*قراءة في حصيلة لقاء الرباعية + 1 في بون:
بعد رهانات الحسم الخاسرة، يعود الحل السلمي إلى الواجهة مجدداً عبر طاولة الرباعية المنعقدة في ألمانيا، حاملاً معه مزيداً من التناقضات بين توافق الطرح ومرجعيات الحلول. لتأتي مطالبة ولد الشيخ ، بتسليم مخزون الجيش واللجان الشعبية من الصواريخ الباليستية، كشرط أساسي لوقف العدوان وإيجاد حل سياسي حسب وصفه، مؤشراً للولادة الميتة المسبقة لأي تفاهمات، فيما يؤكد محللون أن طاولة الرباعية ليست إلا كسابقاتها من محطات التقاط دول العدوان لأنفاسها، استعداداً لمراحل جديدة من العدوان على اليمن وسياسة مد العصا والجزرة فالرباعية أولا وأخيرا من تشن العدوان على اليمن ولا يمكن لعدو أن يقدم حلولا لعدوانه.
الثورة/ حسين الجنيد
في الوقت الذي يواصل فيه ولد الشيخ جولته المكوكية في المنطقة؛ لإحياء ما تصفه وسائل الاعلام بخطة السلام في اليمن، تعقد الرباعية زائد واحد اجتماعها في مدينة بون الألمانية، على هامش اجتماع وزراء خارجية مجموعة العشرين، لبحث الملف اليمني، بعد جمودٍ سياسي، منذ ما بات يعرف بخطة كيري التي طرحت في العاصمة العمانية مسقط عقب مفاوضات الكويت الأخيرة.
الاجتماع الذي ضم وزراء خارجية أمريكا وبريطانيا والسعودية والإمارات وبحضور وزير الخارجية العماني، أعلن فيه ريكس تيلرسون وزير الخارجية الأمريكي الجديد، دعم بلاده جهود الأمم المتحدة لحل الأزمة في اليمن، مشيراً إلى الحاجة الملحة لإيصال المساعدات الإنسانية، من دون قيود، إلى جميع أنحاء اليمن. وهو الأمر الذي أثار سخرية بعض المحللين السياسيين؛ لتناقض طرح الوزير الأمريكي مع تصريحاتٍ سابقةٍ له في احدى الجلسات البرلمانية “أن حكومة بلاده ستدعم التحالف، الذي تقوده السعودية، بالمعلومات الاستخباراتية للحد من أخطاء الغارات الجوية” ودعوته لإيصال المساعدات الإنسانية للشعب اليمني، في الوقت الذي تفرض فيه بارجاتهم حصاراً مطبقاً على الموانئ اليمنية.
المبعوث الأممي ومساعي الحل المشروطة
إسماعيل ولد الشيخ المبعوث الأممي في زيارته لدولة الكويت، يوم الأحد الماضي، في ثاني محطة له بعد روسيا، في إطار تحركاته ومساعيه لإحياء طاولة المفاوضات أكد مجدداً “أنه من الضروري إنشاء لجنة دولية لتسوية النزاع في اليمن، تتولى دعوة الأطراف المتصارعة للجلوس إلى طاولة المفاوضات” مضيفاً أن اللجنة سوف تدعو الأطراف المتنازعة إلى طاولة المفاوضات وعدم اللجوء إلى العنف، معبرا عن أمله أنه مع مرور الوقت سوف يتعافى اليمن من هذا الصراع. محدداً جوهر الصراع في هذه الحرب بين أطراف داخلية، متجاهلاً تحالف العدوان أنه طرف في الحرب، ما دعا الكثير من المراقبين والمتابعين للشأن اليمني، للتشكيك في مدى حياديته ومساعيه الجادة لصناعة السلام في اليمن.
وفي تطورٍ مفاجئٍ بهذا الشأن، أثارت تصريحات ولد الشيخ الأخيرة لقناة “فرانس 24” سخط واستهجان القوى السياسية في اليمن، وفجّرت موجة غضبٍ عارمةٍ في الشارع اليمني، حيث تضمنت هذه التصريحات مغالطات للرأي العام عندما قارن رفض هادي للخطة الأممية بعدم تقديم الوفد الوطني المفاوض، لمقترحات حول الجانب الأمني؛ لأن ذلك يفترض أن يتم بعد أن توافق الأطراف على الحوار في إطار الخارطة الأممية وليس قبلها فيما هادي وحكومته هم من يرفضون الخارطة برمتها. وما زاد من حدة الموقف قوله “بعدم إمكانية استقرار في اليمن على المدى الطويل، إلا إذا تم نزع الصواريخ الباليستية من أنصار الله وتسليمها لأي طرف أو تدميرها”. وهو ما جعل بعض المحللين السياسيين يؤكون أن هذه التصريحات للمبعوث الأممي كانت بمثابة الشرط التعجيزي للوفد الوطني، وإلقاء اللوم عليهم كلياً بعرقلة مساعي المجتمع الدولي لإحلال السلام في اليمن.
في المقابل “محمد عبد السلام” رئيس الوفد الوطني المفاوض، أكد في مكالمةٍ هاتفية أجراها مع ولد الشيخ في وقتٍ سابق، على موقفهم الثابت بالتوصل إلى حل توافقي بناء على تفاهمات مسقط، بما يشمل الجانب السياسي والترتيبات الأمنية والمعالجات الإنسانية.
ورحب “عبدالسلام” بأي جهود دولية للتوصل إلى حل سياسي شامل، متهماً قوى التحالف السعودي الأمريكي “بعرقلة كل مساعي السلام من خلال رهانها على الحرب العسكرية والحصار الاقتصادي”.
حقيقة المساعي الأممية لإحياء المفاوضات السياسية
وبالنظر لما خلص إليه اجتماع الرباعية، بضرورة إحلال السلام في اليمن، واستحالة الحل العسكري، وذلك من خلال جلوس جميع الأطراف إلى طاولة المفاوضات السياسية مجدداً، للوصول إلى اتفاق يرضي جميع الأطراف، وهذا التوافق يستحيل حدوثه مع اشتراط المبعوث الأممي للوصول إلى أي اتفاق أو صيغة حل نهائي إلا بعد تسليم أنصار الله للصواريخ الباليستية، يرى مراقبون أن هذه المساعي المزعومة لصناعة السلام في اليمن ليست إلا تكراراً للدراما السياسية التي يصطنعها تحالف العدوان، لتهيئة الميدان العسكري من جهة، ولامتصاص أي حراك عالمي يسلط الضوء على الوضع الإنساني الكارثي الذي يتسبب به استمرار العدوان على الشعب اليمني، موضحين سذاجة الحديث عن أي حل تضعه أطراف تعتبر جزءاً من المشكلة.