بأول في حلقاتنا القادمة .