دور وسائل الإعلام في مواجهة الحرب النفسية
زيد البعوه
من أهم الوسائل التي تعتمد عليها الحرب النفسية هي وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمقروءة لأنها تغزو الإنسان بشكل مباشر وخاصة عندما يكون هذا الإنسان غير محصن بوعي وبصيرة فإنه يكون عرضة لما يأتي من قبل هذه الوسائل الإعلامية من خير وشر إلا ان وسائل إعلام العدوان لا يأتي منها الخير دائما فهي خصصت لنشر الضلال والفساد والثقافات المغلوطة والتهويل والارجاف ونشر الشائعات اما اذا كان الإنسان محصناً بالوعي وبالثقافة القرآنية فإنه لن يلتفت الى ما تقوله هذه الأبواق ولا يبالي بها ..
بالمقابل بما ان العدو لديه وسائل إعلام قوية وكثيرة ومتعددة نحن أيضاً لدينا وسائل إعلام عليها القيام بدورها في نشر الحقيقة وتعرية إعلام العدو وكشف ضلاله وزيفه وتحصين المجتمع من ان يكون عرضة لما يأتي من قبل وسائل إعلام العدوان وقد استطاعت الوسائل الإعلامية اليمنية خلال عامين من العدوان رغم محاربتها من قبل العدو ان تقطع شوطاً كبيراً في تحصين مجتمعنا والتصدي لما يأتي من قبل وسائل إعلام العدو وكشفها وفضحها للعالم ..
والحرب النفسية هي إعلامية بشكل أساسي يتم الاعداد لها ودراستها بشكل منسق ومدروس ومنظم ثم إطلاقها في الوقت المناسب عبر وسائل الإعلام لكي تغزو المجتمع المستهدف كما يعمل العدوان اليوم ويحاول قدر المستطاع ان ينال من نفسيات اليمنيين بأي طريقة إلا ان شعبنا العظيم كل يوم يزداد وعياً وبصيرة..
وقبل ان يتم نشر أساليب ومشاريع الحرب النفسية عبر وسائل الإعلام تتم أولاً دراسة المجتمع ودراسة المواضيع التي تتناسب مع أهداف العدو ومع المرحلة بشكل جيد وبعدها يتم توزيع المادة الإعلامية المعدة مسبقاً على وسائل الإعلام على شكل مراحل وبطريقة مدروسة ومرتبه تستهدف المجتمع بكل أطيافه فإذا كان هذا المجتمع محصناً بالثقافة والوعي فلن تستطيع التأثير عليه إما اذا كان المجتمع معرضاً للضلال ومجرد لاقط وسامع لما يأتي فإنه يمكن عدوه من نفسه ..
الحرب النفسية في الإسلام.
وبما ان الباطل يعمل جاهداً في الحرب النفسية من خلال تلفيقات وأكاذيب وأراجيف لا تمت للحقيقة بصله فإن الإسلام والقرآن الكريم جعل الحرب النفسية أسلوباً من أساليب الصراع مع أعداء الإسلام ولكن بشكل صادق وحقيقي.
والحرب النفسية في الإسلام مع أعداء الإسلام تتمثل في الاعداد والتدريب والتحشيد وإرهاب العدو بكل الوسائل الممكنة، اعداد السلاح والعتاد والعدة والانفاق في سبيل الله بما يضمن تطوير واستمرار العمل في مواجهة العدو وعدم الضعف والانكسار..
قال تعالى “واعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخير ترهبون به عدو الله وعدوكم”.
وقد استطاع شعبنا خلال هذه الفترة من العدوان ان يعد نفسه بشكل جيد رغم الحصار المفروض عليه ولكن كانت ثقافة القرآن والقيادة الحكيمة والإصرار على الوصول الى النصر هي التي دفعت بالشعب اليمني الى ان يصنع صواريخ بالستية بعيدة المدى وان يصنع طائرات بدون طيار وقذائف مدفعية وهذه تعتبر قاصمة الظهر للمعتدين إذ انهم كانوا يفكرون في القضاء على الشعب اليمني في اسرع وقت ولكن ذلك لم يحصل بفضل الله وبفضل صمود شعبنا ..
أيضاً من أهم الأشياء التي جعلت شعبنا يزداد تماسكاً وثباتاً ويمارس أسلوب الحرب النفسية بشكل حقيقي هو الوقفات القبلية التي تقام بشكل يومي وأسبوعي في مختلف محافظات الجمهورية، كذلك القوافل الغذائية التي يتم إرسالها الى ميادين الجهاد كذلك الفعاليات والمناسبات والتظاهرات التي يقيمها شعبنا بشكل مستمر، هذه الفعاليات وهذه الأعمال ليست بالأمر البسيط كما يتصور البعض بل هي أعمال مؤثرة ولها دور فعال على مستوى النفسيات في الداخل وكذلك العدوان الذي يراقب كل صغيرة وكبيرة في اليمن يرى انه لم يستطع ان يؤثر في هذا الشعب فلا تزال نفسياتهم قوية ولايزالون عازمين على التوحد والبذل والعطاء كذلك من أهم الأشياء التي قصمت ظهر العدوان هو عندما يستشهد ابن احد الآباء اليمنيين يظهر عبر القنوات ويقول الحمد لله الذي انعم عليَّ إذ جعل من صلبي شهداء وعندما يصل الشهيد الى بين يدي امه وهي تستقبله بالورد والزغاريد وتقول أهلاً ارحب يا ولي الله، اللهم ان كان هذا يرضيك فخذ حتى ترضى، أليست هذه تبعث في نفوسنا كيمنيين الحماس وترفع المعنوية؟ وكذلك بالنسبة للعدو يرى ان نفسيات اليمنيين لم تضعف بل تزداد صلابة عكس ما هو العدو عليه عندما يقتل منهم احد ..
ومن أهم الأشياء التي ركز عليها القرآن الكريم بالنسبة للحرب النفسية هي قضية الاخبار قال تعالى :-
{وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلَّا قَلِيلًا}
وهذه أيضاً قضية خطيرة ومهمة ليس صحيحاً ان كل الاخبار لا تنشر إلا بعد دراستها وتوظيفها بالشكل المناسب وليس صحيحاً ان يستمع الإنسان للأخبار من مصادر غير موثوقة وغير مؤكدة فما بالك عندما تكون هذه الأخبار تأتي من قبل المعتدين، على وسائل إعلامنا ان تكون على حذر من نشر أي خبر لمجرد الحصري أو الحصاد والخاص والأرقام ينبغي ان نكون حريصين على ان ينتشر الخبر على أوسع نطاق خاصة الانتصارات التي يحققها المجاهدون وكذلك الجرائم التي يرتكبها العدوان تنتشر في أكثر من وسيلة إعلامية في نفس اليوم على المستوى المحلي والعربي والدولي وان لا يكون همهم هو السرعة في نشر الخبر وما شابه ذلك الا بعد دراسة الخبر وتوظيفه بالشكل الذي يؤثر على العدو ويخلق حالة من الصمود والثبات في أوساط مجتمعنا ..
ولنا درس كمسلمين في الحرب النفسية التي سطرها الرسول صلى الله علية وآله وسلم في غزوة تبوك عندما جمع اكبر عدد من المسلمين من مختلف أصنافهم القوي الايمان والضعيف وسار بهم الى خارج المدينة المنورة على بعد مئات الكيلو مترات لمواجهة الروم، فانتشر الخبر في أوساطهم ان النبي محمد قادم على رأس جيش عظيم فقرروا إلغاء المعركة وقال الرسول صلى الله عليه وآله يومها (لقد نصرت بالرعب من مسافة شهر).