ما وراء إصرار تحالف العدوان على احتلال الموانئ والجُزر اليمنية

مبارك حزام العسالي

نؤكد دائماً على أن ما يحصل في اليمن ودول عربية أخرى هي مؤامرة أمريكية إسرائيلية وحرب إقليمية والمستفيد الأول من عدم الاستقرار في المنطقة هو الولايات المتحدة الأمريكية وربيبتها إسرائيل ، التي تحاول تصفية قدرات دول الشرق الأوسط من خلال ضرب بعضها ببعض والتلاعب بأمنها واستقرارها والتوازنات العرقية والدينية والمذهبية داخلها لخدمة مشاريع أمريكية إسرائيلية على حساب أمن وسلامة تلك الدول والشعوب والأمن والاستقرار الإقليمي، فالعـدوان السعودي الأمريكي على اليمن لم تكن غايته ومبتغاه إلا تمكين القوات الأَمريكية من احتلال اليمن وبالذات الموانئ والممرات البحرية شديدة الأهمية كـ باب المندب وجزيرة سقطرى وميناء عدن والمكلا وبقية المنافذ البحرية في المياه الإقليمية اليمنية، فمنذ الساعة الأولى للعـدوان على اليمن في الـ26 من مارس 2015م، أصدر البيت الأبيض بياناً، أوضح فيه أن واشنطن ستقدم الدعم اللوجيستي لتحالف العدوان على الـيمن، ووضعت الولايات المتحدة الأَمريكية نفسها في مواجهة الشعـب اليمني، وأعلنت بشكل رسمي اشتراكها في العـدوان على الـيمن، وجاءت بعدها تصريحات وزير الخارجية الأَمريكي “جون كيري” مؤخراً لتكشف طبيعة دور الإدارة الأَمريكية في تأييد العدوان، ودعمها له ومشاركتهم المباشرة فيه، بما لا يدع مجالاً للشك أن الولايات المتحدة الأمريكية هي المحرك الرئيسي للعدوان على الـيـمـن، وبما يجعلها تتحمل كافة التبعات القانونية والإنسانية والأخلاقية جراء ذلك وتبني المشاركة رسمياً في العـدوان على الـيـمـن ، واعتبارها مسئولةً جنائياً عن كل الضحايا والأضرار الناتجة عن أعمال القصف والقتل والحصار وارتكاب جرائم حرب ومجازر إبادة بحق الشـعب الـيـمـني ، بات دور أمريكا جلياً في الترتيب والإعداد والتخطيط للعـدوان على الـيمن ، ومن ثم المشاركة معه وتقديم الدعم العسكري واللوجيستي والإشراف على غرف عملياته، ناهيك عن الدور السياسي المُتمثِّل في إيجاد المبررات وتسويقها، والتغطية على كل الجرائم المرتكبة بحق أَبنـاء الشـعـب الـيـمـني، وما قامت به الولايات المتحدة الأَمريكية بإرسال قوات لاحتلال المحافظات الجنوبية للـيـمـن عبر بوابة دول تحالف العدوان، يُعتبر وفق مراقبين قطف ثمار عـدوان أدواتها الخليجية والمحلية، في مسار ركّز على احتلال الجُزر واستمر إلـى احتلال السواحل والمناطق الساحلية، وما يحدث في المخا وما يدور حول نية العدوان احتلال ميناء الحديدة إلا خير دليل على ذلك ، فالموانئ والجُزر اليمنية تعتبر عمقاً استراتيجياً لحماية قوات الاحتلال الأمريكي المتواجدة في الموانئ اليمنية، كميناء عدن وميناء بئر علي في شبوة، وأيضاً المتواجدة في خليج عدن وباب المندب والمياه الإقليمية اليمنية.
ونركز اليوم في هذا المقال على “جزيرة سُقطرى” البوابة الجنوبية لمضيق باب المندب، والممر المائي الحاكم الذي يربط دول المحيط الهندي بالعالم، والتي تُعد أكبر الجُزر اليمنية، حيث تبلغ مساحتها أكثر من 3600كم، بطول 125 كم، وعرض 42 كم، وهي أرخبيل مكون من 4 جُزر، الجزيرة الرئيسية وثلاث بجانبها، وتأخذ أهميتها الاقتصادية والعسكرية والسياحية في آنٍ واحد، كونها تقع بالقرب من نفط الخليج وثروات أفريقيا وطريق التجارة العالمية ، وتمتلك طبيعة ساحرة قل نظيرها في العالم، حيث تقع على المحيط الهندي وقبالة سواحل القرن الأفريقي وبالقرب من خليج عدن، على بُعد 350 كم جنـوب شبه الجزيرة العربية، ويبلغ عدد سكان الجزيرة حسب التعداد السُكاني لعام 2004م، 135،020 ألف نسمة، وهم مواطنون يمنيون، يتبعون الـيـمـن ، كانت جزء من الدولة الحميرية الـيـمـنية عام 320م في الربع الرابع الميلادي، فيما تعود الحياة فيها إلى العصر الحجري، قبل أن تسكن الجمال الصحراء العربية التي أقام فيها بني سعود وزايد من الخيام إمبراطوريات تابعة للغرب بدعم بريطاني استثمر تواجدهم على حقول نفط غنية.
وأرخبيل سقطرى هامة جداً في المعادلة العسكرية والتجارية العالمية ، حيث يقع على مفترق طرق من الممرات المائية البحرية الاستراتيجية للبحر الأحمر وخليج عدن، موقع الجزيرة وَالأرخبيل التابع لها، وذلك ما جعلها محل أطماع القوى الإستكبارية وعلى رأسها أمريكا ، وتسعى واشنطن منذ مطلع القرن الواحد والعشرين لاحتلالها وإنشاء قاعدة عسكرية فيها، فقد كشفت صحف غربية في يوليو 2014م، عن رغبة وتحـرك الإدارة الأمريكية لاحتلال جزيرة سقطرى، مسخِّرة نفوذها على حكومة الوفاق “حينها” وسلطة عبدربه منصور هادي، الذي تمخض بتوقيع اتفاقية تسمح لقوات الاحتلال الخليجي الأَمريكي، باستخدام جزيرة سقطرى وأرخبيلها، وعمل إنشاءات عسكرية للقوات الأَمريكية، ونقل سجن “غوانتنامو” إلى جزيرة سقطرى، وما يدّعونه بنقل سجن هو في الحقيقة بناء قاعدة عسكرية أمريكية، لما لهذه الجزيرة من أهمية استراتيجية، قد لا يدركها المواطن العادي، لكن القوى الاستعمارية تُدركها جيداً، وتقوم بعمل حثيث على استعمارها، وجنَّدت أَمريكا دولة الإمارات للقيام بهذا الدور، ليسهل على الولايات المتحدة الأمريكية، من خلال ذلك، القيام بعسكرة ومراقبة الطرق البحرية الرئيسية، الذي يصل هذا الممر المائي الاستراتيجي بين البحر المتوسط وجنوب آسيا والشرق الأقصى، عبر قناة السويس والبحر الأحمر وخليج عدن، وهو طريق عبور رئيسي لناقلات النفط.
في هذا السياق، وفي مؤشر على تبني الأَنظمة الخليجية المخططات الأميركية والإسرائيلية في الـيـمـن ، رفعت الإمارات وتيرة حضورها العسكري بالوكالة في الـيـمـن ، حيث كشفت وسائل إعلام إماراتية “في وقت سابق” فحوى اتفاق ابرمته العائلات الحاكمة في الإمارات، مع “الرئيس المنتهية ولايته” عبدربه منصور هادي، قالت بأنه منح الحكومة الإماراتية سيادة كاملة على الجزيرة لمدة 99 سنة، وسط اتهامات وُجهت إلى السلطات الإماراتية بالشروع في وضع أسس لبناء قاعدة عسكرية أميركية.
حيث قامت سفينة إماراتية بتأريخ 08 /05 /2016م، بإفراغ شحنة عسكرية هي الثانية، وتضمنت 88 آلية عسكرية، مع الذخائر، بعد أن كانت وصلت قبلها بيومين 80 عربة لنقل الجند، يرافقها فريق خبراء عسكريين إماراتيين وأَمريكيين، حسب وسائل إعلام محلية ودولية، بذريعة أن هذه القوات ستتولى حماية شركات تعتزم تنفيذ مشاريع استثمارية في سقطرى.
mubarak4hezam@gmail.com

قد يعجبك ايضا