*بعد مرور عامين من العدوان والقتل والتدمير والحصار الجائر:
تحقيق / ماجد السياغي
أسفرت همجية العدوان السعودي الأمريكي على اليمن بعد مرور عامين عن ميلاد واقع جديد يجمع بين السبب والنتيجة فثلاثية القتل والتدمير والحصار الجائر أوجدت ثلاثية الثبات والصمود والتضحية أسقطت بدورها مخططات العدو ورهاناته . هذه المعطيات مجتمعة او منفردة والتي تشترك فيها محافظة ذمار مع سائر محافظات الجمهورية بها ومن خلالها سيتوج النصر الذي تصيغه دماء الشهداء وأنات الجرحى وصمود الملايين الأحرار ونضالهم المشترك …
* عامان رحلا ولازالت الحرب التي يقودها تحالف العدوان السعودي الامريكي على اليمن مستمرة تعد الأكثر بشاعة في التاريخ المعاصر قتلاً وتدميراً وحصارا جائرا ، جرائم تتجاوز العقل وعالم المقاييس والكمية يمد من طغيانها أموالاً طائلة يشتري بها أصحابها آلة الموت المتكئة على التقنية والمعلومة والترسانة العسكرية وأساطيل من الوسائل الإعلامية لصناعة التضليل وتدجينه في العقل كما هي في العواطف والمخيلة ، على مرمى ومسمع مجتمع دولي أدار ظهره للشعب اليمني واكتفى بالصمت .
أكثر من 12الف شهيد و 20 الف جريح
* اغتيال وداعة الطفل وظرف الشباب وحكمة الكهل كان حاضراً منذ بداية العدوان الكوني على اليمن طال الآمنين في البيوت والأطفال في المدارس والمرضى في المستشفيات والمعزين في الصالات والفرحين في الأعراس والباعة والمشترين في الاسواق والمارة في الطرقات .
حيث أوضح المركز القانوني للحقوق والتنمية في تقرير صادر عنه أن 700 يوم من العدوان على اليمن نتج عنه استشهاد 12 ألفا و41 مواطنا كحصيلة أولية بينهم ألفان و568 طفلا و ألف و870 امرأة. وتسبب في إصابة ما لا يقل عن 20 ألف مواطن بينهم ألفان و354 طفلا وألف و960 امرأة .
تدمير المنشآت العامة والخاصة
* البنى الإرتكازية ومكتسبات الوطن لم تسلم من الاستهداف الممنهج والمنتظم في كافة القطاعات وعلى مختلف المستويات في إطار حرب العدوان الشاملة على اليمن ارضاً وشعباً ومقدرات . ولم يكتف بهذا وحسب بل امتدت أهدافه المسعورة الى منازل المواطنين وممتلكاتهم الخاصة ، فقد أكد التقرير المشار اليه آنفاً أن القصف المباشر لتحالف العدوان خلال 700 استهدف 15 مطارا و14 ميناء و ألفا و520 ما بين طريق وجسر و281 خزانا وشبكة مياه و160 محطة كهرباء ومولدات و332 شبكة اتصالات و757 مركزا ومدرسة تعليمية، وتوقف خمسة آلاف مدرسة، كما تم قصف 270 مستشفى ومرفقا صحيا و25 مؤسسة إعلامية.
ووفقا للتقرير فإن تحالف العدوان استهدف خلال 700 يوم 207 مزارع دواجن وألفا و565 حقلا زراعيا و206 معالم أثرية و220 منشأة سياحية و103 ملاعب ومنشآت رياضية .
وبين التقرير أن تحالف العدوان استهدف الوحدات الإنتاجية منها ألف و616 منشأة حكومية، و660 مخزن أغذية و502 ناقلة مواد غذائية و535 سوقا ومجمعا تجاريا و313 محطة وقود سيارات و233 ناقلة وقود و271 مصنعا وألفان و517 وسيلة نقل.
اما منازل المواطنين التي استهدفها طيران العدوان فقد بلغت بحسب التقرير أكثر من 402 ألف و76 منزلا ناهيك عن تدمير 706 من المساجد .
تداعيات الحصار ومآلات الوضع الإنساني
* ذكر تقرير حديث صادر عن وزارة التخطيط اليمنية، أن 32% من الأسر التي يعتمد دخلها على المرتب الحكومي حوالى 1.25 مليون موظف حكومي يعانون ظروفا معيشية واقتصادية صعبة في ظل تأخر صرف المرتبات كأحد تداعيات الحصار .
وفي هذا السياق أعلنت المفوضية العليا لشؤون اللاجئين والمنظمة الدولية للهجرة في شهر اغسطس من العام المنصرم ان عدد النازحين بلغ 3 ملايين و154 الفاً و572 نازحا باتوا يعيشون خارج منازلهم ويفتقرون لابسط مقومات وسبل العيش الكريم ، ومع استمرار العدوان والحصار الجائر تفاقم الوضع الإنساني بشكلٍ غير خطي فأكثر من 21 مليون شخص اي ما نسبته 80% من اجمالي السكان بحاجة الى المساعدات الانسانية بحسب ما أعلنه منسق الامم المتحدة للشؤون الانسانية في اليمن في مطلع نوفمبر الماضي.
الى ذلك أعلن الممثل المقيم للأمم المتحدة ومنسق الشؤون الإنسانية في اليمن جيمي ماك جولدريك مؤخراً أن 32 % فقط من احتياجات السكان الغذائية هو ما يصل, لافتاً إلى أن هذا النقص ناجم عن الهجمات الجوية على ميناء الحديدة وتضرر الرافعات. وأشار إلى أن 8 ملايين يمني فقدوا وظائفهم وأصبحوا عاطلين عن العمل وتوقفت أعمالهم .
في ذمار
* ثلاثية العدوان في القتل والتدمير والحصار الجائر لا تختلف كثيراً في محافظة ذمار عن سائر محافظات الجمهورية ، طالت العزل والآمنين من الأطفال والنساء وكبار السن ، وإمعان على تدمير مقدرات ومكتسبات الوطن مبانٍ حكومية لطالما انتفع الكثير من خدماتها ومؤسسات تعليمية احتضنت طموح النشء والشباب لبناء غدٍ واعد والكثير من المؤسسات العامة ذات الطابع المدني والإيرادي كانت في دائرة أهداف العدو .اما تداعيات الحصار فقد امتدت الى كل مقومات الحياة وسبل العيش والاحتياجات وخاصة ذات الطابع الطبي والعلاجي والزراعي.
162 شهيدا وأكثر من 252 جريحا
* يقول الأخ عبدالرحمن القادري رئيس لجنة الرصد والتوثيق لغارات السعودية وحلفائها وحصر النازحين بمحافظة ذمار بلغ عدد الذين قضوا من غارات التحالف 162 شخصا منذ اول غارة والتي كانت يوم الثلاثاء بتاريخ14 ابريل من العام 2015 م اغلبهم من النساء والأطفال وكبار السن اما عدد الجرحى فقد بلغ اكثر من 252 جريحا إصابة العديد منهم بالغة .
وعن تدمير الممتلكات العامة والخاصة فقد أوضح القادري انه تم استهداف 46 منشأة عامة حكومية ابرزها المجمعان الحكوميان بعاصمة المحافظة ومديرية عتمة ومبنى شركة النفط اليمنية واستراحة جامعة ذمار ومتحف ذمار الإقليمي ومركز الرصد الزلزالي والصالة الرياضية والأستاد الرياضي والمعهد التقني الصناعي الدرب وكلية المجتمع ومبنى مياه الريف ومخازن التبريد التابعة للمؤسسة الاقتصادية اليمنية في مدينة معبر والعديد من المؤسسات العامة والمنشئات التعليمة .ويتابع طالت غارات التحالف 10طرق عامة و8 مركبات و4 ابراج اتصالات .
اما منازل المواطنين والممتلكات الخاصة فدمرت وتضررت 266 من المنازل و17 محلا تجاريا و8 مواتر و22 سيارة و80 رأساً من المواشي و3 عنابر لمزارع الدجاج كانت تضم 98 الف دجاجة بياضه 35 الف كرتون بيض الى جانب استهداف مصنعاً للمواد الغذائية ومجمع الحيدري التجاري في مدينة الشرق ناهيك عن عدد من الاراضي الزراعية في بعض مديريات المحافظة.
الوجه الآخر للعدوان
* وعن تداعيات العدوان والحصار على الجانب الصحي في محافظة ذمار فقد أوضح تقرير صدر مؤخراً عن هيئة مستشفى ذمار ان خروج عدد من المستشفيات في محافظات البيضاء وتعز وإب والضالع عن الخدمة وتزايد اعداد النازحين الى ذمار شكل ضغطاً كبيرا في تقديم الخدمة العلاجية والطبية التي تقدمها الهيئة للمرضى من مختلف المحافظات وخاصة المحافظات المجاورة .
وبيًن التقرير ان مباني هيئة مستشفى ذمار تضررت جراء غارات طائرات العدوان المنشآت على مقربة 50 مترا وبعضها على بُعد 300 متر من المستشفى، بأكثر من 10 غارات خلفت أضراراً في كافة المرافق الصحية، والأجهزة والمعدات والتجهيزات الطبية المختلفة، وخلقت الذعر وحالات الإعياء لدى المرضى والعاملين من أطباء وإداريين .
ويضيف التقرير ان دول تحالف العدوان تمضي في انتهاكها دون أدنى اعتبار للمواثيق والقوانين والأنظمة الإنسانية والأخلاقية للحروب التي تجرم الاستهداف المباشر للمنشآت الصحية أو بالمقربة منها.
واعتبر أن نقص المخزون الدوائي وانعدام من السوق وعدم توفر بعض قطع الغيار الخاصة بالأجهزة الطبية ومستلزماتها، يمثل الوجه الآخر للعدوان مما أدى إلى خروج بعض الأقسام مثل محطة الأكسجين، وقسم الاشعة الداخلية.
ويضيف التقرير ان عدد 17 اخصائيا من الكوادر الأجنبية في التخصصات النوعية غادروا وتبقى عدد 3 منهم منذ بداية العدوان، وعدد 53 ممرضة هندية غادروا ايضاَ، وهو ما ضاعف العبء على الكادر الوطني الذي ظل يعمل على مدى 24 ساعة.
هذا و قد ناشدت الهيئة العام الماضي المنظمات الانسانية في بيان نداء واستعانة أعلنت فيه ان الهيئة تعاني من النقص الحاد للمستلزمات الطبية والعلاجية وخاصة مركز وحدة الغسيل الكلوي باعتباره من المراكز الاشد الحاحاً للأدوية والمستلزمات الخاصة بمرضى الفشل الكلوي وما اكثر خوفهم من تقلص عدد الجلسات نتيجة انخفاض المخزون العلاجي كأحد آثار الحصار الجائر براً وجواً وبحراً.
أكثر من 151 ألف نازح
* تعتبر محافظة ذمار من المحافظات المستضيفة للنازحين الذين أجبرتهم السنة طائرات العدوان الى ترك منازلهم وممتلكاتهم ومصادر رزقهم لتأمين حياة الأطفال والنساء وكبار السن في مختلف مديريات المحافظة .
وتسببت عملية النزوح في خلق الكثير من أشكال المعاناة لهذه الأسر . عناصر متعددة تتضافر لتزيد من معاناتهم والتي تبدأ من النقص الحاد في المواد الإغاثية والايوائية ولا تنتهي عند متطلبات التعليم والصحة والسكن والعمل يقابلها ضعف الاستجابة والعون الإنساني .
وفي الوقت الذي دعت فيه قيادة السلطة المحلية بالمحافظة كافة المنظمات الدولية الانسانية الالتفات الى النازحين والاهتمام بأوضاعهم وتقديم العون والمساعدة لهم للتخفيف من معاناتهم . يتزايد اعداد النازحين الى المحافظة بشكل مستمر وهو ما أكده مدير الوحدة التنفيذية لإدارة مخيمات النازحين بالمحافظة المهندس منير المروني حيث قال مع تزايد اعداد النازحين الوافدين الى المحافظة تتزايد الاحتياجات الاساسية لهم ناهيك عن متطلبات التعليم والصحة والسكن والعمل .ويضيف استقبلت المحافظة حتى نهاية ديسمبر المنصرم 24 ألفا و786 أسرة قدموا من محافظات عدة بواقع 151 ألفا 134 نازحا ونازحة يتوزعون على 24 ألفا و786 أسرة في مختلف مديريات المحافظة بحسب ما رصدته اللجان الميدانية المنبثقة من مشروع لجنة تتبع حركة النازحين الذي نفذه اتحاد نساء اليمن بدعم المفوضية العليا لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة .
ويتابع المروني: المساعدات المقدمة من قبل المنظمات المعنية بهذا الشأن لا تزال شحيحة ولا تتجاوز 30 % من عدد النازحين المسجلين ضمن حركة التتبع للنازحين.
وبرغم ما يقوم به أبناء المجتمع المحلي من مبادرات وأعمال الخير تستهدف النازحين من حين لآخر إلا ان تزايد اعدادهم مع ضعف تواجد المنظمات الأممية العاملة في المحافظة يفاقم من معاناتهم .
مليون ومائة الف فقير
* تداعيات الحصار ومالات الوضع الانساني لا تقتصر على النازحين وحسب بل الى عموم فئات المجتمع المتضررة والفقيرة ، وهو ما تؤكده التقارير الدولية أن 85 % من السكان بحاجة إلى مساعدات غذائية.
وعن هذه الجزئية في محافظة ذمار يقول مدير عام مكتب التخطيط والتعاون الدولي بالمحافظة المهندس سمير المدحجي تتم معالجة احتياجات النازحين على حساب فقراء المحافظة وذلك تنفيذا لتوجيهات الرسمية المركزية ومن قيادة المحافظة المتضمنة إعطاء الأولوية للنازحين في الحصول على المساعدات ، ونعمل بالشراكة مع الأخوة في الأجهزة التنفيذية بالمحافظة على إيصال معاناة النازحين واحتياجاتهم في جميع التقارير وطالبنا بشكل متكرر بزيادة الحصص الغذائية للمحافظة التي تستقبل أعدادا متزايدة من النازحين يوماَ بعد آخر.
ويتابع: التزامنا الأخلاقي كجهات رسمية حتم علينا أن نوجه غالبية موارد المحافظة من المساعدات القادمة من المنظمات الدولية لمواجهة احتياجات النازحين على حساب فقراء المحافظة رغم حالات الفقر وزيادة إعداد الفقراء بالمحافظة والذين يتجاوز اعدادهم بحسب خطة الاستجابة الإنسانية لعام 2017م الصادرة عن مكتب الشؤون الإنسانية الاوتشاء مليونا ومائة الف فقير ومحتاج وأكثر من 30 الف أسرة فقدت مصادر دخلها المتمثل بشريحة الموظفين.
فالحرب أثرت على كل مناحي الحياة الاقتصادية وخسر غالبية الناس أعمالهم وتحول هؤلاء من منتجين إلى عاطلين عن العمل ينتظرون المساعدات الغذائية. لذلك لا بد للمنظمات الإنسانية الدولية توفير مساعدات غذائية لكل المتضررين من الحرب بشكل غير مباشر أو مباشر كالنازحين .
تراجع الانتاج الزراعي
* قدرت وزارة الزراعة والري الخسائر الأولية للأضرار المباشرة وغير المباشرة في القطاع الزراعي جراء العدوان والحصار منذ بدايته وحتى منتصف اكتوبر الماضي بأكثر من 15 مليار دولار . وما رافقه من انخفاض الانتاج الزراعي بنسبة تزيد عن 40 % .
محافظة ذمار الزراعية والتي تتصدر المرتبة الاولى في كمية انتاج الخضروات على مستوى الجمهورية ومراتب متقدمة في عدد من المحاصيل الزراعية يصعب العثور على مزارعين لا يشكون تداعيات العدوان والحصار على طول السلسلة الزراعية بدءا بالمنتجات الزراعية ومدخلاتها ومروراً بعملية التسويق والتصدير وانتهاء بآلية العرض والطلب في السوق المحلية .
ويؤكد المزارعون أن منتجاتهم الزراعية تراجعت بشكل كبير نتيجة انعدام المشتقات النفطية والمدخلات الزراعية بسبب الحصار الذي تفرضه دول التحالف ، ويضيفون ان ما تعرضت له شبكة الطرقات والجسور التي تربط المحافظات ببعضها من قصف وتدمير زاد من معاناتهم في تصدير المنتجات الزراعية وتعرض الكثير منها للتلف وخاصة المعدة للتصدير الخارجي ، ناهيك عن آثار تراجع الدخل في ظل الأوضاع الاقتصادية الراهنة التي لا تفرح المزارع والبائع والمستهلك.
ثبات وصمود وتضحية
* ومهما يكن من أمر خلقت ثلاثية العدوان واقعاً جديداً تحدوه ثلاثية سامية ثبات وصمود وتضحية فأولو البأس الشديد يحبون كل ذرة تراب من ارضهم الطاهرة أعطتهم القوة فأعطوها يقظة الربيع وأشواق الصيف وأغاني الخريف وعزم الشتاء ، فالوعي الجماهري والالتفاف الشعبي بات لحامه أكثر تماسكاً وزاد من صلابته الصمود الذي أصبح حديثاً عمومياً أذهلنا به العالم .
فالمواقف والأحداث التي تترجمها المشاهد والصور ، أسقطت كل الحملات الملتصقة بزيف اعلام العدو، وأكدت ان كل هذا الاجرام لن يزيد أبناء هذا الوطن الا إرادة وثباتاً دفاعاً عن هذه الارض العتيقة التي لا تعرف قيود الزمن .
ثبات
* فمنذ الوهلة الاولى أعلن أبناء ذمار مع غيرهم من الملايين الأحرار موقفهم الواضح والصريح المناهض للعدوان وجرائمه ومن يقف معه ويدعمه ويسانده ، فخرجت المسيرات الجماهيرية الحاشدة ونظمت الوقفات الاحتجاجية من كل أطياف المجتمع تنديدا باستمرار همجمية العدوان السعودي الامريكي في قتل الأبرياء وتدمير البنية التحتية والحصار الجائر الذي يطال كل اليمنيين .
واستنكاراً بصمت المجتمع الدولي والمنظمات الحقوقية امام ما يتعرض له اليمن وأبناؤه من جرائم تتنافى مع القيم والأعراف والقوانين الانسانية والقانون الدولي الإنساني .
مؤكدين استمرارهم في مواجهة العدوان مهما امعن في بشاعة إجرامه لإيصال مظلومية الشعب اليمني إلى العالم وتعرية زيف اعلام النظام السعودي عن جرائمه بحق الشعب اليمني ومقدراته.
وأقيمت الفعاليات والأنشطة على اختلاف ضروبها كالندوات والمحاضرات ومعارض الصور الفوتوغرافية منها والتشكيلية التي ترصد وتوثق جرائم العدوان منذ بدايته على اليمن تكلمت فيها الصورة عما يعانيه الشعب اليمني من انتهاكات إجرامية استهدفت بحقد مقدرات ومكتسبات الوطن وطالت ببشاعة الآمنين والعزل جراء غارات العدوان السعودي وتحالفه المتواصلة على محافظات الجمهورية . الجميل في هذه المعارض انها تغني عن الآلاف الكلمات لمن في الداخل والخارج ، والأجمل أيضاً أن يشترك فيها الجانب الرسمي والإعلامي والحقوقي وعدد من المهتمين بهذا الشأن.
صمود
* وأما الصمود فقد عبرت عنه عديد اللقاءات القبلية الموسعة التي شهدتها وتشهدها مختلف القرى والعزل والمديريات في محافظة ذمار التي تتوسع حلقاتها يوماَ بعد آخر ويعلو إيقاع نفيرها اكثر من اي وقت مضى وبقدر ما تؤكده من صمود بقدر ما تبعث به من رسائل للعدو مضامينها ان للقبائل اليمنية دورها الفاعل والمؤثر في صياغة الحدث وولادة الموقف والتي أعلنوا من خلالها واحدية الهدف والمصير الواحد والنضال المشترك مٌحيين ما يسطره ابطال الجيش واللجان الشعبية من انتصارات في مختلف الجبهات ضد الغزاة والمعتدين والمرتزقة ، مؤكدين ان كل هذه الجرائم لن تسقط بالتقادم ولن تزيدهم الا صموداً عميقاً كالبحر وعاليا كالنجوم داعين كل قبائل اليمن إلى التوجه الى مختلف الجبهات ورفدها بالمال والعتاد والرجال .
تضحية
* وإذا ما تحدثنا عن التضحية فحكاية تطول فما من يومٍ يمر في محافظة ذمار منذ بداية العدوان الكوني على اليمن إلا ويشهد مراسيم تشييع جثامين شهداء من مختلف مديريات المحافظة ، فقصة حب الشهادة في ذمار قديمة قدم هذه الأرض العتيقة ففي كل مرحلة تاريخية مر بها الوطن نجد في مضامين الكتب ومجلدات المجد قصصاً لمآثر وبطولات سطرها أبناء المحافظة ، وما أضرحة الشهداء المنتشرة إلا دليل واضح على حجم التضحيات التي قدمها ويقدمها أبناء ذمار تلبية لنداء الوطن . فحين دعاهم صغرت في أعينهم كل الأشياء وعظمت من خلاله عزة اليمن وكرامة ابنائه اما ترابه الطاهر فكان الأغلى والأثمن بالنسبة لهم فلم يبخلوا عليه بدمائهم لأنهم يعلمون ان المؤامرات التي تحاك ضد الوطن لا بد أن تعمد بالدماء والبطولات .
قصة حب وعشق وطن
* كثيرة هي التضحيات التي يسطرها أبناء محافظة ذمار ولعل أسرة منصور عامر الجهمي أكثرها تجلياً الرجل الخمسيني له خمسة من الأبناء ممن ذهبوا الى ساحات العزة والبطولة دفاعاً عن الوطن وكرامة ابنائه ، التقينا به في منزله المتواضع الذي يسكنه بالإيجار, ملامحه توحي بعزة في النفس وقوة في القلب فدخلنا منزله ببطء تربع في منصة المجلس ومن فوقه صور ابنائه الشهداء وعن يمينه وشماله بعض أولاده الصغار وأحفاده الأصغر وبعض نساء هذه الأسرة البالغ قوامها 32 فرداً .وبعد ان عزيناه بالكلام طلبنا منه بأن يحكي لنا بعض ما خلده ابناؤه وما يسيل بين سطورها من كلمات لا تلبس الحبر ثوباً ولا تتخذ الورق مسكنا .
فتحدث قائلا: ما ان بدأ العدوان قلت لأولادي هذا عدوان غاشم يريد ان يبيح الخراب ويهتك العرض لابد ان تتحركوا وتلبوا نداء الوطن فتحرك خمسة من أبنائي الى جبهات العزة وبعد ايام تلقيت خبر استشهاد ثلاثة منهم سالم وعبدالغني وهادي والرابع والخامس جريحان , احدهما أصيب بطلقة في الصدر والآخر إصابته بالغة في ساقه ويتابع, فالحمد لله الذي اختار أولادي شهداء وعندنا القوة والمناعة ولا يهمنا ان نضحي بالبقية منهم في سبيل الدفاع عن والوطن والعرض ونعلم انه من قضى وهو يدافع عن وطنه وشرفه فهو شهيد والشهيد حي عند الله يرزق.
صور لا تتسعها الكلمات
* اما نساء أسرة الجهمي فيسطرن اروع صور الثبات الذي لا يختلف عن ثبات أزواجهن امام الأعداء فلسان حالهن ينطق قائلاً ان النواة التي لا تحتمل برد الشتاء وثورات العناصر لا تقوى على شق الأرض ولن تفرح بجمال نيسان . اما الأطفال فقد قالوا لنا إن آباءهم وإخوانهم الشهداء قد تركوا لهم كنزاً ثميناً يبعث القوة من الضعف والعزة بدلاً من الخنوع مؤكدين انهم ماضون على المسار الذي رسمه لهم إخوانهم وآباؤهم ولن يرضوا بدونه بديلاً .
قوافل الجود والعطاء
* ولم تتوقف التضحية عند بذل النفس وحسب بل والمال أيضاً فقوافل الجود والعطاء والكرم هبت من كل بيت متجاوزة كوابح الحصار الأمامية والخلفية وهمجية العدوان التي طالت المنشآت ذات الأوعية الإيرادية ظناً منه انه سيجفف منابع هذه الأرض المكسية بثوب العطاء .
فالقرى والعزل والمديريات يتسابق ابناؤها على من يعطي في وقت أسرع ويجود بشكل اكبر, فتمايلت بها الطرقات وتعانقت أصنافها وتسابقت على من يصل الى مختلف الجبهات دعماً ورفداً واسناداً لأبطال الجيش واللجان الشعبية المرابطين في ساحات الشرف والبطولة .
قيم التراحم
* ولا ننسى صور التكافل وتعزيز قيم التراحم فذمار التي استقبلت مديرياتها اكثر من 151الف نازح شتتهم العدوان وجمعتهم المعاناة مد لهم أبناء المجتمع المحلي يد العون والمساعدة وشاركوهم المسكن ولقمة العيش رغم الظروف الاقتصادية الصعبة ومنهم من استقبل في منزله المتواضع 6 أسر يبلغ قوامها 45 نسمة ، وتنامت المبادرات الفردية وأعمال الخير لتمتد الى إقامة المخيمات الطبية المجانية للمعسرين وذلك للتخفيف من معاناتهم في ظل استمرار العدوان والحصار المتلازمين .
استمرار التعليم
* ولكي تكتمل مضامين الصورة شكل أبناء ذمار كتلة متجانسة في وجه العدوان نراها اكثر تجلياً في استمرار التعليم ومتابعة التحصيل العلمي فرغم صلف العدوان لن يثني اكثر من 500 الف طالب وطالبة للمرحلتين الاساسية والثانوية من التقدم لامتحانات الفصل الدراسي الاول من العام الحالي ناهيك عن اكثر من 13 الف طالب وطالبة في المستويات الجامعية احتضنتهم قاعات الامتحانات للدراسة والامتحانات وبرغم تأخر صرف المرتبات إلا ان كل منتسبي العملية التعليمة اثبتوا ان الصمود عنوانهم الوطني وخيارهم الحتمي متسلحين بجواز التعليم للسفر الى المستقبل يحدوهم زينة التعليم في الرخاء وملاذه في الشدة .
حصن منيع
* وبذلك شيد أبناء المحافظة بوعيهم وتلاحمهم وتكاتفهم المنبثق من ثلاثية الثبات والصمود والتضحية حصناً منيعاً أساسه متين وسياجه عال توارت أمامه مخططات وأهداف العدو ورهاناته الذي يتخذ من المال وسيلة لاذكاء الفتن والتي كان آخرها محاولته البائسة لخلق الاضطرابات وتفكيك النسيج الاجتماعي في مديرية عتمة غير ان وعي ومواقف ابنائها الشرفاء افشل ما يرمي اليه أعداء الوطن حين أعلنوا المواجهة الى صف ابطال الجيش واللجان الشعبية وتسهيل مهامهم لتطهير عتمة من العابثين بأمنها وسلمها الاجتماعيين فكان الانتصار سيد الموقف الذي يراه الكثير مقدمة لانتصاراتٍ قادمة .
أكثر مجداً
* عامان وتحالف العدوان يقتل ويدمر ويحاصر ولم يغير من الأمر شيئاً أو ليس كالذي يبحر دون سفينة ويحلق بأجنحة لا يكسوها الريش يسأل أحدهم ؟ فيجيب آخر لأن الثبات والصمود والتضحية سلاح أمضى في وجه الطغاة والمستكبرين ، فكلما كانوا اصلف كان النصر اكثر مجداً .