غلطة واحدة قد تنسف كل شيء
د. احمد حسين الديلمي
هناك قصة تُحكى عن رجل قُدر ان يؤدي فريضة الحج هو وزوجته, ولان دخله محدود, فقد بدأ بتوفير المال لأجل ذلك, وبالفعل على مدى عامين والرجل يقوم بالتوفير الذي كان على حساب معيشته ومعيشة أفراد أسرته التي تحملت ضيق العيش والتقشف من أجلها لمدة عامين, وعندما اكتملت مصاريف الرحلة وإجراءات السفر, سافر الرجل وزوجته قاصدين بيت الله لأداء الفريضة وهما في قمة السعادة والفرحة, لكن وياللأسف في يوم الحج الأكبر ارتكبا غلطة كبيرة كانت كفيلة ببطلان الحج بأكمله, فوجدا نفسيهما غارقين في بحر الندم, فلقد ضاع الحج وذهبت الأموال سدى, وعامان من تحمل وصبر الأسرة ذهبت مع الريح…
الشعب اليمني الأصيل وعلى مدى أكثر من عامين صامد صمود الجبال, تحمل وما زال يتحمل بصبر وثبات عدوان ظالم وحصار جائر وتآمر دولي وقصف وحشي, هذا الشعب الأبي مازال يقدم التضحيات الجسيمة يوماً بعد يوم, ومع ذلك لم يستطع تحالف الشر بزعامة بني سعود أن يحقق أي من أهدافه, مع انه قد استخدم كل الوسائل, فلقد فشل عسكرياً رغم استخدامه أحدث وأفتك الأسلحة, حتى وصل الأمر إلى استخدام المحرمة منها, وفشل سياسياً على الرغم من الأموال الطائلة التي يدفعها لشراء المنظمات الدولية وحقوق الإنسان وصمت العالم, وكذلك اقتصادياً رغم الحصار وسياسة التجويع والاستيلاء على مرتبات الموظفين, ليس هذا فحسب بل عجز عن الدفاع عن أراضيه وحماية جنوده ومرتزقته من قنص رجال الرجال, وكذا قواعده العسكرية من صواريخ تم تطويرها محلياً, وإبطالنا من الجيش واللجان الشعبية قد صنعوا أسطورة انتصارات ليس لها مثيل في التاريخ, وكل هذا تم تحقيقه بفضل من الله أولا, ثم بثبات شعب الحكمة والإيمان وبسالة رجال الرجال من الجيش واللجان الشعبية, وكلنا نعلم أن هذا الصمود والثبات والانتصار وفشل العدوان يرتكز أساسا على التحالف القائم بين القطبين العملاقين أنصار الله والمؤتمر الشعبي العام, والشعب كله يعتمد على الله أولاً ثم على هذا التحالف بين القطبين.
كل ما نخشاه هو أن يسمح كل منهما لأي خلاف ينشأ بينهما سواء علني أو سري, لأن معناه تقديم النصر لبني سعود في طبق من ذهب, عجزت أسلحته وأمواله وإعلامه ومرتزقته أن تحقق حرفاً واحداً منه, ومما لا شك فيه أن تحالف العدوان بزعامة بني سعود يسعى ويبذل كل جهد مهما كلفه الأمر من أجل الوقيعة بين أنصار الله والمؤتمر الشعبي العام بعد أن فشلت كل الوسائل التي استخدمتها.
من أجل ذلك نناشد العقلاء والحكماء والوطنيين والحريصين على الشعب والوطن من أنصار الله والمؤتمر الشعبي العام أن لا يسمحا لأي كان بعمل فتنة وخلاف بينهما, ويجب أن يعلم الطرفان أن دماء الشهداء والأبرياء وأنين الجرحى والمشردين ودموع الأمهات والأرامل وصبر شعب بأكمله أغلى وأسمي وأرفع من أي خلاف, نتمنى أن لا يحدث لنا ما حدث في قصة الرجل وزوجته, ثقتنا بالله أولاً ثم في القيادة الحكيمة لأنصار الله والمؤتمر الشعبي العام أن لا يسمحوا إطلاقا بأي خلاف بينهم ينسف كل شي, لأن الوطن أمانة في أعناقهم, ولا يمكن لهما بأي حال من الأحوال التفريط فيه.
آخر همسة :
شهر رمضان على الأبواب وليس أمام المجلس السياسي الأعلى وحكومة الإنقاذ الوطني سوى خيارين, الأول سرعة صرف المرتبات حتى نستطيع التفرغ للصيام والعبادة والدعاء, أما الخيار الآخر هو أن يتم تأجيل شهر رمضان والعيد إلى حين ميسرة.