الأمبراطورية التي فقدها سلمان في اليمن
عبدالوهاب الضوراني
سلمان لم يفقد الامبراطورية الوهابية والوهمية التي كان يحلم دائما في إقامتها في اليمن والتي أقام غيرها الكثير أيضا من الامبراطوريات الأخرى في العديد من الأقطار العربية التي أكتوت شعوبها بنارها كالعراق وليبيا وسوريا وأخيراً اليمن والتي فقدها وخسرها الآن دفعة واحدة كما فقد أيضا آخر قطرة من ماء الوجه في حربه العلنية والعبثية والانتقامية التي يشنها مع حلفائه من النفايات والمهجنين والعناصر التكفيرية المتطرفة والمتعطشة للدماء التي يتوكأ عليها في خوض هذه الحرب أو تلك التي كان سلمان لا سلمه الله يشعل وقودها ويفتح جبهاتها ليس في اليمن فحسب وإنما في مختلف البلدان الآسيوية والأفريقية وفي الأمريكيتين أيضا وكان وقودها الناس والحجارة والتي أصبحت سمعته بسببها أمام العالم بجلاجل وفي الوحل.
هذا الكلام وغيره من الاعترافات الأخرى والكثيرة التي تم التحفظ عليها لم يأت هباء أو من باب الصدفة أو الإساءة أو التهويل أو أو وانما جاء شفهيا وكلمة كلمة على لسان وزير خارجيته الشيخ عادل الجبير شخصياً والتي أدلى وتشدق به عيني عينك في مؤتمر صحفي عقده مؤخراً في الدوحة عاصمة قطر ونقلته حرفيا وكالتها الرسمية كما تناقلته أيضا العديد من الفضائيات والاقمار الصناعية والمفارقة المثيرة للجدل وللعجب في الموضوع برمته إن ما فاة وتشدق به الوزير السعودي وجاء على لسانه حرفا حرفا وكلمة كلمة في ذلك المؤتمر أنه قال وبالحرف الواحد أيضا إن بلاده لم تكن تتوقع أو تتخيل ويخطر ببالها على الاطلاق أن الحرب الشرسة والطائشة التي تشنها بلاده ومنذ أمد بعيد ضد اليمن وأبنائه ووحدته وسيادته الوطنية وسلامة أراضيه والتي استخدمت فيها كل وسائل الإبادة وأسوأ أسلحة العصر فتكا أيضا أن أمدها سيطول كل هذا الوقت الضائع واللامعقول وأن الرهان الذي كان معقوداً وقائماً كشرط من شروط التسوية والموافقة على الهدنة ووقف اطلاق النار بين الطرفين وإعادة السيوف ثانية إلى اغمادها قد سقط الآن وأنهار كليا أمام الصمود الاسطوري والمفاجئ للجيش اليمني واللجان الشعبية التي وصفها الوزير السعودي في ذلك المؤتمر التي بثت مداولاته على الهواء مباشرة بالأسطورة والإعجوية الثامنة من عجائب الدنيا السبع والذين ضربوا بذلك الصمود العجيب والذي لا يصدق وتفانيهم المطلق في المقاومة والتصدي والدفاع عن الوطن وحياضه وسلامة اراضيه مثلا رائعا وغير مسبوق كل هذا الوقت الطائل الذي لم يكن في الحسبان أو في كفة المعادلة والجاهزية القتالية وأن موازين القوى في كفة القتال قد اختلت الآن وانقلبت حساباتها أيضا رأسا على عقب وأن الخروج من نفق الحرب المظلم أصبح الآن مسألة حتمية ومسألة وقت أيضا.
طبعا تصريح خطير وشفاف كهذا ومن مسؤول كبير في الدبلوماسية السعودية مثل الجبير له أكثر من دلالة وأكثر من علامة استفهام أيضا ويعطي انطباعا مبدئياً وقاطعا بأن السعودية أصبحت تتلكأ الآن وتناور في أرض مكشوفة وفوق رمال رخوة ومتحركة وأن سلمان يتعلق الآن فوق حبال هشة وأوهى من بيت العنكبوت من أجل التوصل بأي وسيلة وبأي ثمن لوقف طاحونة الحرب التي ابتلعت في أحشائها الأخضر واليابس على الأرض وفوق اليابسة لماذا..؟ لأن امبراطور الرياض وآخر الفهود واحفاد آل سعود سلمان توصل أخيراً وبعد فوات الأوان إلى قناعة تامة ونوع من الاستسلام أيضا والامتثال للأمر الواقع بأنه عندما كان ينفخ في كير تلك الحرب الجدلية وأوارها ويعزف على أوتار إيقاعاتها إنما كان ينفخ في قربة مخروقة وأوتار هشة وممزقة وأنه كان يواجه رجالا أشداء اثبتت التجارب على مر العصور وتعاقب الحروب أنهم ذو قوة وذو بأس شديد كما جاء في القرآن الكريم ووطنا صامد صمود الجبال الرواسي التي تعانق هاماتها عنان السماء لا تلين لأبنائه في الحروب وفنون القتال قناة وان حلفاءه والمتورطين معه في مستنقع تلك الحرب القذرة والملطخة بدماء الشهداء والأطفال الأبرياء يحملونه الآن أوزارها ومسؤولية اتخاذ قرارها من تلقاء نفسه وأنه أصبح لا خيار أمامه الآن طالما والأمر كذلك سوى التسليم بالهزية والامتثال أيضا للأمر الواقع والبحث من الآن فصاعداً عن حلول استسلامية بلا شروط تؤدي للتوصل إلى تسوية وتسوية عاجلة تخفظ له ما تبقى من ماء الوجه.. ومن الكرامة أيضا.