> الرياض تلوح باسترداد وديعتها
القاهرة/وكالات
على الرغم من الإشارة الإيجابية التي استخلصها البعض من القرار الرئاسي الأخير بالموافقة على مشروع برنامج الملك سلمان لتنمية سيناء، بعد فترة من التوتر الواضح في العلاقة بين مصر والسعودية، إلا أن بعض المتغيرات الأخيرة تذهب في الاتجاه المعاكس، لتعيد الحديث عن اضطراب العلاقات.
وقالت مصادر حكومية إن المملكة لوحت بالمطالبة باسترداد وديعتها لدى البنك المركزي المصري، بقيمة ملياري دولار، والتي وصلت إلى القاهرة في سبتمبر الماضي، وذلك على خلفية عجز الحكومة عن تمرير اتفاقية إعادة ترسيم الحدود البحرية بين البلدين، والتي تشمل التنازل عن السيادة المصرية على جزيرتي تيران وصنافير لصالح السعودية.
وبحسب المصادر، فإن السعودية لا تتوقع، بحسب ما تتلقاه من تقارير، أن تستطيع الحكومة المصرية دفع البرلمان إلى تمرير الاتفاقية، أو حتى طرحها على الاستفتاء وضمان نتيجته، وذلك عقب صدور حكم نهائي من المحكمة الإدارية العليا في 16 يناير الماضي، ببطلان الاتفاقية.
وقال أحد المصادر، إن «الأمر واضح، السعودية قدمت دعمًا اقتصاديًا في أشكال مختلفة اتصالًا بسياق أوسع يشمل نقل السيادة علي الجزيرتين لها، ولكن هذا لم يتحقق، فبدأت في التراجع التدريجي عمّا قدمت. وكان القرار الأول تعليق الدعم المالي الإضافي، ثم وقف الاتفاقية التفضيلية لبيع المنتجات البترولية لمصر، ثم تعليق الحديث عن جسر الملك سلمان، والآن الحديث المباشر عن الرغبة في استعادة الوديعة».
وكان رئيس الحكومة المصرية، شريف إسماعيل، قد أعلن في أكتوبر الماضي، عن تلقي وديعة من المملكة في سبتمبر قدرها ملياراً دولار. وذلك عقب شهرين من تصريح وزيرة التعاون الدولي، سحر نصر، بأن اتفاقية أبرمت في يونيو من العام نفسه، تقضي بإيداع وديعة سعودية لدى البنك المركزي المصري بهذه القيمة.
وأدرجت الجريدة الرسمية في 26 يناير الماضي، عقب عشرة أيام من قرار محكمة القضاء الإداري ببطلان اتفاقية تيران وصنافير، قرار رئيس الجمهورية بالموافقة على برنامج الملك سلمان لتنمية شبه جزيرة سيناء، والمخصص له مبلغ إجمالي قدره مليار ونصف دولار أمريكي، يسدد على فترة 20 سنة بفائدة سنوية قدرها 2%.
ويقسم البرنامج على عدة محاور، الأول يخصص مبلغ 500 مليون دولار لتمويل مشاريع جامعة الملك سلمان، ومشروع محور التنمية وتوصيله بالطريق الساحلي، بالإضافة إلى تمويل 9 مجمعات سكانية. والثاني يخصص مبلغ مليار دولار لتمويل إنشاء تجمعات سكنية ومشروعات زراعية وشبكات طرق سريعة.
لكن المصدر ذاته يعود ويقول إن «هذه الإشارة لن تؤدي بالضرورة إلى رجوع السعودية عن رغبتها في التفاوض لاستعادة الوديعة لأن المساعدة الاقتصادية، بما فيها مشروع الملك سلمان لتنمية سيناء، كانت ترتبط بنقل السيادة على تيران وصنافير».
وتسعى القاهرة لتدبر الأمر لتوفير بدائل في حال ما تم التحرك الجاد في مفاوضات استعادة الوديعة السعودية، وتحدثت مباشرة مع عدد من العواصم الخليجية للمساهمة، كما تسعى أيضًا للحصول على قروض من مسارات أخرى، ولكن أي من هذه المساعي لم يتمخض بعد عن نتائج ملموسة، بحسب المصادر.
وقلل مسؤول مالي، طلب عدم نشر اسمه، من مدى تأثير استرداد الوديعة السعودية على الوضع الاقتصادي، إذ أن هذه الاستعادة ستكون على دفعات وعلى فترات متباعدة.
وفي سياق متصل، أوردت وكالة رويترز للأنباء، يوم الخميس الماضي، أن أربع شركات مصرية عاملة في مجال العقارات قررت إيقاف مذكرات تعاون، كانت قد وقعتها مع الحكومة السعودية، أثناء زيارة الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز إلى القاهرة في أبريل من العام الماضي، وذلك على خلفية التوتر السياسي بين البلدين.
وأوضحت رويترز أن الشركات الأربع هي: مجموعة طلعت مصطفى، وشركة الأهلي للتنمية العقارية، ومصر إيطاليا، وأورينت جروب.
وعلى الرغم من تأكيد رئيس مجلس إدارة شركة الأهلي، حسين صبور، لرويترز على إيقاف العمل بمذكرة التعاون، إلا أنه قال «لمصادر صحفية»، إن تصريحاته لم تنقل بدقة.
ونقلت رويترز عن صبور قوله: «نحن أوقفنا العمل بالبروتوكول مع وزارة الإسكان السعودية، خوفًا من التوتر السياسي بين البلدين». فيما عاد وقال لـ «لمصادر صحفية» إن «العمل بالبروتوكول لا يزال ساريًا. نحن فقط لدينا العديد من الأعمال في مصر في الوقت الحالي ولا نريد الخروج من السوق، لذلك قررنا تأجيل العمل في السعودية، في نهاية الأمر، البروتوكول الموقع لا يضع سقفًا زمنيًا ملزمًا لبدء الأعمال».
هذا غير أن شركتين أخريين من الشركات الأربع أكدتا لرويترز الأنباء عن وقف العمل بمذكرات التعاون هذه. حيث نقلت الوكالة عن نائب رئيس شركة مصر إيطاليا محمد العسال قوله إن «الاتفاقية تم إلغاؤها لعدم تعاون الجانب السعودي، الذي أوقف الاتصال معنا منذ يونيو الماضي».
وبدورها، أكدت شركة أوربيت المعلومات عن وقف العمل، في الوقت الذي لم تصدر مجموعة طلعت مصطفى أي توضيحات للأمر.
كانت شركة أرامكو السعودية أبلغت الحكومة المصرية في أكتوبر الماضي رسميًا بتوقف إرسال الشحنات البترولية المتفق عليها دون توضيح أي أسباب لذلك، الأمر الذي دفع الحكومة المصرية إلى استيراد بدائل للشحنات السعودية من أسواق أخرى.
وصعدت حالة التوتر بين مصر والسعودية إلى السطح خلال الشهور الأخيرة على خلفية الخلاف في موقف البلدين من القضيتين السورية واليمنية. بالإضافة إلى صدور الحكم النهائي من القضاء الإداري ببطلان توقيع اتفاقية ترسيم الحدود البحرية بين البلدين والتي تتضمن التنازل عن السيادة على جزيرتي تيران وصنافير.