على مدى عامين منذ بدء العدوان السعودي على اليمن خرجت العديد من التقارير الدولية التي تؤكد كارثية الوضع في البلاد، وارتكاب تحالف العدوان جرائم حرب راح ضحيتها عشرات الآلاف ، ناهيك عن استخدام أسلحة محرمة، حيث اتسم العدوان منذ أيامه الأولى بارتكاب انتهاكات جسيمة، وتطور الأمر إلى استخدام أسلحة محرمة، حيث تؤكد التقارير الحقوقية تصاعد سقوط المدنيين اليمنيين جراء غارات طيران تحالف العدوان السعودي، إضافة لإصرار النظام السعودي على تجاهل البروتوكولات الدولية المنظمة لسير العمليات العسكرية في الحروب بما تقتضيه من حماية أرواح المدنيين ، الأمر الذي أدى إلى ارتفاع أعداد الضحايا إلى عشرات الآلاف اغلبهم من المدنيين، وتشريد أكثر من 3 ملايين نسمة، وفقًا لإحصائيات الأمم المتحدة.
وعلى الرغم من مواقف وصمت بعض المنظمات الدولية إزاء ما حدث ويحدث في اليمن منذ مارس 2015م فقد ظهرت بعض المنظمات الدولية على حقيقتها وتعرت تماماً من أي حياد أو مصداقية وبشكل لم يسبق له مثيل، لكن هذا لا يمنع الإشارة إلى أن منظمات دولية وحقوقية، قد تجاوزت الخطوط الحمراء، وأعلنت بوضوح عن جرائم حرب يرتكبها العدوان السعودي بحق اليمنيين، كمنظمة أطباء بلا حدود، ومنظمة العفو الدولية، ومنظمة هيومن رايتس ووتش وغيرها من المنظمات الدولية الحقوقية والإنسانية والتي أشارت في تقاريرها إلى الأوضاع الكارثية التي يعيشها اليمن منذ بداية الحرب التي شنتها قوات تحالف العدوان بقيادة السعودية.
فقد نشرت منظمة العفو الدولية تقريرا أكدت فيه وجود أدلة دامغة على جرائم الحرب التي اقترفتها قوات تحالف العدوان على اليمن ، وأشارت المنظمة إلى أن الأدلة الدامغة على جرائم الحرب من قبل القوات التي تقودها السعودية تسلط الضوء على الحاجة الملحة لتحقيق مستقل وفعال للانتهاكات ووقف عمليات نقل بعض الأسلحة.
اتهامات لدول العدوان
واتهمت المنظمة التحالف السعودي باستخدام ذخائر انشطارية برازيلية محظورة دوليا في اليمن ثلاث مرات في 16 شهرا، مضيفة أن القنابل ألقيت في المرة الأخيرة على ثلاث مناطق سكنية وعلى مساحات زراعية وسط صعدة في 15 فبراير الماضي، ما أدى إلى إصابة مواطنين في صعدة.
فيما نددت منظمة هيومن رايتس ووتش باستخدام القنابل العنقودية في الحرب على اليمن، وقالت في تقرير صادر عنها مؤخرا : إن استخدام قوات التحالف الذي تقوده السعودية المتكرر لقنابل عنقودية يدل على وجود نية لإلحاق الضرر بالمدنيين وهو جريمة حرب”.
جرائم حرب
وفي السياق ذاته اتهمت الأمم المتحدة ومنظمة العفو الدولية ومنظمات حقوقية أخرى قوات التحالف، بقيادة السعودية، بارتكاب جرائم حرب في اليمن.
وقال تقرير أممي: إن عمليات القصف الموجهة من قبل التحالف استهدفت المدنيين بأسلوب متعمد ومنهجي وواسع النطاق.
وبحسب التقرير الأممي، فإن هيئة الخبراء التابعة للأمم المتحدة تلقت وثائق شاملة توضح استخدام قوات التحالف للذخائر العنقودية، بما في ذلك صور وإحداثيات من الأقمار الصناعية ومقاطع فيديو تُفصّل انفجار ذخائر عنقودية أمريكية الصنع في مواقع باليمن، كما وثّق مكتب الأمم المتحدة للمفوض السامي لحقوق الإنسان أيضًا استخدام الذخائر العنقودية من قِبَل قوات التحالف في محافظتي حجة وصعدة .
الصمت الدولي
العدوان الظالم استهدف اليمن أرضاً وإنساناً وكل مقومات الحياة وبحسب تقارير الأمم المتحدة نفسها هناك ما يقارب الـ2.2ملون طفل يعانون من سوء التغذية وهناك 18.8 مليون إنسان مهددون بالمجاعة ، كما أن هناك عشرات الآلاف بين قتيل وجريح بالإضافة إلى ان هناك الكثير من المرضى بحاجة إلى العلاج والسفر خارج البلاد يتعذر عليهم ذلك بسبب الحصار ، فلم يعد في اليمن من هو بمنأى عن شبح المجاعة وسوء التغذية والقصف العشوائي والهمجي ، فهل يُعقل أن يستمر هذا الصمت رغم كل هذه الأرقام المخيفة والتقارير الواضحة التي تُرفع إلى مسؤولي المنظمات الدولية الإنسانية التي تعمل في اليمن؟.
وبحسب التقارير الصادرة عن المنظمات الإنسانية الدولية فإن تحالف العدوان بقيادة السعودية يفرض حصارًا جائرًا على اليمن بإغلاق المجال الجوي والبحري والبري، وتمنع وصول المساعدات الإنسانية؛ الأمر الذي اشتد معه الوضع الإنساني كارثية في اليمن، وأدى إلى تجويع وتشريد وسقوط المزيد من الضحايا.
تحذيرات أممية
وتزامناً مع تواصل الجرائم السعودية بحق الشعب اليمني، حذرت عدد من المنظمات الإنسانية التابعة للأمم المتحدة من تدهور الأوضاع بشكل كبير في اليمن، مشيرة إلى أن ملايين اليمنيين أصبحوا قريبين جداً من الموت بسبب المجاعة ونقص الغذاء.
حيث حذر تقرير حديث صادر عن منسق الشؤون الإنسانية للأمم المتحدة في اليمن جيمي مكغولدريك، من أن أكثر من 7 ملايين يمني أصبحوا على حافة المجاعة، نتيجة اشتداد المعارك على الساحل الغربي لليمن منذ قرابة الشهرين، واستمرار السعودية في فرض حصار شامل على الشعب اليمني.
وأضاف المسؤول الأممي إن 7 ملايين يمني باتوا أقرب إلى المجاعة من أي وقت مضى، من بين 17 مليون شخص غير قادرين على إطعام أنفسهم بشكل كاف، وأكثر من 17 مليون شخص غير قادرين حاليا على إطعام أنفسهم بشكل كاف وأصبحوا مجبرين بشكل متكرر على اختصار الوجبات الغذائية الضرورية، وقد أصبحت النساء والفتيات آخر من يتناول الطعام وبكميات أقل من البقية”.
إلى ذلك أكد تقرير صدر منتصف مارس الجاري عن الأمم المتحدة، ومنظمة “يونيسف”، والبرنامج العالمي للأغذية، أن حوالي 60% من سكان اليمن يعانون حاليا من المجاعة .
وقال التقرير: “يمثل اليمن حاليا أحد أكبر بؤر المجاعة عالميا، حيث ارتفع عدد الأشخاص الذين يعانون منها، منذ يونيو من العام 2016م، بنسبة 21%، فيما يمر حوالي 17 مليون شخص بمرحلتي الحالة الطارئة أو حالة الأزمة من الأمن الغذائي”.
مقتل 1500 طفل
وبالتزامن مع تقرير منسق الشؤون الإنسانية للأمم المتحدة، أعلنت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف) في تقرير جديد لها، أن الحرب التي تشنها قوات التحالف السعودي على اليمن أودت بحياة 1546 طفلا من أصل 7700 شهيد حتى الآن.
وقالت في بيان صادر عنها: قتل 1546 طفلا على الأقل وأصيب 2450 آخرون بتشوهات بين هؤلاء 1022 من الفتيان و478 من الفتيات و46 طفلا لم يعرف جنسهم”، وذلك ما بين” مارس عام 2015م و10مارس الحالي”.
وأضاف البيان: “خلال هذه الفترة أدت الحرب إلى إصابة 1801 من الفتيان و649 من الفتيات بتشوهات”.مؤكدة أنها أحصت 212 هجوما على مدارس و 95 هجوما على مستشفيات خلال الفترة نفسها.
مجاعة
إلى ذلك حذر برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة من أن المجاعة قد تودي بحياة ملايين الأشخاص في اليمن، مطالبا المجتمع الدولي بالتحرك العاجل لتلبية احتياجات هؤلاء الذين يواجهون خطر المجاعة قبل فوات الأوان.
ودعت المديرة التنفيذية للبرنامج ارثارين كازين خلال مؤتمر صحفي عقدته مؤخرا لتسهيل وصول المساعدات الغذائية والدعم الغذائي اللازم لليمنيين قبل فوات الأوان لتلبية احتياجات من يعانون الجوع.
وكانت موسكو قد انتقدت في وقت سابق صمت الدول الغربية إزاء “الوضع الإنساني الكارثي” فى اليمن، محذرة من أن الوضع في البلاد يتحول إلى كارثة كبرى جراء موجة جديدة للتصعيد.
وتم تأكيد هذه التقديرات المرعبة خلال اجتماع لمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة يوم 10 اذار من نائب الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية ستيفين أوبراين والذي وصف الوضع في اليمن، بأنه يشكل أكبر أزمة إنسانية في العالم.
القطاع الصحي
القطاع الصحي في اليمن كغيره تعرض للدمار من قبل العدوان والحصار المفروض على البلاد منذ عامين حيث تعرض القطاع لصدمات قوية ، الأمر الذي جعله عاجزا عن إنقاذ حياة الملايين في ظل تدهور الخدمات الصحية وتفشي الأوبئة في ظل الصراع الذي تشهد البلاد منذ عامين بحسب تقارير صادرة عن منظمة الصحة العالمية.
وفي السياق ذاته حذرت منظمة الصحة العالمية من تدهور النظام الصحي في اليمن وانهياره، بسبب الصراع الذي اندلع في مارس 2015م وحصد حياة أكثر من 7600 شخص في جميع أنحاء البلاد، وجرح 42 ألفا آخرين.
وذكرت المنظمة في بيان صحفي صادر عنها مؤخرا، أن الميزانية المخصصة للسلطات الصحية قد انخفضت بشكل كبير، تاركة المرافق الصحية دون أموال لتغطية التكاليف التشغيلية، والعاملين في مجال الرعاية الصحية دون رواتب منتظمة منذ سبتمبر 2016م.
يقول نيفيو زاغاريا ممثل المنظمة في اليمن، إنه “مع افتقار حوالي 15 مليون شخص إلى الرعاية الصحية الأساسية والنقص الحالي في الأموال، سيزداد الوضع تدهورا”.
ويضيف البيان الصادر عن المنظمة، إن 45 %فقط من المرافق الصحية في اليمن تعمل بشكل كامل ويمكن الوصول إليها، فيما تعمل 38 %منها بشكل جزئي و17 % لا تعمل.،وعلاوة على ذلك، تضرر أو دمر 274 مرفقا صحيا على الأقل خلال الحرب التي تشهدها البلاد.
وتشير بيانات الأمم المتحدة إلى حاجة ما يقرب من 4.5 مليون شخص في اليمن، من بينهم مليونا طفل، إلى خدمات العلاج أو الوقاية من سوء التغذية، ومعاناة 462 ألف طفل من سوء التغذية الحاد.
ورغم كل الأرقام المخيفة والتقارير الإنسانية الواضحة التي تُرفع الى المنظمات الدولية بشأن الأوضاع الكارثية التي يعيشها اليمن جراء الحرب التي يشنها تحالف العدوان السعودي منذ نحو عامين على اليمن مستخدماه أسلحة محرمة دوليا ما خلف عشرات آلاف القتلى والجرحى وأدى إلى تدمير كبير طال الممتلكات العامة والخاصة والبنى التحتية في اليمن إضافة إلى فرضه حصارا خانقا على اليمنيين.
وأخيراً فإن المتابع لمواقف الغالبية العظمي من المنظمات الدولية الإنسانية والحقوقية ، وعلى رأسها الأمم المتحدة ومجلس حقوق الإنسان والمفوضية السامية يدرك تماما مدى الانحياز الواضح لهذه المنظمات تجاه ما يحصل في اليمن من خلال صمتها وغض الطرف عن كل جرائم الإبادة التي يتعرض لها أبناء اليمن على مدى عامين ، في ظل صمت لم يتجاوز في أحسن الأحوال القلق والخوف فقط من الانتهاكات التي يتعرض لها الشعب اليمني.
Prev Post