العدالة الانتقالية ضرورية للدول التي حدثت فيها انتهاكات حقوقية

صنعاء/سبأ –
قال وزير الخارجية الموريتاني الأسبق¡ والخبير الدولي في مجال الفقه الدستوري¡ الدكتور¡ محمد الحسن ولد لبات¡ إن إنفاذ العدالة الانتقالية مسألة جوهرية في الدول التي تمت فيها انتهاكات لحقوق الإنسان¡ وأقر بعدم تفضيله التقاضي وهو أحد الوسائل الثلاث في إنفاذ العدالة الانتقالية¡ واللجوء عوضا◌ٍ عن ذلك إلى المصالحة والعفو باعتبارهما الطريق الأمثل.
جاء ذلك في سياق المداخلة الرئيسية للوزير الأسبق ولد لبات¡ في ندوة: المتطلبات الأساسية لإقامة ديمقراطية وصياغة دستور¡ التي نظمها أمس بصنعاء¡ بالتعاون والتنسيق مع تيار الوعي المدني وسيادة القانون (توق)¡ بحضور عدد من الشخصيات السياسية¡ وأعضاء مؤتمر الحوار الوطني الشامل¡ والمنشغلين بقضايا التحول الديمقراطي من داخل اليمن وخارجه¡ وعدد من السفراء¡ والممثلين المقيمين لمنظمات أممية.
وفيما يتعلق بالفترة التي يتم اعتمادها لتنفيذ العدالة الانتقالية¡ رأى الوزير ولد لبات¡ أن يكون معيار اختيار الفترة الزمنية بما يتفق مع حجم الانتهاكات التي ارتكبت¡ وعبر في الوقت ذاته عن الاعتقاد بجدوى المرونة في تطبيق معايير الانتقالية¡ مستشهدا◌ٍ بالنماذج الناجحة للعدالة الانتقالية وفي المقدمة منها تلك التي شهدتها جمهورية جنوب إفريقيا.
وفي سياق عرضه للمعايير التي يجب توفرها في اللجنة التي سي◌ْعهد إليها كتابة الدستور¡ رأى الوزير الموريتاني والخبير الدولي في الفقه الدستوري¡ وأستاذ القانون بجامعة تولوز الفرنسية¡ أهمية توفر جملة من المعايير الضرورية لاختيار أعضاء لجنة صياغة الدستور¡ أهمها: أن تكون قليلة العدد¡ وأن تتشكل من الخبراء القانونيين وأن لا يكون فيها سياسيون¡ وأن يحدد لها زمن محدد للإنجاز¡ وأن يستعان بخبرات دولية منتقاة على أساس الكفاءة والصداقة والأخوة.
وشدد في الوقت نفسه على أهمية أن تتوفر في أعضاء لجنة كتابة الدستور الدراية والخبرة والاستقامة والأمانة والاستقلال التام¡ وأن لا يتعهد أعضاؤها بعدم الترشح إلى أي منصب انتخابي¡ في أول دورة انتخابية بعد اعتماد الدستوري والاستفتاء عليه من قبل الشعب.
واعتبر الوزير لبات أن مسألة صياغة الدستور عملية تقنية تستند إلى جملة من الموجهات التي يقرها مؤتمر الحوار الوطني¡ لكنه أكد ضرورة أن تتوفر للجنة الدستورية هامشا◌ٍ خاصا◌ٍ تستطيع من خلاله وضع الصيغ والتقليل من حدة بعض الأفكار والتوجهات¡ وأن تتوفر في اللجنة إرادة الاتفاق.
وعرض الوزير ولد لبات ما أسماها الدرر العشر¡ بصفتها قواعد أساسية يجب الأخذ بها عند صياغة أي دستور¡ وتشمل هذه القواعد: تحديد طبيعة شكل الدولة¡ وتحديد طبيعة نظامها السياسي¡ والتوازن بين السلطات وتوزيعها على أساس عقلاني ومدروس¡ وتوفر هيئة تتولى الرقابة على مطابقة القوانين مع الدستور¡ والتحديد الواضح لحقل الحريات العامة¡ والتمييز في بعض هذه الحريات كالتركيز على المرأة وعدم الإقصاء¡ والعدالة الانتقالية من خلال معالجتها بنصوص نهائية¡ والتناوب على السلطة¡ وسلامة حرية الانتخابات من خلال معالجتها قانونيا◌ٍ¡ وأخيرا◌ٍ الدور الأممي أو الكوني ممثلة بالسياسة الخارجية ورسالة الدولة للعالم الخارجي.
وقد أعقب تقديم المداخلة الرئيسية في الندوة¡ مداخلات ومناقشات وإبداء الملاحظات من قبل المشاركين في الندوة¡ عكست حجم اهتمام اليمنيين بهذا الجانب الهام من عملية التحول الديمقراطي والمتصلة بترسيخ قواعد الديمقراطية وصياغة دستور يعبر عن آمال وتطلعات الشعب¡ وينتهي به عهد◌َ طويل من الاضطرابات والأزمات.
وكان القيادي في تيار الوعي المدني وسيادة القانون(توق) عبدالغني الإرياني¡ قد ألقى كلمة ترحيبية باسم التيار بالمحاضر¡ وبالمشاركين في الندوة¡ وعبر عن اعتزاز التيار بالشراكة القائمة مع المشروع الفرنسي لدعم الدستور.. مشيرا◌ٍ إلى أن هذه الندوة تتصل بسلسلة من الندوات التي أقامها التيار في إطار انشغاله بعملية التحول الديمقراطي في اليمن.
ولفت في كلمته إلى رؤى الأحزاب المقدمة إلى مؤتمر الحوار الوطني¡ حول شكل الدولة¡ والتي وصفها بالمقلقة.. وقال الإرياني: إن تلك الرؤى تركز إعادة توزيع السلطة بين أطراف منتفعة¡ ولا تركز على الترتيبات الضرورية لمنع إعادة التسلط.
من جانبه ألقى الخبير في المشروع الفرنسي لدعم الدستور في اليمن¡ فرانسوا فريزون عن سعادة بانعقاد الندوة¡ وأشاد بصاحب المداخلة الرئيسة فيها.

قد يعجبك ايضا