مذهب فيلبي من روزفلت إلى الحاج ترامب..

عادل عبدالاله العصار
رجل المخابرات البريطاني وصانع مملكة آل سعود جون فيلبي سن للغرب الاستعماري سنة حسنة عندما انتقل من فقه السياسة المحصور في الغرف المغلقة والاتفاقيات السرية إلى الفقه الديني والتدخل المباشر في الحياة العامة وتزييف وعي المجتمعات وحصر ثقافتها في إطار ضيق يمتزج فيه فقه الدين بفقه السياسة لدرجة تسخير الأول لخدمة الثاني..
مؤسس وباني أركان الديوان الملكي السعودي وصاحب فكرة بقرة الغرب -ارامكو- وراعيها الأول في الصحراء العربية القاحلة تحول فجأة من الفقه السياسي إلى الفقه الديني وما بين عشية وضحاها ولمدة لا تزيد عن أيام قليلة أصبح الحاج فيلبي مسلما ومؤهلا لاعتلاء منبر الحرم المكي الشريف وإلقاء خطبة عصماء في جموع المسلمين..
خطبة فيلبي التاريخية التي بدأها بتوضيح فضل آل سعود على الإسلام والمسلمين وختمها بالإفتاء بأحقيتهم في بسط نفوذهم السياسي والجغرافي والديني على كل الأراضي المقدسة والبقاع الطاهرة ومصادرة أحقية ومشروعية غيرهم في حكمها.. وحدد غيرهم بالاسم: أشراف مكة بشكل عام، حملت الكثير من المغالطات والكثير من الزيف الذي اجتهد من خلاله في تجميل آل سعود  سنة الحاج فيلبي المبنية على أساس تفضيله لآل سعود تحولت إلى مذهب غربي لكل الساسة والحكومات التي ظلت تعتنق المذهب (الجوفيلبي) وتستغله وتسير على نهجه منذ ما قبل طواف الحاج جون بالكعبة وحتى اليوم..
لكن ورغم أن الحاج كصفة دينية تلتصق بصاحبها مدى الحياة إلا أنها غادرت مهندس المملكة الوليدة من رحم وزارة المستعمرات البريطانية بعد الانتهاء من مهمته وعاد الجون الانجليزي إلى سابق عهده..
أسقط فيلبي عن نفسه صفته الدينية وعاد الحاج إلى مسيحيته لكن مذهبه الديسياسي لم يسقط وظل قائماً وازداد معتنقوه ومتبعوه ليشهد المذهب الجوفيلبي ظهور الكثير من المجددين والأئمة والدعاة والرعاة أشهرهم روزفلت الذي نقل مقر عاصمة الوصاية السياسية والاقتصادية والدينية على آل سعود من عاصمة العالم القديم لندن  إلى عاصمة العالم الجديد واشنطن..
وابتداء بالحاج روزفلت، مروراً بجون كنيدي ونيكسون وكارتر والبوشين الأول والثاني وانتهاء بالمرشد اوباما والحاج ترامب ازداد الاهتمام بمملكة الغرب الصحرواية وازدادت البقرة الحلوب -ارامكو- سمنةً وحليباَ وازدادت شهية الكاوبواي ونهمه اللامحدود..
وبمجيء الحاج ترامب تزايدت أطماع عاصمة الوصاية والحماية وصانعة الحروب في كل العالم وأصبحت أكثر شفافية..
إلى مملكة التطرف والشذوذ القومي والسياسي حضر ترامب ومعه حضرت كل سياسات الهيمنة والسيطرة والاستحواذ..
ورغم انه لم يلبث طويلا إلا أن ما قضاه من وقت كان كافيا ليغادر تاركا خلفه رياض الصحراء وبقرتها الحلوب غارقة في محيطات من الذل والهوان يتجرعها المواطن العربي في نجد والحجاز  ويفاخر بها العملاء وأذناب الغرب في الخليج ويعتبرونه اكبر انجازاتهم عبر التاريخ..