النفوذ “العكسي”
حمدي دوبلة
كشف العدوان السعودي على اليمن حقائق عديدة ما كانت أبدا في الحسبان وخاصة في ما يتعلق بالنفوذ الطاغي لمملكة أسرة سعود على المستوى العالمي.
اعتقدنا لزمن طويل والى ما قبل هبوب عاصفة الحقد الأسود القادمة من صحراء نجد والحجاز بان ما كان يُعرف باللوبي الصهيوني وجماعات الضغط الماسونية في بلاد الغرب هي الكيانات الأكثر تأثيرا وفاعلية في صناعة القرار السياسي الدولي وان ضعف وتوهان وضياع القضايا العربية إنما كانت نتيجة لممارسات وابتزازات تلك الكيانات النافذة ماليا وإعلاميا وسياسيا في بلدان أمريكا وأوروبا ودوائر إنتاج القرارات فيها.
فنّد هذا العدوان الغاشم على اليمن وشعبه العربي المسلم كل ما كان سائدا في عقول الناس عن خوارق ومعجزات اللوبيات الصهيونية واثبت وبما لا يدع مجالا للشك والحيرة بأن نفوذ المال السعودي يفوق في قدراته وتأثيراته كل الكيانات واللوبيات الصهيونية حول العالم وانه استطاع وخلال فترة وجيزة من الزمن أن يشتري العالم وضمير الإنسانية جمعاء إلا ما رحم الله وان يجعل من كل المتشدقين بحقوق الإنسان والقيم الحضارية والإنسانية والذين أصموّا آذاننا لعقود مجرد دمى لا ترى ولا تسمع ولا تتكلم ولا تبدي رأياً أو موقفا إزاء الجرائم المروعة والانتهاكات الجسيمة التي تقترفها آلة القتل السعودية وحلفائها منذ أكثر من عامين بحق الأبرياء من أبناء الشعب اليمني ومقومات الحياة الآدمية.
لقد تمكن نفوذ مال أسرة سعود وهو ما لم يحققه اللوبي الصهيوني منذ ظهوره من أن يجعل من المجتمع الدولي ومؤسساته الكبرى وفي مقدمتها الأمم المتحدة وهيئاتها المختلفة ألعوبة في يدي حفنة من أمراء النفط ورهينة لنزواتهم ورغباتهم المريضة في إراقة الدماء وتخريب كل ما ينبض بالحياة لا لشيء إلا علوّاً واستكبارا وتجبّرا في الأرض بغير الحق.. وإذا بهذه المؤسسات الكبرى ذات التوجهات الإنسانية تتغاضى علانية عن القيام بواجباتها الأخلاقية بل وتصدر قرارات وتلغي أخرى وفقا لأهواء وطموحات نفر من المراهقين الأثرياء في الخليج والذين باتوا يعبثون بالإنسانية ومبادئها دون زاجرٍ أو حسيب.
ويبقى السؤال الهام الذي بات يدور في عقل كل عربي ومسلم شريف ماذا لو تم استغلال جزء من هذا النفوذ العربي الطاغي في خدمة قضايا الأمة العربية والإسلامية؟ ولماذا لا يستخدم الأعراب أسباب القوة التي منحهم إياها الخالق العظيم لصالح دينهم الحنيف وفي خدمة قضايا المسلمين ونصرة حقوقهم الضائعة والمستباحة في مشارق الأرض ومغاربها ولماذا لم نرَ مثل هذا النفوذ إلا عندما تم توجيهه عكسياً إلى نحور العرب والمسلمين؟.