بالمختصر المفيد.. وها قد عاد غريبا
عبدالفتاح علي البنوس
إنه زمن النفاق والخداع والمظاهر الزائفة بامتياز ، كيف لا ونحن نشاهد في أوساطنا يوميا مشاهد لنماذج سلبية تعكس نظرة ضبابية ونمطية ضيقة عن الشخصية الإيمانية وما يجب أن تتحلى به من قيم وسلوكيات تسيء إلى صورة الفرد المسلم ، فنجد أحدهم يصلي في جماعة ويحرص على تعهد المساجد لأداء الصلاة ، وهو أكثر إجراما ونصبا واحتيالا من قاطع الصلاة الذي لم يدخل مسجدا ولم يسجد لله سجدة ، وذاك الذي يحج ويعتمر سنويا ولا نلمس أي أثر للحج في واقعه ، ولا نجد أي تغيير في سلوكه وتعاملاته ، وآخر يدعي التدين والصلاح وهو يمرق من الدين كما يمرق السهم من الرمية، وآخر يحاضر عن الدنيا وحقارتها وعن الآخرة والحساب والعقاب وكل همه الدنيا ومشاغلها وملذاتها ويسخر كل وقته وجهده وحياته من أجلها، أما الآخرة فإنه لا يحسب لها أي حساب وكأنها ليست في دائرة اهتماماته وغير مقررة عليه ، وآخر يكتب زورا وبهتانا بيده وهو يدرك فداحة وجرم ما خطه بقلمه وما كتبته يده ، وتمليك من لا يملك من أجل المال المدنس والمصالح الرخيصة ، وآخر يبيع دينه بدنياه ويجعل من تدينه وإلتزامه ولحيته وعمامته ومسبحته وسجدة جبهته عبارة عن ديكور وبطاقة عمل يقتات ويسترزق ويبحث عن منافع من ورائها فقط ،في حين تراه في داخل منزله مع أسرته وأولاده ومع أفراد مجتمعه بخلاف ما يدعيه ويتظاهر به وخصوصا عندما يتعلق الأمر بالدينار والدرهم والمصالح النفعية الرخيصة .
وآخر يرى في العدوان على وطنه وشعبه فتنة يجب اعتزالها، ولكن عندما يتعرض لمضايقة من جاره أو يدخل في خلاف شخصي تجده يشتاظ غضبا ويسارع إلى استخدام قوته للانتصار لقضيته حتى ولو كانت قضية خاسرة وغير عادلة ، وآخر جعل من ذمته أشبه بكشك لبيع ذمته وبيعها في سوق قلة الدين ويرى في ذلك (طلبة الله ) ولا يجد أي حرج أو حياء في ذلك ، وآخر يشتغل ليلا ونهارا في إذكاء الفتنة وإيغال الصدور ومحاولة شق الصف الوطني ، وتتبع الأخطاء والهفوات واستغلالها لخدمة قوى العدوان وللنيل من صمود ووحدة وتماسك الجبهة الداخلية وتجده غير مكترث ولا مهتم بجرائم ومذابح العدوان ، وآخر يجند نفسه لعمل الكمائن وزرع العبوات الناسفة وتخزين الأسلحة خدمة لقوى العدوان ودعما لمشاريعهم الإجرامية والتآمرية .
فيا ترى كيف ستستقيم أحوالنا، وتعالج أوضاعنا ، وتتحسن ظروفنا ، وتتعافى أوجاعنا وجراحنا ، وفي أوساطنا أمثال هذه النماذج السيئة التي تسيء إلى يمن الإيمان والحكمة ؟! هل هذه هي أخلاق الإسلام ؟! وهل هذه السلوكيات تمت بصلة للمسلمين؟ ! أين نحن من الإسلام وقيمه وتعاليمه ومبادئه؟ وأين الحكمة والتقوى والإيمان ؟!! ديننا الإسلامي هو الدين القيم الذي ختم الله به الأديان والرسالات وجعله المنهج القويم لكل من أراد السعادة في الدنيا والنعيم في الآخرة ، دين الوسطية والاعتدال ، دين لا يؤمن بالمظاهر الخادعة، والمواقف المصطنعة ، دين يتطلب ممن يعتنقه بأن تكون أقواله مطابقة لأفعاله والعكس ، دين الرحمة والقدوة الحسنة والسلوك السليم والمنهج القويم، ومن لا يلتزم بذلك فلا حاجة له بأن يدعي انتسابه لهذة الأرض اليمانية الطاهرة، أو لديننا الإسلامي الحنيف .
بالمختصر المفيد أخبرنا الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم بأن الإسلام بدأ غريبا وسيعود غريبا وها نحن ياسيدي يارسول الله نعيش غربة الإسلام في بلاد المسلمين ، فها نحن في بلاد الإيمان والحكمة نتعرض للقتل والقصف والدمار والحصار من 37دولة منذ عامين ولم نسمع عن بيان إدانة أو مسيرة تضامن في أي دولة عربية وإسلامية على المستوى العام ، وما سمعناه وقرأناه وشاهدناه عبارة عن فتاوى جائرة وأحكام ظالمة وحملات تحريض يقودها أدعياء العلم والدين ضد اليمن واليمنيين ، يدينون فيها الضحية ويقفون إلى صف الجلاد ويساندونه بالدعاء ويتسابقون على تجنيد المرتزقة والعملاء من مختلف دول العالم للقتال إلى صف أسيادهم آل سعود تحت عناوين زائفة وكاذبة، المسلمون إلا من رحم الله ، ما بين مشارك ومتفرج على الحرب العالمية التي يتعرض لها شعبنا ووطننا ، الغالبية صمتوا وألجموا ألسنتهم وكمموا أفواههم تجاه الحرب المنسية على اليمن ، وكأن الإسلام أمرهم بالسكوت على الظلم والتعسف والإجرام الذي يمارسه السلوليون ومرتزقتهم ، ولكن مهما حصل فإن ثقتنا بالله وتوكلنا واعتمادنا على الله وهيهات منا أن نهون أو نذل للشيطان الأكبر وقرونه في المنطقة ففطرتنا تأبى علينا ذلك ومهما طالت غربة قيم ومبادئ الإسلام في المنطقة العربية والإسلامية فلا بد لها من صحوة وعودة تحمل معها بإذن الله بشائر النصر .
هذا وعاشق النبي يصلي عليه وآله .