خبراء : حرب شرسة تمارس ضد الإنسان اليمني

تحقيق / محمد راجح –
كان واقفاٍ أمام محله في شارع القيادة يتأمل الظلام والضجيج المحيط به ومنهمكاٍ في تفكير عميق في كيفية تدبير مصاريف اليوم التالي وتكاد تشعر بالأسى الشديد الذي يعتريه كما قال لنا بسبب الانطفاءات المتواصلة للكهرباء والخسائر الباهظة التي يتعرض لها جراء ذلك.
لا يستطيع أن يصف إبراهيم الحياني عامل في مجال الخياطة حالته النفسية السيئة عند انطفاء الكهرباء لأنها حاله تفوق الوصف تجعله يغوص في سحابة كثيفة من دخان السيجارة التي يشربها بشراسة مع تحول منزله إلى بؤرة توتر.
هذه هي الحالة السائدة في المجتمع اليمني جراء الانقطاعات المتواصلة للكهرباء واستمرارها لأوقات طويلة لأغلب فترات اليوم مما جعل حياة المواطن اليمني في جحيم نفسي وعصبي دائم ألقى بآثار قاتمة على الوضعية العامة للناس اجتماعياٍ واقتصادياٍ ونفسياٍ
وطبقاٍ لخبراء ناقشنا معهم هذه القضية الحساسة الهامة فإن الكهرباء واغلب الخدمات التي تتعرض لأعمال تخريبية مستمرة مرتبطة بحياة الناس بشكل مباشر وخصوصاٍ الكهرباء التي عند انقطاعها المفاجئ ولأوقات طويلة يحدث للكثير انفعال عصبي شديد واضطراب نفسي يظهر في الغالب بشكل اكتئاب مدمر.

يتميز الإنسان اليمني بقدرته الصبر على المعاناة وتحمل المشقات بإرادة وثبات بالإضافة إلى تأقلمه السريع مع الأحداث الأمنية والأزمات الطارئة في شتى المجالات
ويقول نبيل عبدالله الجرباني مدير المركز الأكاديمي للتطوير والتنمية المجتمعية أن المجتمع اليمني يقاوم بشدة الحرب الشرسة التي تمارس ضده من خلال الأعمال التخريبية اليومية للخدمات العامة التعليمية والصحية والنفط والغاز والكهرباء وكل ما يمت بصلة ليستمد منه الإنسان اليمني متطلبات حياته المعيشية لكنه رغم ذلك يتصدى لمختلف هذه الأعمال التي تهدف تدمير المجتمع وتحويله إلى بؤرة توتر وصراعات وفتن .
ويؤكد أن الإنسان اليمني تعرض لهزات عنيفة أثرت على حياته اليومية وخلقت اختلالات عميقة في طريقة تفكيره وإدارته لشئون حياته اليومية والمعيشية أو في التعامل مع أعماله وأنشطته.
ويشير إلى حدوث تشويش كبير في حياة المواطن الذي وجد نفسه مجبراٍ في التعامل مع أعباء معيشية مضاعفة وسط كتلة ضخمة من الإحباط واليأس تولدت فيهم وحدت من قدراتهم العقلية وفي عملية تدبير وتسيير حياتهم اليومية
ويضيف: التغير الآن يتطلب إعادة الثقة للمواطن وبناء قدراته البشرية والإنتاجية وبناء الإنسان بشكل صحيح وفقاٍ لمتطلبات المرحلة القادمة التي تتطلب تفكير |إيجابي وخلق مجتمع متعايش ومنتج.

ظلال قاتمة
يقول الدكتور / ياسين الأهدل أستاذ الاجتماع بصنعاء: إن بلادنا تشهد منذ عامين سلسلة طاحنة من الأزمات السياسية والاقتصادية والأمنية والمعيشية والأعمال التخريبية الضارة ألقت بظلال قاتمة على حياة المواطن اليمني وحدت من قدراته الإنتاجية والمعيشية وأثرت بشكل كبير على القدرات البشرية للناس من شتى النواحي.
ويضيف : قد حان الوقت للاهتمام بالمواطن والنظر للواقع الصعب الذي مر به ويمر به والاهم تركيز الجهود لإعادة الثقة للمجتمع.
ويشير إلى أن الاعتداءات والأعمال التخريبية و تراكم الأزمات المتوالية كونت طبقة كثيفة من اليأس والإحباط لدى المواطن اليمني تتطلب جهود حثيثة من الحكومة وكافة شرائح المجتمع لإعادة هذه الثقة المفقودة للإنسان في هذه البلد.

ضجيج متواصل
أصبح المواطن اليمني في وضع لا يحسد عليه بسبب هذه المعضلة التي يعاني منها منذ فترة طويلة وهي حتى الآن بدون حلول شلت قدراته الحياتية والإنتاجية والاجتماعية والمعيشية وحتى الحلول البديلة أضافت أعباء واسعة معيشية ونفسية نتيجة الضجيج المستمر من تشغيل المولدات الكهربائية التي لا يكاد يخلو منها منزل حيث إن ساعات الانقطاع الطويلة تسبب العديد من الأضرار والتلفيات تؤتي بانعكاسات سلبية على الصعيد النفسي والاجتماعي حيث أن التوتر والنزاعات أصبحت ظاهرة مصاحبة لانقطاع الكهرباء وتضرر المشتقات النفطية وانعدامها.
ويشدد أستاذ علم النفس الدكتور مطهر السهلي على خطورة تأثير ذلك على حياة المواطن الذي أصبح معرضاٍ للإصابة بالقلق والاكتئاب والعديد من الآثار النفسية الأخرى يتعلق بالنفس الإنسانية حيث يشعر الإنسان بالإحباط والضعف والخمول واليأس وعدم القدرة على العطاء والإنجاز وبذل الجهد مما ينعكس على سلوكه مع الآخرين بالإضافة إلى خطورة ذلك على الأطفال الذين يصابون بالحزن والقلق والانفعال.
ويشير إلى أن السمة السائدة حاليا في المجتمع اليمني يغلب عليها طابع التوتر والنرفزة والاكتئاب وهي عوامل متراكمة افرزها واقع تحاصره العديد من المشاكل والأزمات المعيشية والنفسية والاجتماعية.
ويقول أن هناك صراع يومي في المجتمع مع الأحداث اليومية التي تسيطر عليها أنباء وأخبار الاعتداءات على كل الخدمات في المشتقات النفطية والطاقة الكهربائية والتقطعات في الطرقات والكابلات والألياف الضوئية وفي العامين الماضين دمرت مداس ومراكز صحية وتعليمية لكن المحاولات مستمرة للتكيف معها رغم أضرارها النفسية والعصبية الحادة والتي تصيب الحياة الاجتماعية بالشلل التام.

تأثير مباشر
طبقاٍ للدكتور مطهر فأن الكهرباء مرتبطة بحياة الناس بشكل مباشر وعند انقطاعها المفاجئ ولأوقات طويلة يحدث انفعال عصبي شديد واضطراب نفسي يظهر في الغالب بشكل اكتئاب وأعراض أخرى متعددة تضر بالحياة الاجتماعية بصورة عامة.
ويضيف: تخيل ردة فعل عامل في مشغل خدمي أو معمل خياطة مندمج في عمله ومطالب بالتزامات إنتاجية يومية مرتبطة بحياته المعيشة وبقوته اليومي أو طالب يراجع دروسه أو أعمال منزلية طارئة تحتاج للكهرباء أو مثلاٍ مسافر مستعجل ولديه ظرف طارئ ويريد الانتقال من محافظة لأخرى بصورة سريعة وسلسلة وطبيعية لكنه يجد الطريق مقطوعة وهناك قطاع قبلي فيها.
ويوضح أن هذه أمثلة بسيطة توضح ردة الأفعال التي تحدث ونتائجها النفسية السيئة التي تظهر على شكل اكتئاب واضطراب وتوتر متواصل وهبوط شديد في المعنويات وتداخل عوامل عصبية يكون لها طابع ممزوج بأزمات داخلية تؤثر على صحة الناس وطريقة حياتهم ومعيشتهم وتعاملاتهم وإنتاجياتهم.
ويشير إلى أن الكهرباء مرتبطة بحياة الناس ولها آثار خطيرة مدمرة يجب التنبه لها والتعامل معها بجدية لأن استمرار هذا الوضع بالاعتداءات المتواصلة على الكهرباء وقطعها لأوقات متواصلة لأغلب ساعات اليوم تخلق بيئة اجتماعية مشلولة وخاملة ومتوترة.

قد يعجبك ايضا