الاعلام التقليدي والجديد وحدة واحدة في مكافحة الفساد
عبدالعزيز الحزي
تعد وسائل الإعلام بمختلف إشكالها سواء منها التقليدية المقروءة والمسموعة والمرئية (الإذاعة والتليفزيون والصحف والمجلات وغيرها) ،أو وسائل الإعلام الجديدة من إنترنت ووسائل تواصل اجتماعي مثل المدونات والمدونات المصغرة (مثل تويتر وسينا ويبو)، ومواقع شبكات التواصل الاجتماعي مثل الفيسبوك ومواقع تبادل الفيديو مثل اليوتيوب وغيرها هي العين الفاحصة في الوقت الحالي التي ترصد وتعكس حقيقة ما يجري على ارض الواقع في كل مجتمع وهو الأمر الذي يتطلب إعطاء الإعلام التقليدي قدرا من الحرية حتى يستطيع التحرك، وباحترام الإعلاميين هذه الحرية في البحث عن الحقائق والوصول الى مجتمع نظيف نوعا ما بعيدا عن المصالح الشخصية.
وعلى كاهل وسائل الإعلام باعتبارها تمثل السلطة الرابعة المكملة للسلطات الثلاث(التنفيذية والتشريعية والقضائية) تقع مسؤولية تاريخية في مكافحة الفساد بجميع أشكاله في المجتمع ، وبالتالي فهي تشكل سلطة شعبية تعبر عن ضمير المجتمع وتحافظ على مصالحه الوطنية.
وباعتبار الفساد موجود اًفي أي مجتمع أو دولة حتى في دول أنظمتها ديمقراطية الا ان الانظمة غير الديمقراطية تعتبر حاضنة قوية وخصبة للفساد أكثر من هذه الانظمة الديمقراطية من الناحية النظرية لأن الانظمة الديمقراطية تكون في ظلها السلطات متوازية ومستقلة، وممارسة الفساد في النظام الديمقراطي عملية صعبة وخطرة وذات نتائج غير مضمونة للفاسدين .
ولقد أصبحت وسائل الإعلام الحديثة، في الكثير من البلدان، هي إحدى أكثر المنصات حيوية لما تتمتع به هذه الوسائل من ميزة تتيح لأي شخص أن ينشر رأيه في المدونات والمدونات المصغّرة، وأن يتبادل الروابط ويرسل رسائل البريد الإلكتروني ويمررها وينشئ المواقع الإلكترونية وبما يتيح للناس متابعة التطورات الديناميكية والتي تتغير باستمرار ،لما تتتمع به هذ الوسائل من حرية أكثر، وصعوبة الرقابة عليها أو إسكاتها،نظرًا لعدم قدرة الحكومات على وقف “تراخيص” المدونين بسهولة، أو اقتحام مكاتب مستخدمي تويتر أو توجيه الاتهامات لشخص لنشره روابط على الفيسبوك.
وللإعلام بكافة أشكاله تأثير مباشر على اتجاهات وأمزجة أفراد المجتمع وذلك من خلال قدرته على الوصول الى قطاع كبير من الناس ومخاطبة جماهير عريضة في وقت واحد وهذه خاصية يتميز بها الإعلام الجماهيري بما يمكنه من التوجيه الجماعي نحو هدف أو قضية معينة وله أيضا قدرة كبيرة وغير عادية على مكافحة الفساد لكن هذه القدرة تتطلب حق الحصول على المعلومات وعلى بث ونشر هذه المعلومات.
ويجب أن تتوجه الدولة بكافة مؤسساتها الحكومية وإعلامها نحو معركة حقيقية طويلة الأمد ضد الفساد تتكامل فيها الأدوار، فالإعلام من دون تكاتف وتعاضد السلطات الأخرى الى جانبه لا يستطيع مكافحة الفساد في هذه المعركة وحده فلابد من التعاون والتكامل بين جميع مؤسسات الدولة ومعرفة الدور الذي يجب أن تقوم به كل جهة .
فالإعلام يناط به كشف الحقائق ورصد صور الفساد في حين تقوم الجهات الحكومية بالتعاون مع وسائل الإعلام وعدم اخفاء المعلومات اللازمة عن الإعلاميين من قبل مؤسسات الدولة وخاصة الحكومية وضمان حرية الإعلام وحق الوصول الى المعلومة الذي يعتبر من الأمور الضرورية لمكافحة الفساد مما يفتح المجال واسعا امام الإعلام في ممارسة دوره المطلوب عن طريق الالتزام بالموضوعية في تقديم المعلومات.
ولما كانت البطالة والتضخم وانخفاض متوسط دخل الفرد والتلاعب بالأسعار الخاصة بالسلع الاستهلاكية تعبر في بعض الأحيان بشكل أو بآخر عن البعد الاقتصادي لظاهرة الفساد من حيث أن معظم الأسباب المؤدية إلى هذه المشاكل تكون وفق تخطيط اقتصادي يستفيد منه بعض الأفراد، إلا أن الإعلام يجب أن يوضح للناس الفرق بين الأسباب المرتبطة بالتطور الاقتصادي والأسباب المرتبطة بالفساد الاقتصادي، كما أنه في المقابل عليها أن لا تهمل الأنواع الأخرى للفساد ومنها الفساد السياسي والاجتماعي والإعلامي.
فالفساد وإن كان يعمل على زيادة الفوارق بين الطبقات في المجتمع عبر زيادة الفجوة بين الطبقة الفقيرة وطبقة الأثرياء واضمحلال الطبقة الوسطى، إلا أن خطورة الفساد في الجانب الاجتماعي هو إباحة هذه الظاهرة والتعايش معها بين أفراد المجتمع على أنها مسألة طبيعية لا يمكن الوقوف ضدها، لذلك فإن الإعلام عليه أن يلعب دوراً في عملية ازدراء الفساد والمفسدين، وإشاعة ثقافة المقاومة لهذه الظاهرة وأن المجتمع يمتلك قوة الردع لها إذا استخدم الوسائل المناسبة التي يمتلكها.
وعلى سائل الإعلام أيضا عدم إباحة مظاهر الفساد وعدم استخدام المصطلحات التي ينشرها المفسدون بهدف التعايش معها بين أفراد المجتمع، ولكن يجب فضحها ووضع التسمية الحقيقية لها كونها «رشاوى سياسية».