اشواق مهدي دومان
تلك التي التحقت بعائلتي لتكون توأماً سرمديّاً لأخي ،وقد تنفّست حبا وحنانا وعطفا وجودا لأخي فكانت زوجه و النّعمة الدّنيويّة بصلاح دينها واستقامة خلقها ودماثة ولين وكمال أدبها ،فلماذا لا أحبّها ؟؟
تلك التي انضمّت لبيتنا وأسرتنا وتركت والديها وإخوتها وعُشّ أبيها الكريم ،فكيف لا أحبّها ولكن :
هل كلّ من تلتحق (بعائلة ) باسم زوج الأخ تستحقّ هذا الصّدق في حرفي والذي ما خرج إلا وهو يعلم طريقه وقد تخلل عضلة اللسان وكتبته أناملي وجاش به وجداني ،بأنّي أحبّ تلك المرأة وأفسح لها مكانا عليّا في الرّوح ولو قلتُ أنّها احتلت مراتب أخواتي لعلت عليهن….
لا أريد للعين أن تصيبها أو يدخل شياطين الإنس ليفسدوا ما أصبح قويّا متينا صعب انكساره بيننا…
وجدتها زوجا صالحة وحصنا ودفئا وجنّة لأخي ..
وجدتها بنتا لأبي الذي فارقنا وهو يدعو لها كما يدعو لنا..
وجدتها بنتا لأمّي تسد ثغرة زواج بناتها وتعوّضها بقربها..
وجدتها أمّا رائعة لأبناء أخي ..
وجدتها لي صديقة صادقة منصفة، غير متلوّنة..
و عشقتُ فيها الروح الصافية المرآويّة: تبصّرني بخطئي ،تنصحني، تردّني إن بدر منّي أي تهوّر، تحزن لحزني وتفرح لفرحي..
(تنقل عنّا) لأخي كلّ جميل وكل ما يعمّق الوداد والأخوّة بيننا ، وتتغاضى عن زلّات تحدث بين الأخوات ومواقف طفيفة قد تستغلها امرأة أو زوج أخ لتشبّع قلب الأخ وتثير البغضاء ،والكره ، والبعد بين الإخوة والأخوات ، فبعضهن تكبّر الأمور وتضخّمها و…و…و…الخ بكذب وتدليس المرأة؛ خاصّة وقد ضمنت امتلاكها قلب زوجها واستيلاءها عليه…
ولكنّها غير كلّ النّساء ويكفيها: صدق لفظها ووضوح قصدها وصفاء نفسها ..
كريمة ،بل هي مدرسة الكرم ،متشّبعة به ،غير مستأثرة بجيب زوجها وكما يقال : متغلّية ،والتّغلي هنا هو الأنانيّة ،بل إنّها تشجّعه على البذل للجميع، على عكس بعضهن ممن لديهن فقر في النّفس…
– يكفيها : أنّها لا تنقل أسرار بيتها ولا تخرج حرفا واحدا من هذا البيت أو العُشّ ،لتكون روحا أصيلة فيه وعمودا قويا يشتد به أزر أسرة من التهاوي والتّداعي للهلاك لو كان العكس….
فلماذا لا أحبّها وهي حافظة سِرّي و صديقتي الأقرب لي من أختي التي أجدها في دنيا بيت زوجها الذي يأخذها بسنّة الحياة ؟؟.
وهو عهد بأنّي لن أميل عن إخلاصي لها كأنموذج للجنّة وما أجمل أن تحمل الجّنة صفتين لقب بهما الرسول الأعظم …
فما أجمل الصّدق والأمانة وبهاتين أكتفي لأقول:
ولماذا لا أحبّها ؟؟
وقد انعكست فيها روح وأخلاق أخي الذي كان ، وسيظل مدرستها الأرقى والأسمى حين انتمت إليه فكان أباها وأخاها وزوجها وصديقها وقبل كلّ شيء ،كان أستاذها بعد أبيها وأمها اللذينِ تربّت ونشأت في حضنيهما واستقت كلّ مبادِئها ،وحان دور أخي الذي ما كان سوى قدوة وأنموذجا للرجولة..
نعم : فهو أستاذها حين التحقت به كنصفه الآخر، فلم يظلمها بجبروته ولم يظلمها بسوء توجيهه، وكما قلت فكل زوج هو مدرسة ومعهد وجامعة تكمل مشوار الأبوين ،و قد يكون الزّوج هو المدرسة الأولى للمرأة حين يحسن إليها و يغرس كلّ قيمه التي يريدها في أبنائه من أول يوم تأتي إليه فيه …
وفعلا : الزوجة مرآة لزوجها ، ولا تصدّقوا أنّ المرأة تؤثر في الرجل أكثر منه؛ و إلا لكان سمح بزواج المسلمة من كِتابي ،بينما سمح للمسلم الزواج من كتابيّة..
لهذا : لا يبرّر أي زوج ضعف قيمه وشخصيته ، بأنه غير قادر على توجيه زوجه كما يشاء..
والسّلام…