أمريكا تقود العالم إلى الغيّ والضلال

محمد أحمد الحاكم

بالقدر الذي تم توقعه وتقدير نتائجه بعد قراءة مجمل الأحداث والإرهاصات التي سجلتها الأيام الماضية, وفق ما تم الترويج له من قبل قوى العدوان ومرتزقتهم من صور وأحداث عبرت في مجملها عن وجود خلافات عميقة بين أبرز ركائز دعم العدوان على اليمن , الممثلة في دول الأمارات والسعودية , وأن ذاك الخلاف قد أنعكس بدوره بين الفصائل التي تتبع كل طرف من أطراف تلك الدول …!! أتت أحداث الرابع من مايو 2017م لتؤكد لنا مجدداً تتطابق تلك التوقعات شكلاً ومضموناً مع ما جرى في هذا التاريخ .
لربما سأسهب قليلاً في الشرح والتحليل والمقارنة , الذي قد يشرد القارئ قليلاً عن مسارات التركيز والانتباه , لكن واحدية الرؤية وانسجامها تحتم عليَّ إيصالها وفق تلك الصيغة وذلك الأسلوب .
من خلال قراءة بيان ما سمي بــ ” بيان عدن التاريخي ” يمكننا الغوص بين ثنايا أسطره لنستشف منه بعض الحقائق والتي منها ما تماثل مع ما كنت قد ذهبت إليه مسبقاً في بعض مقالاتي , ومنها ما لم أتطرق إليه , وعلى ذلك ابدأ في سرد ما كان متماثلاً والذي سيكون في ما يلي :-
أولاً ….تم تصوير الوضع السياسي والاقتصادي والاجتماعي خلال الفترة الماضية بالمتأزم نتيجة ما تم الترويج له من وجود تضارب في المبادئ والأفكار والتوجهات التي تبنتها مختلف الفصائل الجنوبية فيما بينها البين , خاصة بين ما أسمي بالحراك الجنوبي السلمي المدعوم من قبل الإمارات , وبين ما سمي بالمقاومة الجنوبية الموالية للشرعية المزعومة للرئيس المخلوع هادي , والمدعومة بدورها من قبل السعودية , خلاف تم تقديره بالهزلي المعبر عن مسرحية تراجيدية سقيمة النهاية , مسرحية لن تفضي إلى صراع مسلح حقيقي مشابه لأحداث يناير 86م عند أقصى الدرجات , أو أن تصل إلى مستوى افتعال مواجهات محدودة في أدنى الدرجات , وما أكد على صحة توقعاتي هو قراءة ما جاء في بيان تظاهرة اليوم بالقول ” إن الحقائق الواقعة على الأرض أثبتت عمق متانة الشراكة بين المقاومة الجنوبية والحراك الجنوبي وقوات التحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة ممهورة بالدم المشترك والتضحيات المستمرة ” .
ثانياً ….تم التوقع على أن الأهداف الحقيقية من وراء هذه التظاهرة أنما هو من أجل تحقيق ما يلي :-
1- إخراج المخلوع ” هادي ” من الواجهة السياسية باعتباره شخصية فقدت شرعيتها الوطنية , وما يؤكد ذلك هو ما جاء في البند الثاني من هذا البيان بقوله ” تفويض القائد عيدروس قاسم الزُبيدي بإعلان قيادة سياسية وطنية (برئاسته) لإدارة وتمثيل الجنوب ..” .
2- رسم إستراتيجية عدوانية جديدة تتمثل في تحوير نمط الصراع السياسي والعسكري من صراع وتدخل دولي مباشر في الشؤون اليمنية إلى صراع داخلي شمالي – جنوبي متصف بالمناطقية والجهوية بهدف إضعاف الجبهتين اليمنيتين الشمالية والجنوبية والتفرغ بتشكيل يريح قوى العدوان من استنفاد موارد البلاد الاقتصادية المترامية الأطراف , على أن يكون هذا الصراع على غرار ما حدث في السبعينيات من حروب بين الشطرين اليمنيين في المناطق الوسطى , وقد أكد هذا البيان الرغبة الخليجية التامة في تنفيذ هذه الآمال والتطلعات , والتي يمكن قراءتها بين سطور البند الرابع من هذا البيان بقوله ” إن الحقائق الواقعة على الأرض أثبتت عمق متانة الشراكة بين المقاومة الجنوبية والحراك الجنوبي وقوات التحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة ممهورة بالدم المشترك والتضحيات المستمرة وصولاً للارتقاء بهذه الشراكة الاستراتيجية لإنجاز الأهداف المشتركة للتحالف العربي لصد خطر المد الإيراني التوسعي.. ومكافحة الإرهاب وضمان أمن واستقرار المنطقة واستعادة شعب الجنوب لسيادته على أرضه كعامل حاسم لأمن المنطقة “.
أما ما لم يتماثل مع توقعاتي فأنه على الرغم من أن هذه التظاهرة قد سبقتها إرهاصات مختلفة أوحت للكثيرين مستوى وعظمة ما تحركوا من أجله من رفع مظلوميتهم المزعومة , في إطار دعوات مناطقية تجزيئية للحمة اليمنية الواحدة , وعلى الرغم أن بيان هذه التظاهرة يوحي في ظاهرها بقدرتهم على امتلاك الإرادة الذاتية المستقلة التي تمكنتهم من تحقيق كل الآمال والتطلعات التي حلموا بها عقوداً من الزمن , إلا أن الحقيقة أكدت مستوى تبعيتهم العمياء لقيادات قوى العدوان ممن سلبوهم الإرادة والحرية والاستقلال التي أكدت عجزهم حتى من أبسط الأمور وهي صياغة وكتابة بيانهم الوهمي , وما يعزز تلك الرؤية أوجزه في ما يلي :-
1- إن هذا البيان تم صياغته من قبل قوى العدوان من خلال القول ..” إن قضية شعب الجنوب العربي قضية عادلة وتمتلك المشروعية القانونية والسياسية ومعترف بها عربياً ودولياً واقليمياً..” فقد أرادت قوى العدوان من هذه الصيغة أن تضفي الشرعية الدولية عليه بصورة تمكنها من تحقيق مصالحها في أسرع وقت ممكن , رغم معرفتهم بتجاوز كل الأعراف والقوانين الدولية المنظمة لمثل هذه الحالات التي لا تأتي إلا بعد فترة من الزمن ووفق ظروف محدودة .
2- أرادت قوى العدوان أن تثبت لقيادات الجنوب عدم قدرتهم على تحقيق آمالهم وتطلعاتهم لولا تدخلهم ومساعدتهم في ذلك , فجاءت صيغ … ” إن عاصفة الحزم والأمل قد شكّلت منعطفاً جديداً في تاريخ المنطقة وخلقت واقع إيجابي في أرض الجنوب كنتاج للمساهمة الفاعلة للمقاومة الجنوبية بكل أطيافها بتحقيق النصر العظيم بمساندة ودعم دول التحالف العربي في تحرير مناطق الجنوب ” بالإضافة إلى ” إن الحقائق الواقعة على الأرض أثبتت عمق متانة الشراكة بين المقاومة الجنوبية والحراك الجنوبي وقوات التحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة ممهورة بالدم المشترك والتضحيات المستمرة ” لتؤكد تلك الغاية التي لا مناص للقيادات الجنوبية إلا الاعتراف والقبول بها , رغم سعة الهوة التناقضية الفكرية فيما بين الأطراف .
قادم الأيام ستكون حبلى بالأحداث والمتغيرات.

قد يعجبك ايضا